أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

مقترح العقوبات البديلة باب جديد لابتزاز المعتقلين في العراق

حكومة الإطار التنسيقي تعمل على شرعنة الابتزاز المالي من خلال مقترحات لا تحل أزمة اكتظاظ السجون، بل قد تدفع الفاسدين إلى زج المزيد من الأبرياء في المعتقلات.

بغداد ــ الرافدين
أثارت التصريحات الحكومية التي تذرعت بمعالجة مشاكل السجون في العراق من خلال تطبيق العقوبات البديلة، مخاوف الناشطين والمنظمات المعنية بحقوق الإنسان من شرعنة ابتزاز المعتقلين ومفاقمة معاناتهم.
وكشف مستشار رئيس مجلس الوزراء لحقوق الإنسان زيدان خلف، عن وجود مقترح لإصلاح السجون والتخفيف من الاكتظاظ عبر تنفيذ العقوبات البديلة والتي تتمثل بدفع السجين بدلًا ماليًا من الثلث الأخير لمحكوميته مقابل الإفراج عنه.
فيما شكك مراقبون بالنوايا الحكومية في تطبيق العقوبات البديلة داخل السجون والتي تدفع لاستغلال المعتقلين بمبالغ طائلة مقابل إطلاق سراحهم.
ويرى مراقبون أن الحكومة تعمل على شرعنة الابتزاز المالي داخل السجون من خلال مقترحات لا تحل أزمة الاكتظاظ، بل قد تدفع الفاسدين داخل النظام الأمني والقضائي إلى زج المزيد من الأبرياء بهدف سلب الأموال من المعتقلين.
وأشاروا إلى أن هناك الكثير من الحلول المنطقية لحل أزمة المعتقلين في العراق دون اللجوء إلى خطة العقوبات البديلة.
وشددوا على أن حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني لا تكترث لحل مشاكل السجون أكثر من غايتها في نهب المال والضغط على المعتقلين وذويهم.
وشهدت البلاد بعد 2003 زج آلاف العراقيين داخل السجون، بسبب التهم الكيدية أو ما يعرف بالمخبر السري. واندرجت غالبية تلك القضايا التي أثيرت ضدهم في إطار العداوات الشخصية والتصفيات السياسية والطائفية، وسط أجواء غير صحية داخل السجون وانتزاع اعترافات تحت وطأة التعذيب.
وقال المتحدث الرسمي لوزارة العدل كامل أمين، إن نسبة الاكتظاظ بالسجون وصلت إلى 300 بالمائة، لافتًا إلى أن الطاقة الاستيعابية تتجاوز الـ 25 ألف سجين، وهناك أكثر من 60 ألف معتقل داخل السجون الحكومية ومن الصعب السيطرة على هذه الأعداد.
وأقر أمين بوجود انتهاكات ومخالفات كثيرة من قبل السجانين عن طريق إدخالهم الممنوعات وابتزاز المعتقلين، مؤكدًا عزل أكثر من عشرين موظفًا بسبب مخالفة القانون.
وأقر مستشار السوداني لحقوق الإنسان زيدان خلف، بورود العديد من الشكاوى عن حدوث حالات انتهاكات في السجون الحكومية، مؤكدًا تلقى مكتبه أكثر من 3 آلاف شكوى حالات التعذيب موثقة بحسب تقارير الطب العدلي.
وتؤكد التقارير المحلية والدولية، على أن انتهاك حقوق الإنسان بات سلوكًا ممنهجًا في السجون الحكومية، بالوقت الذي تكرس فيه السلطات ظاهرة الإفلات من العقاب.
وتتصاعد المناشدات الحقوقية المحلية والدولية لإيقاف الانتهاكات داخل السجون الحكومية والتي تعاني إهمالًا كبيرًا وغيابًا للدور الرقابي من قبل الجهات المعنية، في وقت يجري الحديث عن سيطرة بعض الجهات السياسية على السجون.
وتشهد السجون في العراق تعذيبًا نفسيًا وجسديًا، يتفنن فيه السجانون بإذلال المعتقلين وتعنيفهم، وسط غياب أبسط الحقوق لهؤلاء الضحايا وفق ما تؤكده تقارير حقوقية وشهادات الضحايا أنفسهم.
وكشف المركز العراقي لتوثيق جرائم الحرب في تقرير له، عن احتجاز السلطات الحكومية عشرات الآلاف من المعتقلين في ظروف غير إنسانية، بوضعهم في زنازين مكتظة وغير مهيأة صحيًا لسنوات عدة بدوافع انتقامية وطائفية.
وذكر أن الظروف الصحية معدومة داخل المعتقلات، وأنها ذات درجة حرارة ورطوبة عاليتين، مما يؤثر على صحة المعتقلين بشكل مباشر.

الدكتورة فاطمة العاني: مقترح العقوبات البديلة هو سلسلة مكملة للنهج الحكومي المتبع في انتهاك حقوق الإنسان داخل السجون
وقالت مستشارة المركز العراقي لتوثيق جرائم الحرب الدكتورة فاطمة العاني إنه لا توجد مؤشرات على نية الحكومة في العراق منع أو معاقبة من يقوم بالتعذيب في السجون وحديث معاقبة المتورطين إعلامي.
وأضافت العاني خلال مداخلتها مع قناة “الرافدين” أن المقترح الحكومي لتطبيق العقوبات البديلة هي طريقة جديدة لابتزاز المعتقلين داخل السجون، مشيرة إلى وجود عمليات بشعة لاستغلال المعتقلين ونهب الأموال، بل وصلت إلى حد المساومة على شرف ذويهم.
وأكدت على أن مقترح العقوبات البديلة هو سلسلة مكملة للنهج الحكومي المتبع في انتهاك حقوق الإنسان داخل السجون.
وتتصاعد حوادث وفيات المعتقلين داخل السجون الحكومية، نتيجة عمليات التعذيب والإهمال الطبي وحشر المعتقلين في زنازين لا تسع لأعدادهم ما يسمح بتفشي الأمراض بينهم.
وبحسب مصدر أمني في ذي قار، أن معتقلًا من أهالي مدينة الموصل يبلغ من العمر 26 عامًا توفي داخل سجن الناصرية المركزي المعروف بسجن الحوت دون ذكر سبب الوفاة.
ويعد ملف السجناء بالعراق من الملفات المعقدة حيث تعاني السجون من إدخال للممنوعات وانتهاكات وخروقات واكتظاظ، ولا توجد إحصائية رسمية لعدد السجناء في البلد، ولكن أرقامًا متضاربة تؤكد أنها تقترب من مائة ألف سجين تتوزع على سجون وزارات العدل والداخلية والدفاع، إضافة إلى سجون تمتلكها أجهزة أمنية، مثل جهاز المخابرات والأمن الوطني ومكافحة الإرهاب وميليشيا الحشد، وسط استمرار الحديث عن سجون سرية غير معلنة تنتشر في البلاد وتضم آلاف المعتقلين.
ويرى قسم حقوق الإنسان في هيئة علماء المسلمين أن الإجراءات الحكومية لا ترتقي لحجم الكارثة الجارية رغم توقيع السلطات على اتفاقية مناهضة التعذيب منذ عام 2003، حيث تحولت السجون في العراق لأماكن للانتقام من المعتقلين وتعذيبهم وإزهاق أرواحهم، بدلاً من أن تكون مرافق لإعادة تأهيل وإصلاح النزلاء.
وقال مسؤول قسم حقوق الإنسان في هيئة علماء المسلمين الدكتور أيمن العاني، إن المعتقلين في السجون الحكومية يتعرضون للتعذيب من قبل السجانين.
الدكتور أيمن العاني: ثقافة التعذيب هي حالة سائدة وواسعة الانتشار في السجون الحكومية وبعلم القضاء والجهات المعنية
وأضاف العاني خلال لقائه في برنامج “تحت الضوء” الذي تبثه قناة “الرافدين” أن ضياع الحقوق وعدم محاسبة المقصرين هو أمر متبع في العراق بعد عام 2003.
وأكد على أن ثقافة التعذيب هي حالة سائدة وواسعة الانتشار في السجون الحكومية وبعلم القضاء والجهات المعنية لكن دون تتخذ خطوة للحد من تعذيب المعتقلين ومحاسبة من يقوم بهكذا انتهاكات خطيرة.
وتشير تقارير عديدة من منظمات غير حكومية محلية ودولية إلى أن المسؤولين الحكوميين وإدارات السجون استخدموا التعذيب والعقوبات القاسية، أو المهينة من قبل القوات الحكومية وميليشيا الحشد لانتزاع الاعترافات، أثناء الاعتقال والاحتجاز السابق للمحاكمة وبعد الإدانة.
ووصفت الخارجية الأمريكية التعذيب في السجون ومراكز الاحتجاز في العراق باللاإنسانية، مؤكدة أن المحاكم قبلت بشكل روتيني الاعترافات القسرية والتي كانت الدليل الوحيد في بعض قضايا مكافحة الإرهاب.
وكان رئيس لجنة حقوق الإنسان البرلمانية النائب أرشد الصالحي قد قلل من إمكانية حل ملف السجون وما فيها من انتهاكات، معتبرًا أن أي رئيس للوزراء لا يستطيع حل هذا الملف، وأن لجنة حقوق الإنسان البرلمانية خلال زياراتها إلى السجون حددت الكثير من الانتهاكات، لكنها غير قادرة عن إثارت الملف خوفًا من قوى سياسية لا تريد حل أزمة المعتقلين داخل السجون.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى