أخبار الرافدين
بهاء خليل

أزمة الكهرباء… أصابع تحت أضراس

من المشاكل التي أصبحت ملازمة للمواطن العراقي هي مشكلة انقطاع التيار الكهربائي المستمر وخصوصا في فصل الصيف، فعلى الرغم من المبالغ الهائلة التي تصرف لتحسين قطاع الكهرباء كل عام إلا أنه وبمجرد دخول فصل الصيف أيامه الأولى تنهار المنظومة الكهربائية العراقية وتعجز الكوادر العراقية عن إيجاد الحلول وهذا ما يؤدي في الغالب الى انقطاع الكهرباء عن اغلب مناطق العراق.
يمتلك 41 محطة لإنتاج الكهرباء 70 بالمائة منها يعمل على الغاز الطبيعي وهذه المحطات الغازية تم بناؤها او تطويرها بعد عام 2003 وبالتحديد في الفترة من عام 2006 الى 2014 أي في زمن رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، هذه المحطات الغازية والبالغ عددها 26 محطة وضعت أصابع العراق تحت اضراس إيران حرفيا لأن العراق لم يتمكن حتى الان من استخراج الغاز الطبيعي المصاحب للنفط ولا الغاز غير المصاحب لاستخراج النفط والمتوفر بكميات هائلة تحت ارضه، وهذا يعني اعتماده على استيراد الغاز لتشغيل هذه المحطات في الوقت الحالي. والحقيقة أن هنالك تعمد واضح من الجهات الحكومية في استمرار الوضع على ما هو عليه دون أي تحرك جاد نحو استخراج الغاز العراقي رغم العروض الكثيرة التي جاءت من مختلف الدول التي لها خبرة وباع طويل في موضوع استخراج الغاز ورفضت الكثير من العروض التي لا ترفض والتي من شأنها ان تساعد العراق على انهاء مشكلة الكهرباء الأزلية، بل بالعكس وقع العراق عقود توريد طويلة الأمد لاستيراد الغاز من إيران وبأسعار تفوق المعروض في السوق العالمية بثلاثة اضعاف وهذا ما جعل الجانب الإيراني يستخدم ورقة الغاز لابتزاز العراق أكثر من مرة من خلال قطع او تقليل كمية الغاز المصدر الى العراق عن طريق الانابيب الممتدة بين البلدين.
ومع فشل الجانب الأمريكي والإيراني في الوصول الى حل فيما يتعلق بالاتفاق النووي بين البلدين أصبحت ورقة الغاز الإيراني من اهم الأوراق التي تلاعب بها إيران أمريكا في العراق وأموال الغاز التي بذمة العراق أصبحت هي ايضا ورقة ضغط أمريكية ضد إيران وكلما زاد الشد من قبل الطرفين قطعت إيران الغاز من جهة ورفضت واشنطن إيصال الأموال المستحقة لإيران وهنا يكون المواطن العراقي هو من يدفع ثمن هذا الصراع بين الدوليتين المحتلتين للعراق بالمناصفة.
إن الطريقة الممنهجة التي تم بها بناء أو تغيير المحطات من حرارية الى غازية تؤكد وجود تخطيط مسبق واتفاق بين حكومة نوري المالكي وإيران لضمان إيجاد مشتر للغاز الإيراني حتى في فترة العقوبات الأمريكية على إيران وأيضا ضمان استمرار تدفق العملة الصعبة التي تحتاجها إيران لتمويل ميليشياتها وصناعتها العسكرية رغم العقوبات الأمريكية وهذا ما كان، فإيران لم تتأثر بحزم العقوبات الأمريكية وتصدر يوميا 3 ملايين برميل نفط، فضلا عن الغاز الذي تقوم بتصديره للعراق وتركيا.
ومن خلال ما سبق نجد أن أساس المشكلة التي يعاني منها العراق حاليا في انتاج الكهرباء سببها هو السياسة الخبيثة التي انتهجتها حكومة المالكي والتي وضعت الكهرباء في العراق رهينة بمدى رضا إيران عن الساسة العراقيين، فإيران لا تسمح حاليا باستخراج الغاز العراقي ولا تسمح ببناء محطات حرارية ولا تسمح أيضا بالربط الكهربائي مع دول الجوار وأي حكومة تقف بالضد من أوامر طهران ستجد نفسها امام عمليات إرهابية تستهدف خطوط نقل الطاقة وأبراج الضغط العالي كما حدث في صيف 2021 من خلال تحريك ميليشياتها في العراق.
وبين هذا وذاك يجد الموطن العراقي نفسه بين مطرقة حر الصيف اللاهب وسندان الحكومات التي تسعى لتنفيذ أوامر طهران دون أي امل للمواطن في إيجاد حل لهذه المعضلة وليس امامه سوى الانتظار حتى يقضي الله امرا كان مفعولا.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى