أخبار الرافدين
تشكيل الحكومة العراقية أزمات متعاقبةتقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

القسم السياسي في هيئة علماء المسلمين: السوداني يطلق وعودًا أكبر من حجمه

التقرير الدوري التاسع عن الحالة السياسية في العراق يؤكد على أن ادعاءات حكومة الإطار التنسيقي بمحاربة الفساد انتهت بمهمة التستر على الفاسدين.

عمان- الرافدين
وصف القسم السياسي في هيئة علماء المسلمين في العراق، النظام السياسي في العراق بالهجين الذي جمع بين “الديمقراطية المعيبة” و”النظام الاستبدادي”، مشددا على أن وصف “العيب” فيما يسمى بالديمقراطية في العراق هي عبارة مخففة مقابل ما هو واقع فعلًا.
وذكر القسم السياسي في التقرير الدوري التاسع عن الحالة السياسية في العراق، الذي صدر الأحد، أن حالة عدم الاستقرار التي تضرب بأطنابها في العراق منذ عام 2003 وحتى الآن، قد أصبحت أمرًا واقعًا لا يمكن إغفاله أو تغطيته.
وأضاف “إذا كانت هذه هي أوصاف النظام السياسي القائم؛ فإنه من غير المتوقع أن تكون أوصاف حكوماته المتتابعة وأحوالها على خلاف صفاته العامة”.
وعقد القسم السياسي في هيئة علماء المسلمين في العراق؛ ندوة خاصة للإعلان عن التقرير الدوري ظهر يوم الأحد في مقر الهيئة في العاصمة الأردنية عمان.
وبيّن مقرر القسم السياسي الدكتور ثامر العلواني في مستهل الندوة أن التقرير يأتي ليكشف جانبًا مما يشهده العراق في ظل حكومة الاحتلال التاسعة التي مضت على تشكيلها سبعة أشهر، دون أن تشهد البلاد شيئًا ملموسًا يصب في صالح العراقيين.
وقال مسؤول القسم السياسي الدكتور مثنى حارث الضاري إن التوصيف الأبرز للنظام السياسي في العراق؛ أنه نظام “هجين” يجمع بين مفهومي “الديمقراطية المعيبة” و”النظام الاستبدادي”.
ولفت الدكتور الضاري إلى أن حالة عدم الاستقرار التي تضرب بأطنابها في العراق منذ سنة 2003 وحتى الآن، أصبحت أمرًا واقعًا لا يمكن إغفاله أو تغطيته، ولا تستطيع أي دراسة جادة في الشأن العراقي أن نتجاوزها، مشيرًا إلى أن من غير المتوقع أن تكون أوصاف حكومات هذا النظام المتتابعة وأحوالها على خلاف صفاته العامة.
وشدد الدكتور الضاري على أن التقرير يتمحور حول فكرة هل وفّى السوداني بما أعلنه من وجود خطة أو خارطة طريق لعمل حكومته؟ إلى جانب رصد الظواهر العامة التي انطبعت بها الحكومة ورئيسها.
وشدد التقرير على أن القسم السياسي في هيئة علماء المسلمين، عندما يسلط الأضواء على أبرز المؤاخذات العامة المتعلقة بأداء حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني، بعد أكثر من ستة أشهر من إعلانها؛ فإنه قد قرنّ الشواهد والأمثلة التفصيلية بالصورة العامة.
وأجاب التقرير الدوري المفصل الذي صدر بأكثر من ألفي كلمة على جملة من المؤشرات المتعلقة بالأداء السياسي لحكومة الإطار.
وأشار إلى تكرار تناقض السوداني في تصريحاته السياسية وتعارضها مع الوقائع على الأرض، ومن ذلك إعلانه عن حاجة العراق إلى التحالف الدولي، ووصفه القوات الأمريكية بـ “الصديقة” مع تأكيده حاجة بلاده إليها في مكافحة “الإرهاب”؛ وبين قوله في مؤتمر ميونخ في شهر شباط من العام 2023 “لسنا بحاجة للتحالف الدولي ولا وجود لداعش في العراق” مما يعني أن العمليات العسكرية المستمرة في المناطق المنتشرة بين الأنبار ونينوى وبين صلاح الدين وكركوك لها أهداف أخرى، تدل عليها طبيعة العمليات التي تشنها القوات الحكومية وميليشيات الحشد في مناطق شمال بغداد، وديالى، وصلاح الدين؛ حيث هذه العمليات تأخذ أشكالًا وأبعادًا أبعد ما تكون عن “مكافحة الإرهاب”، إذ تتصف بالتضييق على المواطنين ومحاولة تهجيرهم بأساليب مختلفة؛ لتحقيق عملية تغيير ديمغرافي في هذه المناطق. والشواهد على ذلك كثيرة، سترد عند الحديث عن الجانب الإنساني في هذا التقرير.
وأكد القسم السياسي في الهيئة على أن تمديد الادارة الأمريكية “حالة الطوارئ الوطنية، المتعلقة بالأوضاع في العراق”، هي المؤشر الأبرز على التخبط الحكومي والتناقض في الأقوال، أو بين الأقوال والأفعال.
وتناول التقرير الدوري إقرار نظام “سانت ليغو” الانتخابي لينقض العمل بنظام الدوائر المتعددة في الانتخابات الأخيرة، وأعاد إقرار الصيغة القديمة لعملية الانتخابات سيئ الصيت، الذي يعزز من حظوظ الكتل الكبيرة على حساب الكتل الصغيرة والمستقلين.
وعبّر القسم السياسي عن قناعته التامة بأن الانتخابات في العراق فاقدة للنزاهة وغارقة بالتزوير، إلا أن الأحزاب الفاسدة أصرت على إعادة نظام “سانت ليغو” من جديد على الرغم من إرادة الشعب الرافض له؛ لأنها تعلم أنه البوابة للاستحواذ على السلطة واحتكارها مستقبلًا، كما ضمن احتكارها للسلطة في مرحلة ما قبل الانتخابات الأخيرة؛ حتى إنه تمت الاستعانة بالقوة لتمرير هذا النظام.
وتناول التناقض السياسي في شعار “الإطار التنسيقي” المناهضة للولايات المتحدة، واتهام خصومه بالولاء لأمريكا والكيان الصهيوني، ولكن بمجرد موافقة السفيرة الأمريكية على تشكيل حكومة الإطار؛ انتهت شعارات مناهضة الولايات المتحدة والكيان الصهيوني؛ وأصبح العراقيون يرون استقبالًا حميمًا للسفيرة الأمريكية من قبل قيادات الإطار، وغضِ نظرٍ متواصل عن طريقة عمل السفيرة الأمريكية التي أصبحت تتدخل وتتحكم في كل صغيرة وكبيرة في هذه الحكومة، بما فيها مناقشة الميزانية والانتخابات.
ويجري ذلك في ظل تصريحات السوداني التي يقول فيها “لا أحد يزايد على مسألة استقلال قرارنا الوطني أبدًا، ولن يكون العراق في يوم ما تابعًا لأحد، لا للشرق ولا للغرب.”
وندد تقرير القسم السياسي في هيئة علماء المسلمين، بعدم القيام بأي خطوات جادة للحد من ظاهرة طغيان الفساد في العراق، وفشل محاولات القضاء عليه، وتحوله إلى منظومة مستقرة، وليست تصرفات فردية أو أخطاء حتى أصبح صفة ملازمة للاقتصاد العراقي في كل مجالاته.
وأشار إلى اعترف السوداني كسابقيه بأن الفساد مستشرٍ في جميع مفاصل المؤسسات الحكومية، وأنه جزء من منظومة الفساد منذ 2003 وإلى الآن.
وتهكم على محاولة السوداني صناعة لنفسه إنجازًا وهميًا عندما ادعى أنه استطاع استرداد الأموال والمطلوبين في “سرقة القرن” التي تم بموجبها الاستلاء 2.5 مليار دولار من أموال الضرائب العامة.
وذكر “الحقيقة أن الادعاءات بمحاربة الفساد انتهت بمهمة التستر على الفاسدين، فعندما تم إلقاء القبض على سارق أكثر من 3 مليارات دولار أُطلق سراحه ولم تُظهر التحقيقات الجهات التي تقف وراءه، ولم يستطع السوداني أن يسترد حتى ثلث المبلغ، وسمى هذا إنجازًا كبيرًا، في تسوية مع السارق، الذي تم رفع إشارة الحجز عن عقاراته”.
وأشار إلى فقدان حكومة السوداني كحال الحكومات السابقة لها، القدرة على تأدية وظائفها لتحقيق المطالب المشروعة للمواطنين؛ مما أدى إلى تواصل حالة الفشل الذريع في توفير الخدمات العامة، وعدم المحافظة على البنى التحتية، وعدم توفير فرص العمل الحقيقية للمواطنين والاكتفاء بالتعيينات. الأمر الذي زاد من الأعباء على كاهل الميزانية، وأدى إلى توسعة القطاع العام في الدولة بدون أي مراعاة لواقع العراق الاقتصادي واحتياجاته الحقيقية، وبلوغ العجز السنوي في الموازنة نسبة 17 بالمائة على الرغم من أن قانون الإدارة المالية ينص على عدم جواز زيادة العجز المالي المخطط في الموازنة عن نسبة 3 بالمائة.

القسم السياسي في هيئة علماء المسلمين في العراق: حكومة السوداني كحال الحكومات السابقة لها، فاقدة القدرة على تأدية وظائفها لتحقيق المطالب المشروعة للمواطنين؛ مما أدى إلى تواصل حالة الفشل الذريع في توفير الخدمات العامة، وعدم المحافظة على البنى التحتية، وعدم توفير فرص العمل الحقيقية للمواطنين والاكتفاء بالتعيينات
وأكد التقرير على عدم تنفيذ الوعود هو السياق الظاهر في حكومة السوداني الذي وعد بتحسين الخدمات في العراق، وأطلق وعودًا أكبر من حجمه، عندما اطلع على مأساة القطاع الصحي ووعد بإصلاحه؛ لكنه بعد مرور أكثر من ستة أشهر على ذلك؛ لم ينفذ وعوده التي اقترنت مرات عدة بحالة الغضب المفتعل والتهكم بالموظفين والإساءة لهم أمام الناس ووسائل الإعلام، كما حصل في حادثتي وزارة الداخلية ومطار بغداد الدولي.
وتناول التقرير الدوري للقسم السياسي في هيئة علماء المسلمين ملف التعليم، الذي لا يقل سوءًا عن ملف الصحة والخدمات الأخرى، من ناحية قلة المباني الدراسية للتعليم الابتدائي والثانوي، ومن ناحية شحة المستلزمات الدراسية، فضلا عن تدهور المنظومة التعليمية بالكامل وفرض البعد الطائفي فيها، وافتقار التعليم العالي وشهاداته للرصانة العلمية، ومن شواهد ذلك البارزة خروج جامعات العراق من كثير من التصنيفات الدولية.
وأشار إلى استمرار ظاهرة تصفية المعتقلين في السجون؛ حيث تشير إحصائية قسم حقوق الإنسان في الهيئة إلى أن عدد الوفيات في السجون الحكومية المعلنة منذ بداية العام الجاري وحتى الثامن عشر من أيار هي (20) حالة وفاة، ومعظم المغدورين فيها ليس لديهم تأريخ طبي بشأن حالة مرضية مزمنة و(15) حالة وفاة كانت من جراء التعذيب أو تداعياته أو في “ظروف غامضة” والحالات الخمس الأخرى تمت الوفاة فيها من جراء الإهمال الصحي المتعمد.
وذكر التقرير بأن التعذيب في السجون الحكومية الرسمية سلوكًا ممنهجًا لانتزاع الاعترافات قسرًا من المعتقلين أو الانتقام منهم ومضاعفة معاناتهم، ونتج عن هذه السياسة مقتل العشرات من المعتقلين، بعضهم اعتقل عن طريق الخطأ بسبب تشابه في الأسماء.
وقال “لم تسفر وعود السوداني التي تخص المعتقلين الذين تعرضوا للتعذيب لانتزاع الاعترافات بالإكراه، أي نصرة للمظلومين من المعتقلين، وتبيّن أنها مجرد حركة شكلية استباقية لزيارة مرتقبة للجان من الأمم المتحدة لمتابعة قضية التعذيب في السجون وقضية الإخفاء القسري”.
وندد القسم السياسي في هيئة علماء المسلمين باستمرار عمليات التهجير في عدد من المحافظات على وفق خلفيات وحسابات عدة. ومن ذلك تهجير قرى “نهر الإمام” في ديالى منذ أكثر من سنة أمام أنظار القوات الحكومية وإبعادهم عن أراضيهم وممتلكاتهم وعدم حمايتهم والدفاع عنهم ممن اعتدى عليهم، واستمرار حالة تهجيرهم إلى يومنا، وعدم السماح لهم بالعودة بذرائع متعددة؛ وسبق هذه المدن ناحية “جرف الصخر”، وغيرها من المدن والقرى التي استولت عليها ميليشيات الحشد الشعبي ولا تسمح لأي جهة أن تدخلها أو تسمح بعودة أهلها، كما هو واقع في عدد من المدن والبلدات في صلاح الدين وديالى ونينوى والأنبار.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى