أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

استمرار سياسة التجهيل للمجتمع العراقي بوجود 11 مليون أمّي

لجنة التربية في البرلمان الحالي تتوقع ارتفاع عدد الأميين في العراق خلال السنوات المقبلة بناءً على نسب المتسرّبين من المدارس والوضع الاقتصادي المتردي.

بغداد- الرافدين
حذرت لجنة التربية في البرلمان الحالي من استمرار عملية التجهيل الممنهجة للمجتمع العراقي، بعد إعلانها عن تجاوز عدد الأميين في العراق حاجز الـ 11 مليون شخص.
وتوقعت اللجنة ارتفاع العدد خلال السنوات المقبلة بناءً على نسب المتسرّبين والوضع الاقتصادي المتردي.
ولا يمثل تصريح اللجنة جديدا، فطالما حذرت النخب الوطنية العراقية من سياسة التجهيل المتعمدة من قبل الحكومات المتعاقبة منذ عام 2003 والعمل الممنهج من قبل قوى وجهات سياسية وطائفية على إبادة قطاع التعليم.
وحذر تربويون من أن عملية “التجهيل المتعمدة” للمجتمع العراقي من قبل جهات وقوى سياسية وطائفية تعمل على إبادة التعليم من أجل تفكيك المجتمع العراقي وبالتالي السيطرة عليه سياسيًا.
وأشاروا إلى أن اتساع الفوارق الطبقية بين فئات المجتمع العراقي وشرائحه أدى الى عدم كبح نزيف التسرب من المدارس وبالتالي صب هذا التسرب في ارتفاع نسب الأمية ووصولها لأرقام خطيرة.
ويجمع خبراء تربويون على صعوبة حصر أسباب زيادة الأمية في العراق لكثرتها، إلّا أنّ أبرزها كان الفساد في قطاع التربية منذ سنة 2003، وهذا ما اعترف به رئيس الحكومة السابق مصطفى الكاظمي على هامش لقائه عددًا من التربويين، إذ أشار إلى أنّ عوامل سوء الإدارة والفساد وعدم وجود كادر حقيقي للتربية أسهمت كلّها في تدني مستوى التعليم.
ويدفع رئيس حكومة الإطار التنسيقي محمد شياع السوداني باتجاه تهويل إنجازات عن الورق في القطاع التربوي، من دون الالتفاف الى حقيقة الوضع المتفاقم لزيادة نسبة الأمية في البلاد.
وسبق أن أقرّت وزارة التربية الحالية، بأنّ أعداد الأميين في العراق بلغت مستويات صادمة، لافتةً إلى أنّها تجاوزت 12 مليون شخص. فيما كشفت وزارة التخطيط الحالية عن وجود أكثر من 7600 موظف أمّي في المؤسسات التابعة لحكومة بغداد.
وبحسب وزارة التربية، فإنّ “مشروع” محو الأمية الذي أطلقته عام 2021، يُعدّ فاشلًا، ويسير بشكل خاطئ؛ نتيجة السياسات الخاطئة للحكومات المتعاقبة والفساد المستشري في مشاريع الوزارة، مشيرةً بذلك إلى أنّ البلاد تتّجه نحو ارتفاع أعداد الأميين، وليس إلى محو الأمية.
وحقّق العراق في سبعينات وثمانينات القرن الماضي مراتب عالمية متقدمة في القضاء على الأمية، عبر حملات واسعة شملت جميع مدن وقصبات البلاد، عرفت باسم “القضاء على الأمية”، واستمرّت عدة سنوات، وحققت نجاحًا كبيرًا.
وقال نائب رئيس لجنة التربية النائب جواد عويز الغزالي إن الحكومات المتعاقبة منذ عام 2003 لم تولِ اهتماماً بالمؤسسة التربوية التي تخصص لها بعض دول العالم 20 بالمائة من موازناتها، في المقابل يخصص العراق لها بحدود 1.7 بالمائة فقط من الموازنة الكلّية، وبالتالي لا تسد هذه النسبة حاجة ومتطلبات وزارة التربية.
وأضاف أن لجنة التربية طالبت من نظيرتها المالية بزيادة تخصيصات وزارة التربية في الموازنة لتكون بحدود 3.10 بالمائة، لكن بحسب المعلومات الواردة فإن النسبة ستكون 2.7 بالمائة.
وأكد على أن الأمية مستشرية في البلاد بدرجة مخيفة، حيث وصلت إلى أكثر من 11 مليون أمي.


جواد عويز الغزالي: الحكومات المتعاقبة منذ عام 2003 لم تولِ اهتماماً بالمؤسسة التربوية التي تخصص لها بحدود 1.7 بالمائة فقط من الموازنة الكلّية التي لا تسد حاجة ومتطلبات وزارة التربية
وعبر عن توقعه ارتفاع العدد بناءً على نسب المتسربين والدور الاقتصادي في عدم قدرة معظم الأسر على توفير مستلزمات التحاق أبنائها بالمدارس.
وعزا الغزالي ارتفاع نسب الأمية إلى التقصير الحكومي فيما يخص الموازنة خاصة في السنوات الماضية، فضلاً عن الظروف التي مرت بها البلاد من جائحة كورونا وغيرها، مُعرباً عن أمله بمعالجة هذا الأمر خلال السنوات المقبلة.
وتبين إحصاءات البنك الدولي ان 90 بالمائة من الطلاب العراقيين لا يفهمون ما يقرأونه، بسبب الصراع الذي عاشه العراق وأوجه القصور فيه وضعف نواتج التعليم الذي “يعجز عن تقديم المهارات الأساسية إلى الطلاب والتي تشكل أساس التعلم وتنمية المهارات”.
وأظهرت نتائج تقييم لمهارات القراءة ومهارات الرياضيات للصفوف الأولى كان قد أجراه البنك الدولي أنه “بحلول الصف الثالث لم تكن الغالبية العظمى من الطلاب العراقيين الذين تم تقييمهم قد اكتسبوا بعد المهارات الأساسية الكافية”.
ولم يتمكن “ما يقرب من ثلث طلاب الصف الثالث من الإجابة بشكل صحيح على سؤال واحد حول أحد النصوص المناسبة لأعمارهم قرأوها لتوهم”، بينما “لم يتمكن 41 بالمائة من طلاب الصف الثالث من حل مسألة طرح حسابية واحدة بشكل صحيح”.
ويرى البنك الدولي أنه جراء نواتج التعلم المتدنية “تبرز الحاجة الماسة إلى التركيز على الطلاب من الفئات الأكثر احتياجًا والمعرضين لخطر التخلف عن الركب والتسرب من نظام التعليم”.
ويؤكد مختصون في الشأن المجتمعي أنّ تفشي الأمية في العراق مرتبط بالأزمات التي أحدثتها الحكومات المتعاقبة وسوء إدارتها للبلاد، لافتين إلى أنّ الأرقام الحقيقية أكبر مما أعلنت عنه وزارة التربية ولجنة التربية في البرلمان الحالي.
ويوجد أكثر من مليون طفل دون الخامسة عشرة إمّا نازحون أو انخرطوا في سوق العمل في العراق.
وتفشت الأمية في المحافظات الجنوبية والمناطق التي شهدت عمليات عسكرية، نتيجة ضعف التوعية والاهتمام الحكومي، وتردي الأوضاع الاقتصادية فيها.
وارتفعت نسب الأمية بين الذين تتراوح أعمارهم بين “6 – 55” سنة بشكل كبير في السنوات الأخيرة، وتشكل أرقامًا صادمة يعصف بقطاع التعليم في البلاد، الذي يتجه نحو تفشي الأمية بدل القضاء عليها، بسبب الأزمات التي أحدثتها الحكومات المتعاقبة وسوء إدارتها للبلاد.
ونقلت مصادر صحفية عن مسؤولين في حكومة بغداد، عدم وجود مشاريع تطويرية لتوفير بيئة تعليمية جديدة للتلاميذ في البلاد، بالإضافة إلى وجود نقص في المدارس في عموم البلاد، الأمر الذي أدّى إلى تراجع كبير في مستويات التعليم، مبينةً أنّ نسبًا كبيرةً من الطلاب في المدارس ما يزالون غير قادرين على القراءة والكتابة بسبب مشكلات تتعلق بـ “النظام التعليمي”.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى