أخبار الرافدين
تقارير الرافدين

عراقيون يفضلون الهجرة على واقع مرير ومستقبل غامض في بلدهم

سجلات الأمم المتحدة تصنف الشعب العراقي في اليوم العالمي للاجئين من أكثر الشعوب طلبًا للهجرة والتوطين في بلد آخر.

بغداد – الرافدين
يضطر ملايين العراقيين إلى الهجرة بسبب الظروف السياسية والأمنية والاقتصادية الصعبة التي تمر بها بلادهم، ويحاول غالبيتهم وبعد عشرين عامًا من الاحتلال بشتى الطرق المشروعة وغير المشروعة للجوء إلى الدول الأوروبية، للهرب من الاضطرابات والانفلات الأمني الذي تشهده البلاد خلال العقدين الماضيين.
ويعيش غالبية العراقيين في وضع حياتي متدن يفتقدون فيه إلى الكرامة الإنسانية وفرصة العمل والاستقرار الأسري، الأمر الذي جعلهم يفقدون الثقة بمستقبل البلاد. وسلوك الطرق هجرة غير الشرعية والمجازفة بالمخاطر.
وتصنف سجلات الأمم المتحدة الشعب العراقي من أكثر الشعوب طلبًا للهجرة والتوطين في بلد آخر.
ومع حلول اليوم العالمي للاجئين في العشرين من حزيران، وهو يوم يحتفي به العالم بالأشخاص المجبرين على الفرار من أوطانهم هربًا من الصراعات والاضطهاد، ما يزال مئات الآلاف من اللاجئين العراقيين يواجهون ظروفًا إنسانية صعبة لاسيما مع تضاؤل الأمل بمستقبل أفضل لهم ولبلدهم في ظل الأحزاب والميليشيات التي تحكمه.
ويتمحور شعار يوم اللاجئ العالمي لهذا العام 2023 حول “الأمل بعيدًا عن الديار”، حسب إعلان المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة.
وأعلنت الأمم المتحدة عن نزوح نحو 108 ملايين شخص قسرًا من أماكنهم حول العالم خلال عام 2022 جراء الصراعات وانتهاك حقوق الإنسان.
ويبلغ عدد العراقيين المهاجرين واللاجئين نحو خمسة ملايين مهاجر موزعين على 35 دولة وذلك بحسب إحصائية غير دقيقة، بينما لا تمتلك حكومة العراق إحصائية لعدد المهاجرين واللاجئين.
وأكدت إحصاءات وكالة الاتحاد الأوربي للجوء أن العراقيين هم ثاني أعلى الشعوب العربية بعد السوريين طلبًا للجوء إلى أوروبا عام 2022.
وتلقت دول الاتحاد الأوربي حوالي 966 ألف طلب للحماية الدولية، بزيادة بلغت أكثر من 50 بالمائة عن عام 2021، وهي الأكبر منذ عام 2016.
وكانت أكبر مجموعات المتقدمين من السوريين والأفغان، ولكن الطلبات كانت مرتفعة أيضًا لمجموعة واسعة من الجنسيات الأخرى، وعلى المستوى العربي فقد جاء العراق بالمرتبة الثانية بالمتقدمين على طلب اللجوء بواقع يقدر بنحو 27 ألف طلب.
ويشير صحفيون إلى أن شريحة الشباب هم الأكثر تفكيرًا باللجوء؛ لأنهم يبحثون عن حياة أفضل وبناء مستقبل لهم في ظل الفوضى وتراجع المستوى الأمني والاقتصادي، وغياب أفق واضح لحل هذه المشاكل.
ويعاني طالبو اللجوء العراقيون من ظروف إنسانية صعبة لا سيما مع سنوات الانتظار الطويلة على أمل إعادة توطينهم في بلدان أخرى ويتوزعون على عدة دول مثل تركيا التي يعد فيها العراقيون الجالية الثانية من بعد السوريين بعدد يتجاوز الـ700 ألف شخص وفقًا لبيانات صادرة من وزارة الداخلية التركية، إضافة إلى العراقيين في الأردن ولبنان، ويضطر العديد من اللاجئين إلى سلوك طرق غير شرعية وذلك بسبب تأخر حسم ملفات اللجوء الخاصة بهم، وهو ما يجعلهم عرضة لمخاطر كبيرة وظروفًا مأساوية.
وعانى عدد كبير من المهاجرين العراقيين ظروفًا مأساوية لاسيما في الغابات بين بيلاروسيا وبولندا، في رحلتهم للبحث عن حياة أفضل.
ولقي العشرات من العراقيين مصرعهم أثناء رحلة اللجوء في الغابات، أو من خلال التعذيب والتقصير المتعمد في تقديم المساعدة لهم، بينما تشير تقارير دولية إلى تعرض آخرين لعمليات إعدام جماعية على الحدود البولندية، وآخرين تعرضوا للغرق أثناء عبورهم البحر باتجاه الدول الأوروبية.
وشهد العام الماضي، موجة هجرة كبيرة من العراق نحو أوروبا عن طريق بيلاروسيا، بعد تسهيلات قدمتها بيلاروسيا للمهاجرين على إثر أزمة سياسية مرت بها مع أوروبا.
ويواجه العراقيون داخل بلدهم ظروفًا إنسانية صعبة تتمثل بالانفلات الأمني وتحكم الميليشيات بالمشهد السياسي، إضافة إلى الوضع الاقتصادي المتردي في البلاد وانعدام الخدمات وتفشي البطالة.
وانتقد العراقيون في وقت سابق مطالبات الحكومة بعودة اللاجئين إلى العراق ممن استقرت أوضاعهم في بلدان اللجوء، ودعوها للاهتمام بحل مشاكل النازحين داخل البلاد أولًا.
وتستمر داخل العراق أزمة النازحين داخليًا لاسيما أهالي المدن المنكوبة حيث يبلغ عددهم أكثر من مليون نازح منهم 700 ألف في محافظات العراق الشمالية، وذلك بحسب تقرير لمركز تنسيق الأزمات المشترك التابع لسلطات كردستان العراق.
وقال المركز إن “أعداد النازحين في محافظات كردستان بلغت قرابة الــ 700 ألف أغلبهم من المحافظات المنكوبة”.
فيما بلغت أعداد اللاجئين السوريين في كردستان العراق قرابة الــ 250 ألفًا.
وأاشار التقرير إلى أنه يعيش الآن 30 بالمائة فقط من النازحين واللاجئين داخل المخيمات التي يبلغ عددها 36 مخيمًا، و70بالمائة يعيشون خارج المخيمات، فيما يعيش 41 بالمائة من اللاجئين في محافظة أربيل، و 40 بالمائة في محافظة دهوك، و19 بالمائة في محافظة السليمانية.
وأكد الرئيس الحالي عبد اللطيف رشيد، وجود قرابة 600 ألف نازح يعيشون أوضاعًا صعبة للغاية في العراق، دون التطرق إلى آليات إرجاعهم إلى مناطقهم أو الحديث عن الفصائل المسلحة والمليشيات الموالية لإيران المسيطرة على بلدات كاملة وجعلها مفرغة من ساكنها.
وقال عضو البرلمان الحالي هادي السلامي، إن “ملف النازحين من أكثر الملفات التي تشكل أزمة حقيقية بالنسبة للسياسيين والنواب والمجتمعات المحلية، إذ لم تتمكن ثلاث حكومات من حل إشكالياتهم، وتحديدًا في المدن منزوعة السكان التي تسيطر عليها جهات مسلحة، وترفض الخروج منها”.
ولا يزال أكثر من 400 ألف عراقي ممنوعين من العودة إلى مدنهم بقرار من الميليشيات التي تستولي عليها، وأبرزها منطقة جرف الصخر شمالي محافظة بابل، التي تضم قرى وأريافًا منزوعة السكان، يتحدر منها نحو 140 ألف نسمة.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى