أخبار الرافدين
21عاما على احتلال العراق: فشل وفساد سياسيتقارير الرافدين

“يونامي” تفقد ضميرها ومهنيتها أمام الضحايا من أطفال العراق

بعثة الأمم المتحدة في العراق "يونامي"، تكتفي بنصف الحقيقة بإعلان أكثر من تسعة آلاف طفل قتلوا أو شوهوا في العراق منذ عام 2008.

بغداد- الرافدين
أعلنت بعثة الأمم المتحدة في العراق “يونامي”، الأربعاء، أن أكثر من تسعة آلاف طفل قتلوا أو شوهوا في العراق منذ عام 2008، داعية إلى ضرورة تفعيل القوانين الدولية النافذة لحماية الأطفال في مناطق النزاعات والحروب.
وأضافت “يونامي” في بيان، أن أرقام الانتهاكات في العراق كبيرة حيث هناك “3119 قتيلًا و5938 مصابًا” من بين الأطفال في البلاد منذ عام 2008، أي بمعدل تشويه أو إصابة لطفل أو أكثر يوميًا.
وأشار البيان الأممي إلى أن تلك الحالات هي ما تم التحقق منها فقط “ومن المرجح أن تكون الخسائر الحقيقية أكبر بكثير”.
غير أن منظمات عراقية ودولية ترى الرقم الذي أعلنته “يونامي” لايمثل حتى ربع الحقيقة، لأن الوقائع المسجلة تتحدث عن أكثر من خمسة أضعاف هذا الرقم، بما فيهم الأطفال الذين فقدوا أو غيبوا قسرًا من قبل الميليشيات الطائفية.
وأفادت المديرة التنفيذية لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسف” كاثرين راسل، بأن “أي حرب هي في النهاية حرب على الأطفال. وأن التعرض للنزاع له آثار كارثية على حياة الأطفال. نحن نعلم ما ينبغي فعله لحماية الأطفال من الحرب، لكن العالم لا يفعل ما يكفي، وعلينا جميعًا ضمان ألا يدفع الأطفال ثمن حروب البالغين، ولا بد لنا من اتخاذ خطوات جريئة وملموسة لتحسين حماية الأطفال الأضعف على مستوى العالم”.
وقالت ممثلة اليونيسيف في العراق، شيما سين غوبتا “هناك حاجة إلى إعادة دمج الأطفال في العراق بعد سنوات عديدة من الصراعات، ومنهم الأطفال العائدون من شمال شرق سوريا، والأطفال المطلق سراحهم من الحبس، والأطفال الذين يعتقد أنهم ينتمون إلى الجماعات المسلحة، وغيرهم من الأطفال المعرضين للخطر”.
ودعت المنظمة الأممية، الحكومة الحالية في بغداد إلى “دعم وتفعيل القوانين والمعايير الدولية النافذة لحماية الأطفال في الحرب، ومحاسبة مرتكبي انتهاكات حقوق الطفل، وتكثيف الموارد المهمة لتمويل حماية الأطفال في النزاع بالحجم والسرعة المطلوبين”.
يذكر أن حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني وقعت في آذار الماضي، خطة عمل مع الأمم المتحدة للحيلولة دون تجنيد الأطفال أو استغلالهم من قبل ميليشيات الحشد الشعبي.
إلا إن الاتفاقية أثارت تهكمًا في أوساط منظمات المجتمع المدني والقوى العراقية، بكونها مجرد أوراق فاقدة للصلاحية خصوصًا إن حكومة الإطار التنسيقي تنضوي تحتها غالبية ميليشيات الحشد الشعبي المتهمة بانتهاكات الطفولة في العراق.
وسبق وأن أعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونسيف” أن ثلث أطفال العراق يعيشون ظروفًا اقتصادية صعبة تجبرهم على العمل لإعانة عائلاتهم، وأوضحت المنظمة في تقرير لها عن واقع الطفولة في العراق، أن عمل الأطفال في العراق تزايد في السنوات الأخيرة نتيجة النزوح والتحديات الاقتصادية والاجتماعية، وأن نسب الفقر بين الأطفال العراقيين ارتفعت كثيرًا، حيث يوجد طفلان فقيران بين كل 5 أطفال.
ويأتي بيان الأمم المتحدة في وقت أجمع باحثان على أن ما لحق بالعراق من جرّاء الاحتلال وتداعياته؛ شكل صورًا مرعبة لدى جميع الأطفال الذين بات أغلبهم يعاني من حالات الخوف المزمن والرعب والانهيارات النفسية والعصبية، وذلك نتيجة الوضع الأمني المتدهور، وتوالي عمليات التفجير والقتل بموازاة حرمان الأطفال من الدراسة وفي ظل فقدان أبسط وسائل العيش اليومية من قبيل الخدمات، الكهرباء، والماء الصالح للشرب، والرعاية الصحية.

أسماء الكاظمي: تأثيرات الحروب والوضع الأمني على أطفال العراق وصلت مراحل متقدمة من التردي وبلغت آثارها السلبية على المجتمع العراقي مستويات قياسية أثرت على نشوء الطفل العراقي

وأكد الباحثان الدكتورة أسماء الكاظمي المختصة بعلم النفس والدكتور أيمن العاني مسؤول قسم حقوق الإنسان في هيئة علماء المسلمين، على أن العراق بات من أسوء البلدان بالنسبة للمرأة والطفل، حيث تشير الإحصاءات إلى أن 80 بالمائة من الأطفال يعانون من العنف أو من تداعياته.
جاء ذلك في ندوة خاصة بعنوان “أطفال العراق استهداف مستمر ومستقبل مجهول” أقامها قسم حقوق الإنسان في هيئة علماء المسلمين في العراق بمقره في العاصمة الأردنية عمان بمناسبة اليوم الدولي لضحايا العدوان من الأطفال، الذي يوافق الرابع من حزيران.
وخصصت الأمم المتحدة يوم الرابع من شهر حزيران من كل عام يومًا دوليًا لضحايا العدوان من الأطفال الأبرياء، بهدف تسليط الضوء على الأطفال الذين يتعرضون للعنف والانتهاكات والنزوح في مناطق النزاعات مشددين على أن الأطفال يجب أن يكونوا بمأمن من العدوان والاعتداءات وحماية الحقوق الأساسية لكل طفل.
وسلطت الندوة الضوء على جانب من معاناة هذه الشريحة التي تفاقمت بعد احتلال البلاد سنة 2003، وما تزال في تصاعد مستمر.
وأكدت محاور ندوة قسم حقوق الإنسان في الهيئة على أن الغزو الأمريكي للعراق وما أعقبه من احتلال وفوضى عارمة ونزاعات مسلحة وصراعات سياسية مستمرة؛ تسببت بكوارث إنسانية كبيرة وأزمات غير مسبوقة على الصعد كافة تأثرت بها جميع الفئات المجتمعية ولا سيما الفئات الضعيفة منها وفي مقدمتها الأطفال.
وحذر الباحثان من تزايد ما يدفعه الأطفال العراقيون من أثمان باهظة نتيجة استمرار أعمال العنف المختلفة وغياب البيئة الآمنة للعيش، وجرائم القتـل والإصابات والاختطاف والعنـف الجنسي والهجمـات علـى المرافق التعليميـة والصحية، فضلاً عن الحرمان من المساعدة الإنسانية في الوقت الذي يجدون أنفسهم عالقيـن بـن نيـران الأطراف المتناحرة على السلطة وبمستويات صادمـة.
وقدمت الدكتورة أسماء الكاظمي ورقة بحثية بعنوان “الآثار النفسية والاجتماعية للحروب والنزاعات على أطفال العراق”، بيّنت فيها أن تأثيرات الحروب والوضع الأمني على أطفال العراق وصلت مراحل متقدمة من التردي وبلغت آثارها السلبية على المجتمع العراقي مستويات قياسية أثرت على نشوء الطفل العراقي الذي ينمو متأثرًا بالوضع النفسي والصحي الرديء، بالإضافة إلى ما يلحق به من آثار نفسية واجتماعية ناجمة عن “صدمة ما بعد الفوضى” ذات التأثير المباشر على أدمغة الأطفال والتي تقود بدورها إلى تأثيرات طويلة الأمد، فضلاً عن الخوف من المستقبل وعدم الثقة بالبيئة والمحيط الاجتماعي التي تولد حالة من عدم التوازن الانفعالي.
واستعرضت أرقامًا وإحصاءات تتعلق بواقع أطفال العراق، وتكشف جانبًا من معاناتهم في ظل إهمال وتجاهل حكوميين في معالجة مشكلات المجتمع العراقي وانعدام سبل الحل لأزمة البلاد على كافة مستوياتها.
وتحدث الدكتور أيمن العاني مسؤول قسم حقوق الإنسان في الهيئة عن “أطفال العراق بالأرقام مع تتبع لمسار أوضاع الطفل في العراق خلال 2023″؛ في الورقة التي تناولت تفصيلات تتعلق بواقع الأطفال في الأشهر الخمسة الأولى من العام 2023.
وشدد على أن العراق بات من أسوء البلدان بالنسبة للمرأة والطفل، حيث تشير الإحصاءات إلى أن 80 بالمائة من الأطفال يعانون من العنف أو من تداعياته.
وكشف مسؤول قسم حقوق الإنسان عن أن أعداد الأطفال في السجون الحكومية المعلنة يقدّر بأكثر من تسعة آلاف طفل، منهم أكثر من 1000 طفل لم يتجاوز التاسعة من عمره، وأن معظمهم ممن اعتقلوا بناء على أدلّة واهية، يعانون من الاكتظاظ الشديد ومن ظروف احتجاز سيئة للغاية ويتعرضون لشتى أنواع التعذيب وبأساليب وحشية.
وتطرق إلى واقع حال أطفال العراق النازحين، واليتامى، والمنخرطين في الأعمال التي لا تناسب أعمارهم، والنسبة التي تتجاوز الـ40 بالمائة من مجموع الأطفال في العراق الذين يحتاجون إلى مساعدات إنسانية عاجلة، فضلاً عن المخاطر التي تواجه ملايين الأطفال من مثل القتل، والخطف، والتجنيد من قبل الميليشيات، وجرائم الاتجار بالبشر، والعنف الأسري، وغير ذلك.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى