أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

حيدر حنون يعرض كوميديا قضائية عن سرقة القرن لتبرئة لصوص الدولة

هيئة النزاهة تبحث عن لصوص صغار خارج العراق في محاولة لتبرئة سبعة فصائل مشاركة في حكومة الإطار التنسيقي عن سرقة القرن.

بغداد- الرافدين
قدّم رئيس هيئة النزاهة حيدر حنون “عرضا كوميديا قضائيا” ليتنافس به مع تراجيديا العروض السياسية القائمة في العراق، في محاولة مكشوفة لاستغفال الرأي العام عندما وعد بتحرك لتنظيم “إشارات حمراء” من الإنتربول بحق المطلوبين في سرقة القرن.
ويكشف مسعى رئيس هيئة النزاهة عن طبيعة الفساد الكامن في بنية القضاء العراقي، عندما يحاول أبعاد جريمة سرقة القرن عن سبعة فصائل مشاركة في حكومة الإطار التنسيقي والبحث عن كبش فداء من اللصوص الصغار، بذريعة أنهم خارج العراق.
وتزامن عرض رئيس هيئة النزاهة في وقت تهكمت فيه مجلة “إيكونوميست” بطريقة أن العراق يعيش مسرحية الديمقراطية، فعلى الرغم من أن المشهد العام يبدو على ما يُرام، بوجود هيئة النزاهة العامة ومجلس القضاء الأعلى ولجنة الأخلاقيات البرلمانية، فإنه يفتقر إلى المصداقية والموثوقية.
ونقلت المجلة عن أحد المسؤولين السابقين قوله إن البلد بمثابة “أرض للعصابات”. غالبًا ما تُستخدم المؤسسات التي يجب أن تحافظ على المساءلة لزعزعة استقرار الشعب.
وكشف التحقيق التلفزيوني المصور لمجلة “إيكونوميست” البريطانية عن ضلوع سبعة فصائل مرتبطة بالأحزاب والميليشيات الحاكمة في العراق في سرقة القرن التي تم فيها نهب 2.5 مليار دولار من أموال الضريبة في العراق.
وذكرت المجلة في التحقيق المصور الذي أجراه مراسلها في الشرق الأوسط نيكولاس بيلهام، أن لصوص الدولة يتقاتلون في ما بينهم في العلن، لكنهم يعملون معا لإثراء أنفسهم، بغض النظر عن المواقف السياسية والطائفية.
وقال الباحث السياسي في “ذي سنتشري فاونديشن” سجاد جياد أن سبعة فصائل من مختلف الأطياف قد حصدت مكاسب من سرقة القرن: المدعومون من إيران، والمدعومون من الولايات المتحدة، وأنصار الوضع الراهن، وكل الفصائل تستفيد من مخططات الفساد.
وأضاف “هؤلاء المعارضون يقاتلون بعضهم البعض في العلن لكنهم يعملون سويًا لإثراء أنفسهم، بغض النظر عن المواقف السياسية والأيديولوجية”.
ويقدر مسؤولون أن حجم الأموال التي اختفت من الخزانة العامة منذ سنة 2003 تتجاوز 300 مليار دولار.
ويصنف العراق من البلدان الغنية في العالم، حيث يعد أحد أكبر منتجي النفط في العالم بتحقيق أرباح من الصادرات في السنة الماضية تجاوزت 115 مليار دولار. ومع ذلك، لا يصل سوى القليل من هذه الأرباح إلى الناس العاديين.
وتستهدف مذكرات التوقيف التي أعلن عنها حيدر حنون، مدير مكتب رئيس الحكومة السابق مصطفى الكاظمي ورئيس جهاز المخابرات السابق رائد جوحي، والسكرتير الخاص للكاظمي، أحمد نجاتي، ووزير المال السابق علي علاوي، ومستشار الإعلام السابق للكاظمي مشرق عباس.
وافرجت حكومة السوداني في شباط عن نور زهير أحد المتورطين بالقضية بالتعاون مع ميليشيا بدر التي يرأسها هادي العامري.
وجاء الافراج بكفالة مقابل إعادة باقي الاموال المسروقة في غضون اسبوعين، لكنه اختفى بعد ذلك.
ووفقا لمسؤولين عراقيين، تدور سرقة القرن حول عمليات سحب نقدي غير مشروعة من الهيئة العامة للضرائب في البلاد في عامي 2021 و2022 بلغ مجموعها حوالي 2.5 مليار دولار، وهو مبلغ ضخم حتى في البلد الذي يصنف دائما من بين أكثر الدول فسادا في العالم.
ونفى الكاظمي ووزير المالية السابق علي علاوي ضلوعهما في الفساد الذي تردد أنه افتُضح في أواخر العام الماضي بعد تولي حكومة جديدة السلطة.
واستقال علاوي من المنصب في أغسطس آب 2022 متذرعا بالتدخل السياسي في العمل الحكومي وبالكسب غير المشروع. وقال بعد ذلك إنه اتخذ خطوات لمنع حدوث سرقة في الهيئة العامة للضرائب لكن المسؤولين الآخرين تجاهلوا قراراته.
وأشار حيدر حنون إلى أن العراق يسعى إلى تسلم المتورطين في السرقة من عدد من الدول منها الإمارات وتركيا والأردن والسعودية، كما دعا الولايات المتحدة والمملكة المتحدة إلى “تسليم المتهمين الهاربين”.
وقال إن جميع المطلوبين في “سرقة القرن” لا تقل عملية استحواذ الواحد منهم عن 100 مليار دينار (77 مليون دولار).
وأضاف أن “الجريمة كبيرة وعدد المتهمين فيها يزيد عن 48 متهما”.


سجاد جياد: سبعة فصائل من مختلف الأطياف قد حصدت مكاسب من سرقة القرن: المدعومون من إيران، والمدعومون من الولايات المتحدة، وأنصار الوضع الراهن، وكل الفصائل تستفيد من مخططات الفساد.
ولم يكشف عن الرؤوس الكبيرة التي أدارت عملية السرقة، وأغلبهم من الشركاء في تشكيل الحكومة الحالية والمتواجدين داخل العراق.
وقال حنون لوكالة “رويترز” في وقت لاحق إن رجل أعمال عراقي يدعى نور زهير، أصبح أحد أبرز المشتبه بهم في القضية، استعاد نحو 380 مليار دينار (292 مليون دولار) من الأموال المسروقة منذ إطلاق سراحه بكفالة في 2022.
ويتساءل الكثيرون في العراق عن سبب السماح لنور زهير بحرية الحركة على الرغم من مزاعم المسؤولين بأنه لعب دورا رئيسيا في السرقة.
وقال حنون إن قضية نور زهير ما زالت معلقة، مضيفا أن قرار إعادة احتجازه في يد القضاء.
وبعد فترة وجيزة من اعتقال نور زهير نقل من سجن المطار إلى مركز احتجاز “كبار الشخصيات” والمزود بحوض سباحة.
وتمت بعدها الإطاحة بمصطفى الكاظمي من منصب رئيس الوزراء، وعين المعسكر الموالي لإيران رجلهم محمد شياع السوداني لرئاسة الحكومة. وعلنًا؛ تبنى السوداني التحقيق بسرقة القرن ووعد بأنه لن يسلم أحد من طائلة القانون. بعد شهر من ولايته؛ عقد مؤتمرًا صحفيًّا وأمامه مبلغين عملاقين من الدنانير، وأعلن “منتصرًا في مشهد مسرحي” أنه استعاد 125 مليون دولار من زهير، وهو جزء صغير من المليارات المفقودة.
بعد ذلك بوقت قصير؛ أُطلِقَ سراح زهير بكفالة لمدة أسبوعين، وقال العملاء إن هذا كان لمساعدة السلطات على استعادة المزيد من الأموال، وبعد شهور كان لا يزال طليقًا.
ويقول كاتب التحقيق في مجلة “إيكونوميست” عندما زرتُ العراق هذا الربيع؛ مررت بجوار قصر نور زهير في المنصور، وكانت الأضواء مضاءة. وزعم العراقيون الذين تحدثت إليهم أنه كان قد تم رصده في دبي وعمَّان ولندن. وفي نيسان 2023؛ قامت المحاكم بإلغاء تجميد أصوله، وأخبرني أحد مساعدي السوداني أن رئيس الوزراء ليس لديه خيار آخر؛ حيث قال “لو لم يطلق سراح نور زهير لكان قد فقد رأسه”.
وقالت “إنه بعد الإطاحة بنظام الرئيس صدام حسين، نهبت هذه الجماعات موارد البلاد، ونشرت نظام المحسوبية. وتقاسم رؤساء الأحزاب، الذين ينتمي الكثير منهم إلى المليشيات، الوزارات المربحة فيما بينهم من خلال المساومات والمقايضات”.
وأكدت على أن العراق أصبح موطئ قدم للميليشيات، ولكل منها جناح سياسي وإمبراطورية تجارية، ناهيك عن أنها تفرض نفوذها في جميع المستويات الحكومية. والرشوة متفشية، وأولئك الذين لا يمكن شراء ذممهم يكونون عرضةً للتهديد بطريقة “سوف تغادر العراق ميتا”.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى