أخبار الرافدين
بلاد النهرين عطشىتقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

نفوق ملايين الأسماك.. كارثة تتكرر في بيئة عراقية تنهار

مرصد العراق الأخضر: صيف العراق المقبل سيهلك الثروة المائية والحيوانية، والحكومة تركت القضية من غير حل بدل التفاوض مع دول المنبع.

ميسان – الرافدين
أظهرت مقاطع مصورة تداولها ناشطون عراقيون نفوق ملايين الأسماك في نهر العز بقضاء المجر الكبير في محافظة ميسان في مشهد مؤلم بسبب الجفاف وارتفاع درجات الحرارة ونسبة الملوحة.
وحمل ناشطون الحكومة ما آلت إليه الأوضاع في البلاد بسبب شح المياه وإهمال الجهات المعنية لهذا الملف رغم تفاقم الأزمة وتأثيرها على الثروة الحيوانية.
وأكدت الجهات الحكومية في محافظة ميسان نفوق ملايين الأسماك في نهر العز بقضاء المجر محذرة من ظهور أمراض خطيرة مع استمرار أزمة الجفاف.
قال قائممقام قضاء المجر الكبير، أحمد عباس، إن “الأجهزة الرقابية رصدت نفوق كميات كبيرة من الأسماك في القنوات الإروائية التابعة لنهر العز في قضاء المجر الكبير”، مؤكدًا أن نفوق الأسماك بسبب شح المياه.
وأضاف أن القضاء والمناطق التابعة له يشهد تراجعًا مرعبًا في الكميات المائية المجهزة له، وأن الزراعة اختفت هذا الموسم في الصيف بسبب الجفاف.
أوضح أحمد عباس، أن كافة المؤشرات تدل على أن الوضع في الأيام المقبلة سيكون شحيحا مائيا، محذرا من ظهور أمراض خطيرة بسبب شح المياه.
ولا تلتفت حكومة الإطار التنسيقي للتحذيرات التي تطلقها المنظمات والمراصد المختصة بشأن ما يشهده العراق من كارثة بيئية بسبب شح المياه.
وأكد مرصد العراق الأخضر، وهو مرصد إعلامي عراقي متخصص بشؤون البيئة، أن نفوق ملايين الأسماك في قضاء المجر نتيجة قلة المياه، بداية تداعيات لصيف جاف، متهمًا الجهات المعنية بتجاهل التحذيرات.
وقال المرصد في بيان صحفي، إنه “منذ فترة ليس ببعيدة حذرنا المعنيين بملف المياه، بأن صيف العراق المقبل سيهلك الثروة المائية والحيوانية للبلاد، وأن السلطات العراقية تركت قضية المياه لحلول السماء وليس التفاوض مع دول الجوار”.
وأوضح المرصد البيئي، أن “نفوق ملايين الأسماك نتيجة قلة المياه بقضاء المجر بميسان، بداية لتداعيات الصيف الذي سيجفف المياه”.
وبين أن “الجفاف لا يقتصر على مناطق الجنوب مثل الأهوار والأنهر الفرعية، إنما أعالي نهري دجلة والفرات الواقعة بمناطق الوسطى والشمالية”.
ويشهد العراق منذ سنوات موجة جفاف حادة ازدادت سوءًا في العامين الماضيين، من غير أن تتخذ الحكومة إجراءات حقيقية لمعالجة الأزمة رغم التحذيرات الدولية والمحلية.
ويمثل نهرا دجلة والفرات المصدر الرئيس للمياه في العراق ومع سوء إدارة ملف المياه والسياسات المائية لدول المنبع قلت مناسبين النهرين إلى مستويات خطيرة، ووصل ارتفاع المياه في بعض المناطق إلى أقل من متر واحد.
وبحسب مصادر حكومية وصل مخزون العراق المائي إلى 30 بالمائة عاكسًا الفشل المستمر لحكومة السوداني.
وسبق أن أعلنت وزارة الموارد المائية عن تجفيف 297 بحيرة أسماك، لمواجهة شح المياه.
وبحسب الوزارة المساحات التي تشغلها أحواض الأسماك غير المرخصة 60 ألف دونم تعمل على إزالتها، فيما تواجه هذه الإجراءات انتقادات بأنها غير مجدية.
ورجحت جمعية مربي الأسماك أن يخسر العراق أكثر من نصف إنتاجه من الأسماك إثر إجراءات مواجهة الجفاف بعد إزالة الأحواض غير القانونية.
وأضافت الجمعية أن هدم هذه الأحواض على الأنهار بموجب قرار وزارة الموارد المائية في موعد أقصاه الأول من تموز المقبل، سيرفع سعر الكيلوغرام من السمك إلى 15 ألف دينار.
وقال الخبير البيئي عادل المختار، إن “المبادرات السنوية التي أطلقتها الحكومة، لا تعدو عن كونها مبادرات إعلامية فقط، ليس لها أي تنفيذ على أرض الواقع”.
وأضاف “المعنيون بهذا الملف يجب أن يلتفتوا إلى كيفية إدارة ملف المياه، فالعراق حتى في ظل هذا الوقت الحرج ما زال يتعامل مع الري كأنه في زمن الوفرة، غير مبال بالتغييرات المناخية والجفاف، وفي أكثر من مرة ذكرت أن الوضع سيكون كارثيًا فيما لو كان الشتاء المقبل جافًا”.
وأكد على أن الحكومة أهملت ملف المياه، ولم تستغل حتى الإطلاقات التي تمنح للعراق.
ويؤكد المختص في شؤون المياه، تحسين الموسوي، أن ما تقوم به الحكومة من إجراءات هو لتغطية على فشلها في الضغط على دول المنبع لإطلاق حصص العراق المائية.

تحسين الموسوي: وزارة الموارد المائية لم تستمع للتحذيرات الدولية حول الجفاف المتوقع بسبب تغير المناخ وغياب الاستراتيجية والخطط والرؤى الواضحة

قال تحسين الموسوي، إن “وزارة الموارد المائية اضطرت إلى إزالة أحواض تربية الأسماك بعد أن خابت مساعيها خلال المفاوضات مع تركيا وإيران حول حصص المياه، لتدخل البلاد عامها الخامس في ظل الجفاف الشديد”.
وأوضح الموسوي، أن وزارة الموارد كانت قد أطلقت العنان لبحيرات الأسماك الطينية في عام 2017، ولم تستمع للتحذيرات الدولية حول الجفاف المتوقع بسبب تغير المناخ وغياب الاستراتيجية والخطط والرؤى الواضحة، لتضطر الآن إلى قطع المياه عنها.
وبحسب البنك الدولي يحتاج العراق الذي يعيش أزمات مستمرة منذ تولي الأحزاب الموالية إلى إيران السلطة، إلى استثمار 180 مليار دولار على مدى العقدين المقبلين في البنية التحتية وبناء السدود ومشاريع الري.
ووفقا لتوقعات “مؤشر الإجهاد المائي” لعام 2019 فإن العراق سيكون أرضًا بلا أنهار بحلول عام 2040، ولن تصل مياه النهرين إلى المصب النهائي في الخليج العربي.
ومؤشر الإجهاد المائي هو مقياس لندرة كمية المياه العذبة المتجددة المتوفرة لكل شخص في كل عام من إجمالي الموارد المائية المتاحة لسكان المنطقة.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى