أخبار الرافدين
تقارير الرافدين

دخول قانون الموازنة حيز التنفيذ يرفع من سعر تصريف الدولار

البنك الدولي: على الرغم من تحقق الإيرادات النفطية القياسية وإقرار الموازنة المالية، لا يزال العراق عرضة للصدمات الاقتصادية.

بغداد- الرافدين
تزامن دخول قانون الموازنة حيز التنفيذ، مع ارتفاع مضطر في سعر تصريف الدولار في أسواق العراق، الأمر الذي يكشف عن ارتباك السياسة الاقتصادية في البلاد.
واستمرت أسعار صرف الدولار الأمريكي مقابل الدينار العراقي بالارتفاع، الثلاثاء، في أسواق بغداد وأربيل في شمال العراق.
وسجلتا بورصتا الكفاح والحارثية في بغداد، سعر صرف بلغ 151000 دينار عراقي مقابل 100 دولار أمريكي، فيما سجلت الأسعار ليوم الاثنين 150500 دينار مقابل 100 دولار.
وارتفعت أسعار الدولار في محال الصيرفة بالأسواق المحلية في بغداد، وبلغ سعر البيع 152000 دينار، بينما بلغت أسعار الشراء 150000 دينار لكل 100 دولار.
وتشير موازنة العراق للسنوات 2023-2025 إلى اتجاه توسعي كبير في المالية العامة قد يؤدي إلى استنزاف سريع للعائدات النفطية غير المتوقعة، وبالتالي إلى معاودة الضغوط على المالية العامة.
وحاول المستشار الاقتصادي لرئيس حكومة الإطار التنسيقي مظهر محمد صالح، التخفيف من وطأة ارتفاع أسعار صرف الدولار عندما تحدث عن “الأثر الإيجابي” للوضع الاقتصادي بعد دخول قانون الموازنة حيز التنفيذ.
وقال إن “أول شيء إيجابي بدخول قانون الموازنة حيز التنفيذ، هو بدء الإنفاق على المشاريع الاستثمارية في البلاد ما يشكل نقطة استباقية لنهضة سوق الأعمال والعمل واستقرارهما ونقطة تفاؤل لبناء توقعات اقتصادية إيجابية على انطلاق التنمية الوطنية التي ستستمر حتى نهاية العام 2025”. من دون أن يكشف عن أي من الشركات الدولية المستعدة للمجازفة بأموالها من دون ضمانات حكومية خشية ألا تتعرض إلى الابتزاز وتضطر إلى دفع الإتاوات لجهات متنفذة داخل حكومة محمد شياع السوداني.
وكانت صحيفة “وول ستريت جورنال” المتخصصة بالشؤون الاقتصادية قد شككت في قدرة حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني، في السيطرة على شبكات تهريب وغسيل الأموال القذرة إلى إيران ودول أخرى.
وذكرت الصحيفة أن تحركات السوداني بشأن محاصرة تهريب الدولار بعد زيادة سعر الصرف مقابل الدينار العراقي، جاءت نتيجة امتثاله للضغوط الأمريكية لمنع تهريب الدولار إلى إيران.
وأشارت إلى أنه يصعب على السوداني الوقوف بوجه شبكات غسيل الأموال القذرة، لوقوف جهات سياسية متنفذة خلف تجارة الدولار غير المشروعة، والتي أدت إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية في السوق وأثقلت كاهل العراقيين.
ويتخذ تهريب الدولار من العراق أشكالًا مختلفة، مما يعقد أي جهد حكومي. ففي بعض الحالات، تحصل شبكات التهريب على الدولارات نقدًا من تجار العملة وتنقلها في سيارات إلى إيران ودول أخرى مجاورة للعراق.
وتتدفق مئات الملايين من الدولارات يوميًا عبر البنوك العراقية ومكاتب الصرافة غير الخاضعة للرقابة، والتي يقول مسؤولون أمريكيون إنها مليئة بالمعاملات الاحتيالية وغسيل الأموال.
وألقى السوداني باللوم على تجار العملة في رفع سعر صرف الدينار العراقي مقابل الدولار منذ العقوبات الأمريكية على 14 مصرفًا عراقيًا.
وعزا ارتفاع سعر الصرف إلى مجموعة من المهربين والمتلاعبين بالأسعار، من دور الإشارة إلى النفوذ السياسي لأحزاب وميليشيات مشاركة في حكومته في عمليات غسيل الأموال القذرة.
غير أن أستاذ الاقتصاد في جامعة البصرة الدكتور نبيل المرسومي، قال إن “مسألة السعر الموازي لا يمكن أن يتم التغاضي عنها، ولا يمكن أن ننسب الأخير إلى المضاربين، فالطلب على الدولار في السوق الموازية حقيقي، وهو يتعلق بمسألتين أساسيتين، الأولى تتمثل بأنه ليس كل المسافرين العراقيين باستطاعتهم الحصول على الدولار الرسمي وخاصة المسافر إلى الدول المعاقبة من قبل الولايات المتحدة”.
وظلت البنوك العراقية منذ الاحتلال الأمريكي عام 2003 تعمل بناء على قواعد أقل شدة. إلا أن سنوات من الحكومات الضعيفة والأزمات السياسية والأمنية والفساد الكامن في بنية الوزارات الحكومية المستمرة، قادت الإدارات الأمريكية المتعاقبة لتأجيل تحويل النظام المصرفي العراقي لكي يتواءم مع ممارسات تحويل الأموال الدولية.


الدكتور نبيل المرسومي: لا يمكن أن ننسب ارتفاع سعر الصرف إلى المضاربين، فالطلب على الدولار في السوق الموازية حقيقي
ومنذ بدء تطبيق الإجراءات الأمريكية فقد تم منع نسبة كبيرة من عمليات تهريب الدولار إلى إيران والتي كانت تصل في بعض الأيام إلى 250 مليون دولار، حسب مسؤولين أمريكيين وعراقيين وبيانات حكومية.
وبعد عقدين من الاحتلال الأمريكي، لا يزال العراق يحتفظ باحتياطاته من العملات الأجنبية في بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك، ويودع عائدات صادراته النفطية في حساباته الرسمية هناك.
وكان تقرير جديد للبنك الدولي قد حذر بأن هناك “ديناميت” سينفجر في الاقتصاد العراقي بمجرد انخفاض أسعار النفط، حيث ما زالت القطاعات غير النفطية تعاني من الكساد التام.
وذكر تقرير البنك بعنوان “الضغوط تعاود الظهور: التعافي في العراق على المحك” بأن المخاوف حقيقية وجادة أمام اقتصاد لم يغادر اعتماده المطلق على تصدير النفط.
وتلوح في الأفق مخاطر أكبر على الاقتصاد العراقي، تتمثل إلى حد كبير بالتحديات الهيكلية العميقة التي لم تتم معالجتها، والتي تعرضه بشدة إلى مخاطر الصدمات النفطية والضغوط التضخمية والآثار المتزايدة لتغير المناخ وزيادة تقلب أسعار السلع الأولية، مما قد يفاقم الاتجاهات الحالية نحو الفقر، ويزيد من انعدام الأمن الغذائي.
ولم يتعرض تقرير البنك الدولي إلى الفساد الكامن في بنية المؤسسات الحكومية التي تستنزف الاقتصاد العراقي بطريقة جعلت البلاد تتصدر المراتب العليا في تقارير منظمة الشفافية الدولية باعتبار العراق مثالًا للفساد السياسي والاقتصادي.
ويقدر مسؤولون أن حجم الأموال التي اختفت من الخزانة العامة منذ سنة 2003 تتجاوز 300 مليار دولار.
ويصنف العراق من البلدان الغنية في العالم، حيث يعد أحد أكبر منتجي النفط في العالم بتحقيق أرباح من الصادرات في سنة 2022 تجاوزت 115 مليار دولار. ومع ذلك، لا يصل سوى القليل من هذه الأرباح إلى الناس العاديين.
وأضاف تقرير البنك الدولي “على الرغم من تحقق الإيرادات النفطية القياسية غير المتوقع، وإقرار الموازنة المالية الجديدة التي طال انتظارها، لا زال العراق عرضة لتفويت فرصة المضي قدمًا في تنفيذ الإصلاحات الملحة التي طال انتظارها، والتي تعتبر بالغة الأهمية من أجل تعزيز نمو القطاع الخاص، وتوفير ملايين الوظائف المطلوبة على مدى السنوات العشر القادمة”.
وتوقع تقرير البنك الدولي إلى أنه ما لم يتم إجراء إصلاحات هيكلية، فإن نموذج التنمية الذي يعتمد بشكل أساسي على النفط في العراق، سيعاني معاناة شديدة. وسينكمش إجمالي الناتج المحلي الكلي بنسبة 1.1 بالمائة في عام 2023 مدفوعًا بانكماش متوقع بنسبة 4.4 بالمائة في إجمالي الناتج المحلي النفطي على ضوء حصص إنتاج منظمة أوبك + المتفق عليها لهذا العام.
وقال جان كريستوف كاريه، المدير الإقليمي لدائرة الشرق الأوسط في البنك الدولي “لا يستطيع العراق الاستمرار في الاعتماد على العائدات النفطية غير المتوقعة فحسب للتعافي على المدى القصير. وفي غياب التزام سياسي عال باعتماد وتنفيذ الإصلاحات الضرورية التي دعا إليها العراق منذ وقت طويل، سوف يواجه مخاطر نفاد احتياطاته بوتيرة متسارعة، والعودة إلى المربع الأول في وقت قصير للغاية”.
الأسواق العراقية تشهد ركودًا اقتصاديًا ملحوظًا بسبب التباين في التصريحات الحكومية حول سعر صرف الدولار
اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى