أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

عراقيون يصفون وعود الحسناوي عن الضمان الصحي بـ “اللغو” الفارغ

وزارة الصحة ينخرها الفساد وتدير مستشفيات تحولت إلى مجاز طبية، مما دفع المرضى للعلاج في الخارج.

بغداد – الرافدين
وصفت كوادر صحية وأعضاء نقابات وعود صالح الحسناوي وزير الصحة في حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني، بشأن تفعيل قانون الضمان الصحي وتحسين الصناعات الدوائية بـ “اللغو” المكرر والوعود الفارغة البعيدة عن التحقيق.
ويحمل عراقيون الواقع المتدهور للقطاع الصحي إلى الفساد وإهمال الحكومات المتعاقبة، حتى أصبح أغلب المرضى ينفقون مدخراتهم في العلاج خارج العراق بسبب سوء خدمات المستشفيات الحكومية.
وزعم الحسناوي أن قانون الضمان الصحي كان يفترض أن يقدم خدماته في العام 2021، من دون أن يوضح أسباب أمام التزام الحكومة به.
ووعد بتطبيق الضمان الصحي في الأول من شهر تموز المقبل، على أن تكون المرحلة الأولى تجريبية على 300 ألف مواطن.
غير أن أغلب المتفائلين لا يرون في وعود وزير الصحة في حكومة الإطار التنسيقي، أي أمل واقعي، تحت وطأة الفساد الذي ينخر وزارة الصحة منذ أول حكومة شكلت بعد الاحتلال الأمريكي عام 2003.
وكان البرلمان أقر قانون الضمان الصحي في تشرين الأول 2020، مع إلزامية تطبيقه خلال ستة أشهر بعد المصادقة عليه في شباط 2021.
ولم يطبق القانون بسبب صراعات الأحزاب على المغانم والأزمات السياسية والمماطلة في إقرار الموازنة العامة.
ولا تعد تصريحات وزير الصحة في الحكومة الحالية عن تحسين الواقع الصحي وتقديم الرعاية الطبية للعراقيين، جديدة على المسؤولين الحكوميين، فالسوداني بعد تسلمه السلطة وبعد زيارة لمستشفى الكاظمية التعليمي والإطلاع سوء الخدمة قال في فيديو، “الله لا يوفقنا على هذه الخدمة” وسخر عراقيون من هذه العبارة واعتبروها استياءًا كاذبًا لأن سوء الواقع الصحي ليس مستغربًا بعد إهمال متعمد من الحكومات المتعاقبة.
ويرى مختصون أن هناك جملة تحديات ستواجه تنفيذ القانون منها ضعف قواعد بيانات الفئات المستهدفة، فضلا عن ضعف الحوكمة الإلكترونية وتحديد حجم الفئات المستثناة، وحجم الفجوة المالية المتوقعة بداية تطبيق القانون. فضلا عن الفساد وتصارع الأحزاب على المغانم في وزارة الصحة.
وسبق وأن قال نقيب الأطباء العراقيين جاسم العزاوي أن قانون الضمان الاجتماعي يواجه تحديات ومعرقلات حقيقة تحول دون تطبيقه والعمل به.

الدكتور جاسم العزاوي: قانون الضمان الاجتماعي يواجه تحديات ومعرقلات حقيقة تحول دون تطبيقه والعمل به

وقال إن الحاجة ماسة إلى جهود تثقيف طبي وإعلامي بالقانون، وطالب الحكومة بتهيئة متطلبات القانون ومشاركتها في التمويل اللازم.
ويشهد القطاع الصحي في العراق ترديًا مستمرًا بعد 2003 بسبب سرقة الأموال المخصصة لبناء المستشفيات وتطويرها ما جعل مستشفيات العراق من بين الأسوأ عالميًا.
وتعد وزارة الصحة من بين أكثر الوزارات فسادًا، وطالما كشفت صفقات شراء معدات غير لازمة وإهمال تغطية الحاجات الأساسية التي يفترض توفرها في المستشفيات.
وكشفت تقارير حكومية أن تكاليف سفر العراقيين لتلقي العلاج في الخارج تقدر بمبلغ يتراوح بين 750 مليونًا إلى مليار دولار سنويًا بسبب تهالك المستشفيات العراقية وخلوها من المعدات الطبية المتطورة، إضافة لتهالك هذه المستشفيات وسوء الخدمة فيها.
وكان السوداني قد وعد بإنهاء ظاهرة سفر العراقيين إلى الخارج لغرض العلاج وذلك أثناء افتتاحه مستشفى السيّاب التعليمي في البصرة، غير أن مختصون في القطاع الصحي وصفوا كلام السوداني بمجرد دعاية إعلامية لا أكثر.
ويؤكد الدكتور عرفان يونس الشمري أخصائي طب الطوارئ أن “المستشفيات الحكومية في العراق تحتضر بسبب نظام المحاصصة الذي تسبب بشلل مؤسسات الدولة وانعدام التنمية”.

الدكتور عرفان يونس الشمري: المستشفيات الحكومية في العراق تحتضر بسبب نظام المحاصصة الذي تسبب بشلل مؤسسات الدولة وانعدام التنمية

وأشار الشمري في حديثه لقناة “الرافدين” بأن “تراجع الخدمات الطبية المستمر بالعراق حتى وصل من بين الأسوأ عالميًا جعلت العديد من العراقيين يختارون العلاج خارج البلاد بعد أن انعدمت ثقتهم بالنظام الصحي داخل العراق”.
وأضاف بأن “نحو 62 ألف مريض عراقي تعالج في مستشفيات الهند في عام 2022 فقط بسبب انعدام الرعاية الصحية والطبية داخل البلد”.
ويناقض حديث الحسناوي عن تحسين الصناعات الدوائية وجود مصانع للأدوية متوقفة بسبب الإهمال والفساد الذي جعل العراق يعتمد على الاستيراد.
وكان نقيب الصيادلة في مصطفى الهيتي قد أكد وجود نحو 20 معملًا لإنتاج الأدوية، إلا أن المصانع العاملة فعليًا لا تتجاوز 10 معامل لأسباب تتعلق بالبيئة الاستثمارية في العراق وموضوع البنى التحتية.
ويعاني العراقيون من أزمة الدواء وتهريبه وارتفاع أسعاره، كما تعاني المستشفيات الحكومية من نقص حاد بالأدوية فيتحمّل أهل المرضى تكلفة شرائها من الصيدليات الخارجية لقاء مبالغ كبيرة.
وتسد الأدوية المستوردة نحو 85 بالمائة من حاجة السوق في العراق بينما تغطي الصناعة المحلية 15 بالمائة فقط.
وسبق أن كشف تقرير للمعهد الملكي البريطاني “تشاثام هاوس” عن فساد غير مسبوق في قطاع الأدوية في العراق، مشيرًا إلى أن 30 بالمائة فقط من الأدوية الموجودة في الصيدليات صالحة طبيًا، أما الأدوية الأخرى فهي على الأغلب مزيفة أو منتهية الصلاحية.
ووفق التقرير، فإن منظومة الفساد تحقق أرباحًا سنوية تعادل 5 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي للعراق وتقدر بنحو 7 مليارات دولار، بحسب معلومات حصل عليها المعهد من مسؤولين حكوميين.
وأشار التقرير إلى مشاركة وزارات النقل والداخلية والمالية والتخطيط في عمولات عقود وتراخيص بالنيابة عن الأحزاب وصفقات توريد أدوية من شركات غير مسجلة أو استيراد أدوية غير مرخصة من قبل وزارة الصحة التي بدورها تضم موظفين تابعين لأحزاب سياسية متنفذة وميليشيات مسلحة، يسهلون عملية إدخال الأدوية الفاسدة إلى العراق.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى