أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

الحمى النزفية تنتشر في المدن العراقية وسط تهاون وزارة الصحة

عضو نقابة الأطباء العراقيين علي السلامي: هناك إهمال من قبل وزارة الصحة للحمى النزفية وتنفيذ معالجات عاجلة لها، تسبب بارتفاع أعداد الإصابات والوفيات بشكل كبير.

بغداد – الرافدين
كشف ارتفاع إصابات الحمى النزفية في العراق تجاهل الحكومة للتحذيرات المستمرة من مخاوف انتشار الفيروس على نطاق أوسع، وسط ضعف التدابير الحكومية لمواجهة المرض، مع ارتفاع درجات الحرارة في البلاد التي تشهد أشد موجة حر منذ أربعين عامًا.
وكانت وزارة الزراعة الحالية، قد أعلنت الأسبوع الماضي، عن ارتفاع إصابات الحمى النزفية في البلاد، حيث بلغت 289 إصابة بينهم 41 حالة وفاة، فيما كانت الحصيلة منتصف حزيران الماضي بحسب وزارة الصحة تشير إلى تسجيل 192 إصابة، من بينها 29 حالة وفاة.
وتصدرت، محافظة ذي قار الأعداد بـ 73 إصابة، بينها 10 حالات وفاة، تلتها البصرة بـ 47 إصابة، بينها 7 حالات وفاة، وسجلت العاصمة بغداد 31 إصابة، بينها 7 حالات وفاة، فيما سجلت محافظة الأنبار أقل نسبة إصابات، إذ بلغت 4 حالات فقط، كما سجلت محافظة ديالى 3 إصبات دفعة واحدة، تلتها أربيل بإصابتين، ثم السليمانية وكركوك بإصابة واحدة.
وتشير الأرقام إلى اتساع رقعة الإصابات في البلاد بشكل متسارع خلال أقل من شهر، ما أظهر ردود فعل ومخاوف من تفشي الفيروس، وعدم جدية الحكومة في معالجة هذا المرض وانتشاره.
وقال عضو نقابة الأطباء العراقيين، راسم الزيدي إنّ “العدد الذي كشفت عنه وزارة الصحة يمثل طفرة خطيرة بإصابات الحمى النزفية في البلاد، وهو ما يستدعي اتخاذ تدابير عاجلة للحد من أسباب انتشاره”.
وطالب الوزارة وضع خطة شاملة لجميع محافظات البلاد، لإنهاء مصادر الحمى النزفية وبأسرع وقت ممكن”.
وأكد بأنّ “المصادر معروفة وهي أماكن الجزر العشوائي وساحات بيع المواشي التي مازالت مستمرة وسط المناطق السكنية”، مشددًا على، أنّ “الوزارة يجب أن تتحمل مسؤوليتها إزاء هذا الملف الخطير، وأن تضع له حدًا من خلال المتابعة الصارمة، ووضع العقوبات القانونية لكل المخالفين”.
وحذر من أنه “بخلاف ذلك فسيبقى البلد بيئة غير آمنة من الأمراض وانتشارها”.
من جانبه قال، مدير قسم الوبائيات في دائرة البيطرة التابعة لوزارة الزراعة الحالية، ثائر صبري حسين، إن “50 بالمائة من الأراضي الزراعية أصبحت خارج الخدمة ومهملة بسبب الجفاف، ولا يمكن رشها بسهولة بالمبيدات، لتصبح مرتعًا للقراد الناقل للمرض”.
واعتبر أن “توقف الطائرات المروحية الزراعية منذ سنوات طويلة وعدم رش المبيدات على تلك الأراضي، فاقم انتشار حشرة القراد فيها وبالتالي زيادة حالات الحمى النزفية بشكل كبير”.
ولم تتبن وزارة الصحة العراقية أي خطط جديدة لمواجهة الحمى النزفية والحد من انتشارها، نتيجة اللامبالاة المستمرة للحكومة بحياة المواطنين.

الذبح العشوائي للمواشي.. ظاهرة متفاقمة
ويرى مراقبون، أن الإهمال الحكومي المستمر لمشاكل وأزمات البلاد، تسبب بدمار الثروة الحيوانية ونفوق الأسماك، وأوقعت بالمواطن والفلاح ضررًا كبيرًا فيما أصبح أكثر من قطاع يعاني من هذا الضرر الكبير.
ويعيش العراق في كوارث متلاحقة كأزمة الجفاف والتصحر التي تسببت بتراجع الزراعة في البلاد، إثر تقليص مساحات واسعة من أراضيه المعدة للزراعة، فضلًا عن نفوق الجواميس وجفاف الأهوار وفقدان مصادر العيش في تلك المناطق، الأمر الذي أضحى سببًا في هجرة الناس إلى المدن.
وانتقد عضو نقابة الأطباء العراقيين، علي السلامي، ضعف الإجراءات الحكومية للحد من تفشي مرض الحمى النزفية.
وقال “هناك إهمال وتجاهل من قبل وزارة الصحة للحمى النزفية وتنفيذ معالجات عاجلة لها، وأن الإهمال يتسبب بارتفاع أعداد الإصابات والوفيات بشكل كبير”.
وشدد على وجوب وجود لجان خاصة ترصد عمليات الذبح العشوائي ونقل الحيوانات من دون فحص، وتفرض غرامات وعقوبات على المخالفين، مؤكدًا أنه بخلاف ذلك فإن المرض سيتفاقم بشكل كبير.
ويعاني، رعاة المواشي ومربوها من مخاوف عدة بعد تصاعد وتيرة الإصابات بالحمى النزفية في البلاد، حيث بات تفحص المواشي من قبل رعاتها من أهم واجباتهم الجديدة، في ظل ضعف الإجراءات الحكومية للوقاية من الفيروس.
وكان عدد من مربي الأغنام والأبقار في قضاء الكميت شمالي محافظة ميسان قد عبروا عن مخاوفهم من تفشي مرض الحمى النزفية في حيواناتهم، لا سيما مع غياب الرعاية البيطرية التي لم تصل قراهم الواقعة على أطراف القضاء.
وطالب الرعاة ومربو المواشي، المؤسسات المعنية لزيارتهم والوقوف على احتياجاتهم المتعلقة بتوفير المبيدات للحيوانات وتوفير مياه صالحة للشرب بعد أن جفت جميع الأنهار المحاذية لقراهم.
وقال عدد منهم، إنهم سمعوا بمرض الحمى النزفية ولكنهم يجهلون التعامل معه واكتشافه في الحيوانات وهم يشكون عدم زيارة المؤسسات البيطرية المعنية لهم وكذلك شحة المياه التي تسببت بنفوق حيواناتهم بسبب ارتفاع الأملاح في مياه الآبار وجفاف الأنهار.
من جانبه أكد مدير المستشفى البيطري في محافظة ميسان، باسم العريبي، على أن المفارز البيطرية تذهب للمناطق التي تسجل فيها إصابات بالحمى النزفية فقط، ولا يذهبون لجميع المناطق إلا في حال طُلب منهم ذلك.
وقالت لجنة الصحة النيابية “لا توجد إمكانية لمنع انتشار مرض الحمى النزفية في العراق بسبب ضعف الإجراءات الحكومية المتخذة بهذا الصدد”.
وبينت اللجنة، أن من أسباب انتشار المرض ظاهرة الذبح العشوائي للمواشي في مدن البلاد، والتي لا يمكن السيطرة عليها بسبب ضعف الرقابة الحكومية، وعدم محاسبة المقصرين.
وبحسب منظمة الصحة العالمية، فإن انتقال حمى القرم -الكونغو- النزفية إلى البشر يحدث “إما عن طريق لدغات القراد أو بملامسة دم أو أنسجة الحيوانات المصابة خلال الذبح أو بعده مباشرة”.
ولا يوجد لقاح إلى الآن لهذا المرض، وتتضح أعراضه الأولية عند ظهور الحمى وآلام العضلات وآلام البطن، لكن عند تطوره، يؤدي إلى نزف من العين والأذن والأنف، وصولًا إلى فشل في أعضاء الجسم ما يؤدي الى الوفاة، بحسب وزارة الصحة في العراق.
وتؤدي الإصابة بفيروس الحمى النزفية إلى الوفاة بمعدل يراوح من 10 إلى 40 بالمئة من المصابين، وفق منظمة الصحة العالمية.
يذكر أن العراق قد سجل 6 إصابات فقط بين عامي 1989 و2009، ثم ثلاث وفيات في العام 2018، وصولًا إلى “33 حالة مؤكدة، بما فيها 13 حالة وفاة” في 2021.
إجراءات وقائية ضعيفة
اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى