أخبار الرافدين
د. سعاد ناجي العزاوي

العراق تحت التبعية الأكاديمية الأردنية

لقد دخل العراق بشكل رسمي في الثامن عشر من أيار 2023 تحت التبعية الاكاديمية الأردنية بعد فشل “مجلس الاعتماد الوطني العراقي” الخاص بكليات الطب البشري في الحصول على الاعتراف الرسمي من الاتحاد العالمي للتعليم الطبي (wfme) الموجود في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث أن هذا الاتحاد اعلن منذ عام 2010 بأنه بحلول عام 2023 “وبسبب كورونا زحفت لعام 2024” لن يتم الاعترف بأي كلية طب بشري بأي بلد اذا كان مجلس الاعتماد لذلك البلد غير معترف به.
وتشكل مجلس الاعتماد الوطني العراقي بحدود عام 2011 وكانت بداياته منذ عام 2008 ، إلا أنه ورغم مرور اكثر من عشر سنوات فشل بالحصول على الاعتراف الدولي.
ولهذا اتجهت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي العراقية الى “مجلس الاعتماد الأردني” لكليات الطب المعترف به عالميًا ووقعت معه اتفاقية لكي يمنح كليات الطب العراقية الاعتماد في سابقة تاريخية خطيرة في تاريخ التعليم العراقي.
وهذا ما يمثل اعلان فشل من قبل وزارة التعليم في حكومة الإطار التنسيقي، وإعلان تبعية اكاديمية لا يخلو من المهانة العلمية.
فبعد ان كان الأردنيون وغيرهم يأتون ليدرسوا الطب في كليات الطب العراقية ويفتخرون بذلك نرى اليوم بأن الأردن من تعطي الاعتماد للعراق!
الجدير بالذكر بأن أغلب دول العالم حصلت على الاعتراف الدولي باستثناء دول قليلة لديها برامج واتفاقيات خاصة، حيث حصلت مصر والسودان وإيران والسعودية والكويت ولبنان والبحرين
وقطر والإمارات وتركيا وعمان وفلسطين، على الاعتراف الدولي بينما فشل العراق بذلك وبقى مع بعض الدول الأفريقية غير معترف بهم من قبل الاتحاد العالمي.
وسبق أن أكد الاتحاد العالمي للتعليم الطبي بأنه بحلول عام 2024 لن يسمح لخريج كلية طب في أي دولة غير معترف بمجلسها الوطني، من اداء امتحان المعادلة والعمل في الولايات المتحدة الأمريكية، وبطبيعة الحال لحقت بها استراليا ودول الاتحاد الأوروبي التي من المؤمل أن تعلن عن هذا القرار قريبا.
وبدلا من ان يقوم العراق بحل مجلس الاعتماد الوطني الذي فشل بهذه المهمة لمدة سنوات طويلة، والإسراع بتشكيل مجلس جديد يقوم بواجباته وبخطط زمنية معروفة للحصول على الاعتراف اسوة ببقية الدول والخلاص من التبعية الأكاديمية الخارجية بأسرع وقت ممكن، إلا اننا نجد وزارة التعليم في حكومة الإطار لم تحرك ساكن بهذا الاتجاه!
وبدلا من ان تقوم الوزارة بترصين ما موجود من كليات الطب البشري العراقية واختيار قيادات جامعية مهنية خارج ضغوطات الأحزاب ولوبيات الفساد والعمل بتوصيات لجنة القرار 92 لعام 2020 بتقليل اعداد القبول ومنع استحداث كليات طب بشري أهلية إلا أن الوزارة مستمرة بنهجها باستحداث كليات طب أهلية وسياسة غير مدروسة ومهولة!
لذلك صار من الأهمية بمكان دعوة كل الشرفاء والخيرين والنقابات المعنية والأطباء وطلاب كليات الطب في العراق للتصدي لهذا التراجع الأكاديمي والخروج عن الصمت وعمل كل ما بوسعهم لضمان تعليم رصين وصحة شاملة لهم ولأبنائهم وللأجيال القادمة.
فتقارير اعتماد الشهادات العلمية العالمية للحصول على الاعتراف الدولي بشهادات الخريجين الجامعيين العراقيين، ليستطيعوا العمل او إكمال الدراسات العليا خارج العراق، تحتاج لكوادر تخصصية تتقن اللغات الأجنبية ومفردات المناهج والساعات المختبرية وأنظمة الامتحانات والجانب التطبيقي ومصادر المعلومات والمساحات المتوفرة لكل طالب والمتطلبات الخاصة والعامة وغيرها والتي تستغرق سنوات لاستيفائها.
بينما ما يحدث في العراق هو سباق لمطاردة خريجي الجامعات الأمريكية والبريطانية والفرنسية والألمانية، وتشغيل خريجي الجامعات في إيران ولبنان الحاصلين على شهادات جامعات هزيلة تدرس الخرافة التاريخية بدلا من المناهج العلمية وفق المعايير الدولية المعتمدة!!
لذلك الخطر محدق بكليات الطب في العراقر وبمستقبل القطاع الصحي في البلاد برمتها.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى