أخبار الرافدين
21عاما على احتلال العراق: فشل وفساد سياسيتقارير الرافدين

السوداني يمارس خدعة اقتصادية على الرأي العام في اتفاق المقايضة مع إيران

العراق ينفق نحو 4 مليارات دولار سنويًا على واردات الغاز والطاقة من إيران، بينما يحرق في الوقت نفسه كميات هائلة من الغاز الطبيعي كمنتج ثانوي لقطاع المحروقات فيه.

بغداد- الرافدين
مارس رئيس حكومة الإطار التنسيقي محمد شياع السوداني، خدعة اقتصادية على الرأي العام عندما بسّط الاتفاق مع إيران بشأن تزويد العراق بالغاز للمحطات الكهربائية، بالمقايضة مقابل النفط العراقي.
وذكر أن العراق وقع اتفاقًا مع إيران يقايض بموجبه نفطه الخام بالغاز الإيراني لإنهاء مشكلة متكررة تتعلق بتأخر المدفوعات لطهران بسبب ضرورة الحصول على الموافقة الأمريكية.
ولم يقل رئيس الحكومة المشكلة من قبل الإطار التنسيقي الذي تنضوي تحته الميليشيات الولائية، إن ربط سعر الغاز الإيراني بسعر النفط وبمعادلة سعرية قد أضر بمصالح العراق لصالح إيران.
وقال السوداني إن إيران خفضت صادراتها من الغاز إلى العراق بأكثر من 50 بالمئة اعتبارًا من الأول من تموز بعد عدم تمكن بغداد من الحصول على موافقة الولايات المتحدة على صرف الأموال المستحقة عليها، قبل أن توافق طهران على استئناف صادرات الغاز مقابل النفط الخام العراقي.
وأخفى السوداني في بيانه الإجحاف الاقتصادي الذي لم يراع المصلحة العراقية في عملية المقايضة غير العادلة مع إيران.
ويشتري العراق بموجب اتفاق المقايضة سعر المليون وحدة حرارية أعلى بـ 3.5، ثلاث مرات ونصف من السعر العالمي وهو ما أشارت إليه دراسة شركة “بريتش بتروليوم” في تقرير لوكالة رويترز بينت فيه أن العراق يشتري المليون وحدة حرارية ب 11.23 دولارًا وفقًا للمعادلة السعرية.
وقال السوداني إنه بمقايضة النفط الخام العراقي بالغاز الإيراني سيتجنب العراق الانقطاعات المستمرة للتيار الكهربائي التي أصبحت هي القاعدة في الصيف، وذلك في الوقت الذي تسعى فيه البلاد لاستكمال مشروعات استخراج الغاز التي من شأنها أن تحقق اكتفاءًا ذاتيًا لها.
وقال الدكتور باسل حسين رئيس مركز “كولواثا” لدراسات وقياس الرأي العام العراقي. إن اتفاق المقايضة أطاح بمصالح العراق تمامًا حينما تضمن العقد صيغة غريبة محزنة هي “take or pay”.

باسل حسين: اتفاق المقايضة أطاح بمصالح العراق تماما حينما تضمن العقد صيغة غريبة محزنة هي “take or pay”

وأوضح الباحث العراقي في تحليل معمق لطبيعة اتفاق المقايضة، إن الصيغة تعني “إذا العراق لم يكن قادرًا على استلام الغاز الإيراني بسبب عطل في المحطات أو الأنابيب الناقلة، فعلى العراق دفع 90 بالمائة من الطاقة التصديرية للأنابيب وإن لم يستلمها، وبالمقابل لا شيء يترتب على الجانب الإيراني إذا قطعت الغاز ودون سابق إنذار”.
وقال “في حين كان ينبغي أن يكون العقد على صيغة take and pay، الذي كان يحمي مصالح العراق ومعناه أن العراق سوف يدفع فقط مقابل ما يستلم من غاز”.
ويستورد العراق الكهرباء والغاز من إيران وهما يشكلان إجمالًا ما بين نحو 33 و40 بالمئة من إمداداته من الطاقة، ولا سيما في أشهر الصيف الحارقة عندما تصل درجات الحرارة إلى 50 درجة مئوية ويبلغ استهلاك الطاقة ذروته.
وقال السوداني إن العراق يدين لإيران بنحو 11 مليار يورو، ولكنه يواجه صعوبة في سداد هذه الديون بسبب العقوبات الأمريكية التي لا تسمح لإيران سوى بالحصول على أموال لشراء سلع غير خاضعة للعقوبات، مثل الغذاء والدواء.
ويتناقض كلام السوداني مع تصريحات المتحدث باسم وزارة الكهرباء أحمد موسى، الذي أعلن إنّه تم سداد جميع مستحقات الغاز الإيراني، وتم إيداعها في صندوق الاعتماد لدى المصرف العراقي للتجارة.
وقال الدكتور باسل حسين “كان على الحكومة البحث عن البدائل بدلًا من اتفاق المقايضة غير العادل مع إيران، فضلًا عن الإسراع في استثمار حقول الغاز في العراق ومعالجة الغاز المحروق في الحقول النفطية”.
وعبر عن استغرابه من بيان الإطار التنسيقي الذي وقف إلى جانب إيران ضد الولايات المتحدة وتحميل المسؤولية لواشنطن في قضية انقطاع إمدادات الغاز.
وقال “كان على البيان الدفاع على العراق ضد الدولتين فإيران لا تحتاج إلى أحد في الدفاع عنها لأنها ماهرة جدًا في الحفاظ على مصالحها، وكان الأولى بالبيان الدفاع عن مصالح العراق أولًا وأخيرًا”.
في غضون ذلك رفض متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية التعليق على اتفاق المقايضة بين العراق وإيران، ولم يتطرق إلى ما إذا كان مثل هذا الترتيب قد ينتهك العقوبات الأمريكية.

هنري روم: اتفاق المقايضة من غير المرجح أن يمنع إيران من مواصلة السعي للحصول على أموال من العراق

وقال “لم يطرأ أي تغيير على سياسة الولايات المتحدة تجاه إيران أو العراق، فإدارة بايدن تواصل تنفيذ جميع العقوبات الأمريكية على إيران”، مضيفًا أن واشنطن “تدعم بقوة مسار العراق نحو تحقيق الاستقلالية في مجال الطاقة”.
وقال هنري روم المحلل في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى إن اتفاق المقايضة من غير المرجح أن يمنع إيران من مواصلة السعي للحصول على أموالها لدى العراق.
وأضاف “لست مقتنعًا بأن ترتيب المقايضة المحض مثلما وصفه السوداني مرضيًا لإيران نظرًا لحاجتها إلى العملة الصعبة… وحتى لو وجد هذا الترتيب طريقه إلى التنفيذ، فمن المحتمل ألا يمنع إيران من السعي للحصول على مليارات الدولارات التي لا تزال محتجزة في الحسابات العراقية”.
وتضغط الولايات المتحدة على العراق، ثاني أكبر منتج في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، لخفض اعتماده على الغاز الإيراني.
وينفق العراق نحو 4 مليارات دولار سنويًا على واردات الغاز والطاقة من إيران، بينما يحرق في الوقت نفسه كميات هائلة من الغاز الطبيعي كمنتج ثانوي لقطاع المحروقات فيه.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى