أخبار الرافدين
بهاء خليل

سياسة افتعال الأزمات

مرة أخرى أثبتت حكومة محمد شياع السوداني فشلها في واحد من أهم الملفات الشائكة، وهذه المرة في إدارة ملف الدولار والسيطرة عليه، ما أدى إلى انخفاض قيمة الدينار العراقي وسط مخاوف من استمرار هذا الهبوط والوصول لمستويات قياسية
كما يرجع أغلب المهتمين بالشأن المالي في العراق.
فما زالت حكومة السوداني عاجزة عن محاسبة المصارف المسؤولة عن تهريب الدولار إلى إيران وعن الإيفاء بوعودها للإدارة الأمريكية، ما دفع الأخيرة إلى فرض عقوبات على 14 مصرفا مرتبطا بعمليات تهريب للعملة إلى إيران، وقد تتبعه عقوبات على مصارف أخرى وشخصيات سياسية متنفذه أيضا مرتبطة بهذه المصارف وعمليات التهريب.
ولم تكد حكومة السوداني تستوعب الضربة التي وجهتها إيران لقطاع الكهرباء وخلقت أزمة في إنتاج الطاقة وامتعاض شعبي كبير من خلال قطع الغاز دون سابق إنذار حتى تلقت ضربة جديدة متمثلة بالعقوبات التي فرضتها وزارة الخزانة الأمريكية ضد المصارف المتعاملة مع إيران ما تسبب بارتفاع سعر صرف الدولار الأمريكي في الأسواق العراقية لتوجه هذه المرة أزمة جديدة فشلت أيضا في التعامل معها.
وكالعادة لجأت أحزاب الإطار التنسيقي إلى افتعال أزمة أخرى لأشغال الناس عن الأزمة الحقيقية المتمثلة بالواقع الاقتصادي السيئ والسياسة المالية المتخبطة من خلال استغلال حادثة حرق القرآن الكريم في السويد، وبالفعل استغلت هذه الحادثة من خلال إطلاق اتباعها للتظاهر حاملين صور خامنئي وإعلام المليشيات ردا على سماح السويد بحرق القرآن الكريم واتخذت حكومة السوداني قرارها بقطع العلاقات الدبلوماسية وأمرت السفيرة بالمغادرة وسحب القائم بالأعمال العراقي في السويد، وبذلك أضاف السوداني لحكومته إنجازا وهميا جديدا يضاف إلى سجل الإنجازات الوهمية الحافل منذ تسلمه المنصب.
غير أن ذلك لم يكن كافيا بالنسبة للإطار وميليشياته حيث استخدمت هذه الحادثة للنيل من خصمهم الحالي في العملية السياسية مقتدى الصدر عندما وضعوه وتياره في مصاف الخارجين على القانون بعد إحراقهم لمقر السفارة السويدية في بغداد متناسين فرحتهم ودعمهم لإيران عندما أحرق متظاهرون إيرانيون السفارة السعودية في طهران احتجاجا على إعدام المعارض السعودي نمر النمر عام 2016.
إن سياسة افتعال الأزمات أو الاستفادة من الأزمات الموجودة في أشغال الخصوم عن المشكلة الأساسية، سياسة قديمة وتجيدها القوى السياسية بحرفية عالية وقد تكون هذه السياسة هي أولى الدروس التي تعلموها في إيران، وأصبحوا مدمنين عليها لدرجة أن المواطن يعجز حتى الآن عن إيجاد منجز واحد أو حل لأي من المشكلات التي تواجهه منذ عام 2003، وبدل من حل المشكلة الأولى يجد نفسه منشغلا بمشكلة أكبر وأكبر وهكذا.
إن استمرار السياسة المالية التي يتبعها السوداني والبنك المركزي قد ينتج عنها عقوبات تطال البنك المركزي العراقي. صحيح أن هذا الأمر مستبعد حتى الآن نتيجة تخوف الإدارة الأمريكية من اتجاه العراق نحو الصين في تعاملاته، لكن أيضا ذلك لا يعني أن الولايات المتحدة ستقف عاجزة عن إيجاد حل لمشكلة تهريب الدولار إلى إيران.
وهذا يعني استمرار الأزمات المفتعلة يوما بعد آخر ومعها تزداد معاناة المواطن البسيط في ظل الارتفاع الجنوني للدولار أمام الدينار العراقي وارتفاع التضخم وزيادة الأسعار التي عجزت حكومة السوداني عن السيطرة عليها في فشل آخر يضاف إلى سلسلة الفشل الذي تميزت به حكومة الإطار التنسيقي حتى الآن.
ورغم مرور 9 أشهر حتى الآن على عمر الحكومة يعيش المواطن العراقي حالة من اليأس المتكرر بعد كل انتخابات وكل حكومة جديدة تطل بها علينا العملية السياسية الأمريكية الهزيلة في العراق ودون حلول حقيقية أو بارقة امل بالعيش الكريم.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى