أخبار الرافدين
ماجد الجميلي

تغيير التغيير الزائف نتيجة حتمية عراقية

تحل الذكرى العشرون لفاجعة احتلال وتدمير العراق عام 2003. والعراق الجديد في قاع الحضيض على كل المستويات فهذا العراق الذي سلطت عليه الولايات المتحدة شرذمة ضالة ومنحرفة كانت تسمى المعارضة العراقية لتحكمه بفكر طائفي مريض ومشوه
ونزعات ثأر تاريخية ومليشيات وفرق موت خاصة، لم يتحول إلى واحة الديمقراطية في منطقة محتشدة بالديكتاتوريات والأنظمة المستبدة والمفارقة أن معظم هذه الأنظمة هي أنظمة حليفة وصديقة لأمريكا.
ولم تهب منه رياح الديمقراطية والحكم الرشيد على هذه المنطقة كما روجت وسائل إعلام غربية متطرفة وجوقة المحافظين الجدد في إدارة بوش عشية التحضير لغزو العراق استنادًا لمبررات زائفة عن علاقة مكذوبة للنظام السابق بالمنظمات الإرهابية أو حيازة أسلحة تدمير شامل التي تهدد العالم الحر والتي لم يعثر على أي منها لاحقًا..
بل أصبح العراق بعد العام 2003 مرتعًا لمختلف المليشيات الطائفية المرتبطة عقديًا بولاية الفقيه الإيرانية وفرق الموت الخاصة التي أنشأها السفير الأمريكي السابق جون نيغروبونتي في بغداد لتكون رديفًا عسكريا للقوات الأمريكية في استهداف حواضن المقاومة العراقية الاجتماعية التي كانت منخرطة في معارك ضارية ضد الجيش الأمريكي وإشغالها بمعارك جانبية عن معركتها الرئيسة مع جيش الاحتلال وقوى العملية السياسية الطائفية، إضافة إلى ما يسمى قوى الإرهاب المعروفة التي شرعت قوات الاحتلال لها الأبواب كافة لتتوغل داخل العراق.
كما صار العراق ذو الصبغة السياسية الأمريكية والإيرانية يتبوأ منصات الفساد الحكومي الأولى في العالم وفق مؤشر الشفافية الدولية وباتت بغداد تصنف باعتبارها أقذر عاصمة في العالم.
دعك عن التفكك المجتمعي واعتلال المجتمع العراقي بمختلف الأمراض والتشوهات والانحرافات مثل النسب الهائلة للإدمان على المخدرات وتحطيم أواصر الأسرة العراقية وشيوع ظاهرة الطلاق والاتجار بالبشر وغيرها من الأمراض الأخرى وتهشيم مرتكزات الهوية العراقية الجامعة وإحلال هويات طائفية وعرقية وجهوية بدلًا منها.
فقد العراق أي مظهر من مظاهر السيادة الوطنية وهيبة الدولة منتهيًا إلى دولة هشة وفاشلة فأراضيه عرضة يومية لقصف دول الجوار بذرائع شتى كما أنها صارت معسكرات ومعاقل للتنظيمات العسكرية الأجنبية التي تهدد العراق وجواره فضلًا عن علاقتها العضوية والتي لم تعد سرًا بمليشيات الحشد تمويلًا وتسليحًا مثل منظمة “بكاكا” المصنفة بكونها منظمة إرهابية.
هذا في الجانب المظلم من صورة العراق الجديد أما في الركن المشرق من هذه الصورة فهو أن هذا الاحتلال لم يكن موضع ترحيب من الشعب العراقي أو معظمه على الأقل فمنذ اليوم جوبه بمقاومة وطنية عراقية اثخنت فيه الجراح وكبدته خسائر بشرية من جنوده وأخرى مادية هائلة ولم تتوقف الحراكات الشعبية المناهضة له بداءً من التظاهرات الأولى في مدينة الفلوجة وثورة 25 شباط 2011 واعتصامات المحافظات المنتفضة وصولًا إلى ثورة تشرين عن 2019 التي كانت بمثابة الرصاصة الأقوى والأمضى ضد النهج الطائفي لقوى العملية السياسية وبسبب خطورة شعارات وطروحات هذه الانتفاضة الشبابية على العملية السياسية والتي دوت في آفاق العراق المختطف “أمريكيًا وإيرانيًا” تعاملت معها قوى السلطة وميلشياتها بوحشية مفرطة فقتلت أكثر من ألف من شبابها وأصابت 30 الفًا آخرين لكن هذه الثورة الشبابية ذات الهوية الوطنية الخالصة وما سبقها من حراكات شعبية ضد الاحتلال ومشروعه السياسي أصبحت فكرة وطنية حية ومستمرة رغم القمع والبطش والتنكيل لحلم كبير باستعادة الوطن من أنياب ضباع الداخل والخارج التي نهشته وأهله بلا رحمة أو ضمير أو انتماء له وأحالته ركامًا ورمادًا وشردت معظم أهله بدون استثناء وقسمت البقية على المقابر الجماعية والسجون السرية والعلنية وفي المنافي والأصقاع.
هو حلم وأمل باجتثاث هذا التغيير المتوحش والدموي ومحوه من تأريخ العراق وذاكرة أهله الوطنية باعتباره حقبة سوداء ومخزية وليس تغييرًا ديمقراطيًا محل فخر واعتزاز كما يضلل الضالعون في هذه الجريمة الكبرى.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى