أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

النقل الجوي في العراق يحلق بشراعين متهالكين

شركتا الخطوط الجوية العراقية وفلاي بغداد تزيدان من معاناة المسافرين العراقيين جراء سوء خدماتهما وتقادم طائراتهما.

بغداد – الرافدين

أبدى مسافرون عراقيون امتعاضهم من الخدمات المقدمة من قبل شركات النقل الجوي في العراق في ظل تكرار تأخير الرحلات وعدم الالتزام في مواعيدها جراء الأعطال الفنية المتزايدة في الطائرات فضلًا عن تسبب تلك الشركات بفقدان الحقائب وتلف أمتعة المسافرين.
واشتكى المسافرون بوتيرة متصاعدة من خدمات شركتي الخطوط الجوية العراقية وشركة فلاي بغداد وغياب الرقابة الحكومية حول أداء شركات النقل الجوي بسبب المحسوبية وتفشي الفساد.
ويتعاقب على نقل المسافرين في المطارات العراقية، خمس شركات، هي “الخطوط الجوية العراقية، وبوابة العراق، وشركة أور، وفلاي بغداد، وشركة هيا للشحن الجوي” تمثل واجهات حزبية وأخرى لمكاتب اقتصادية ميليشياوية كما يؤكد مراقبون على الرغم من النفي المتكرر لمثل هذه المعلومات رسميًا.
وأظهر مقطع فيديو متداول حصد مئات الآلاف من المشاهدات مؤخرًا تعطل “باب إحدى طائرات (فلاي بغداد) بعد هبوط الطائرة في مطار بغداد وسط امتعاض المسافرين واختناق اخرين.
ولم تكتف “فلاي بغداد” بهذا القدر من سوء الخدمات، حيث كشف مسافرون، عن تعرض حقائبهم وأمتعتهم إلى “العبث والتلف” بعد وصولهم من رحلة على متن إحدى طائرات الشركة.
وأعرب مسافرون على متن رحلة قادمة من سوريا الى العراق على خطوط “فلاي بغداد” عن تفاجئهم عند وصولهم بأن حقائبهم قد فُتحت والبعض الآخر تالف دون إيضاح الأسباب ومحاسبة المسؤول عن ذلك.

ودفع التداول الواسع لهذه المقاطع رئيس حكومة الإطار التنسيقي محمد شياع السوداني إلى عقد اجتماع الأربعاء، وجّه فيه بإعداد خطة لتطوير قطّاع الطيران، وشركة الخطوط الجوية العراقية، وتطوير ملاكاتها التخصصية والمشاريع الخدمية الساندة لها تزامنًا مع تأكيد وزارة النقل، تشكيلها غرفة عمليات لمتابعة خدمات شركات النقل الجوي.
وقالت الوزارة في بيان، إنها “كثفت جهودها لتعزيز الجهد الرقابي ووضع حد لعملية الإرباك في إجراءات خدمات المسافرين، المتمثلة بتأخير مواعيد إقلاع الطائرات ووصول الحقائب وعدم تمزيقها وإيصالها سليمة”.
وشكك مسافرون بهذه البيانات والتوجيهات الحكومية وعدوها مادة للاستهلاك الإعلامي في حين أثارت هذه الشكاوى المتكررة أيضًا قضية حظر عمل النواقل الجوية العراقية، في الأجواء الأوروبية، ما قد يُطيل أمد هذا الحظر.
وعلق المتحدث باسم سلطة الطيران المدني العراقي، جهاد الديوان، بالقول إن “ما حدث عبر شركة (فلاي بغداد) لن ينعكس على قضية الحظر الدولي، بل العكس، فهو ينسجم مع معاييرهم المتبعة في تشخيص الخلل ومعالجته على الأرض قبل الإقلاع والطيران”.
وتابع أن “سلطة الطيران المدني لديها فرق فنية تجري باستمرار عمليات مراقبة ومتابعة لسلامة الطائرات الناقلة في المطارات العراقية بما يضمن توفر معايير السلامة والأمان”.
وأثارت تصريحات سلطة الطيران ممثلة بالمتحدث باسمها موجة غضب واسعة حيال محاولات تبرير هذه الحالات المتكررة ومحاولة التستر عليها لغايات واعتبارات سياسية تخشى من توجيه العقوبات للشركة كونها عائدة لرئيس تيار الحكمة عمار الحكيم أحد أقطاب الإطار التنسيقي.
بدورها كشفت لجنة النقل والاتصالات البرلمانية، عن تحركها بشأن “سوء” الخدمات المقدمة من قبل شركة “فلاي بغداد” إلى المسافرين. في محاولة منها لامتصاص حالة الغضب المتصاعدة.
وقالت رئيسة اللجنة زهرة البجاري، إن “هناك شكاوى كثيرة على شركة فلاي بغداد من قبل المسافرين، خصوصًا بسبب عدم التزام الشركة بالمواعيد، فهناك تأخير في الرحلات إضافة الى التقصير في الخدمة المقدمة للمسافرين من قبل هذه الشركة، التي تعد من النواقل الوطنية”.
وبيّنت، البجاري أن “لجنة النقل والاتصالات البرلمانية تحركت على هذه الشكاوى مع الجهات المختصة في قسمي السلامة والنقل الجوي ونحن نتابع هذا الملف، من أجل إلزام شركة فلاي بغداد بتقديم أفضل الخدمات وفق ما متفق عليه معها”.
وقالت إن “شركة فلاي بغداد لديها حاليًا (8) طائرات وتريد خلال الفترة القليلة المقبلة زيادة عدد طائرتها الى (11) طائرة، كما أنها ليست الشركة الوحيدة الأهلية التي تعمل كناقل وطني، بل هناك شركة ثانية (أور) وهذه الشركة تملك في الوقت الحالي (4) طائرات”.
بدوره قال المختص في قطاع الطيران، فارس الجواري، إنّ “فلاي بغداد لديها وجهات طيران كثيرة وتسويقها يوحي بامتلاكها أكثر من 25 طائرة وليس ما هو معلن رسميًا، ولديها كل هذه المشاكل”.
وتابع “عندما تتعطل إحدى طائرات الشركة في مطار معين لا يوجد بديل يذهب لها، ليكمل الرحلة كما تعمل الشركات العالمية الرصينة”.
وشدد على وجوب أن “تعلم شركات الطيران بأن الأمر لا يقتصر على جني الأموال فقط، بل يجب تقديم خدمة تليق بالمسافر بأدق التفاصيل”.

تقارير حكومية تقر بتفشي الفساد والمحسوبية داخل شركة الخطوط الجوية العراقية

ولم تكن الخدمات المقدمة في مطارات البلاد لاسيما مطار بغداد  وتلك المقدمة من قبل شركة الخطوط الجوية العراقية التي تديرها وزارة النقل بمنأى عن الانتقادات الشعبية بسبب سوء خدماتها وتأخر رحلاتها في الآونة الأخيرة.
وفي هذا السياق، يشير المواطن محمد موسى إلى أن الخطوط الجوية العراقية تتأخر في بعض رحلاتها فضلًا عن أن الطعام الذي يقدم إلى المسافرين ليس بالمستوى المطلوب، إذ إن هناك حاجة ملحة لتطوير الناقل الوطني الذي يمثل واجهة البلد
وبين المواطن البغدادي أن الخطوط الجوية العراقية لا تصل إلى بلدان عدة على رغم من أنها من بين أقدم الخطوط في الشرق الأوسط.
وكشف أنه يلجأ عند سفره إلى بلدان أوروبية أو خليجية إلى الاستعانة بالخطوط الجوية الأخرى بسبب ما تتمتع به من جودة والتزام المواعيد وأوقات الطيران فضلًا عن الخدمات التي تقدمها على متن الطائرة أثناء الرحلة.
ويتهم مراقبون وناشطون أيادٍ معروفة في ضرب سمعة شركة الخطوط الجوية وتكبيلها لفسح المجال للشركات الأخرى التي تدار من قبل واجهات حزبية وسياسية وصل الحال بها إلى شل مطارات البلاد بسبب خدماتها المتردية.
ويعزو المدون العراقي ياسر الجبوري سبب الإخفاقات الأخيرة لدى شركة الخطوط الجوية العراقية إلى طبيعة العلاقة بين سلطة الطيران المدني والشركة.
وقال الجبوري أن أهم مشاكل سلطة الطيران المدني أنها دائرة ذات تمويل مركزي تابعة للدولة، لذلك فهي لا تستطيع إعمار مطار بغداد أو صيانته لأنها لا تمتلك الأموال، مما جعل هذا المطار وسائر المطارات العراقية تعيش وضعا متردّيا على صعيد الخدمات.

ياسر الجبوري: الحل يكمن في مراجعة حقوق الناقل الوطني ممثلًا بشركة الخطوط الجوية التي منحت لشركات أخرى تابعة للأحزاب

وتابع إنه “في ما يخص الخطوط الجوية العراقية فهي شركة ذات تمويل ذاتي ولا تحتاج للدولة، لكن سوء الإدارات المتعاقبة وغياب المراقبة، إضافة إلى الحماية الحزبية؛ عوامل أدت إلى انهيارها”.
وتساءل “كيف يمكن لشركة تملك مهندسين وطيارين أن تكون لديها 22 طائرة عاطلة، في موسم السفر والمناسبات الدينية؟”.
وعبر الجبوري عن اعتقاده بأن الحل يكمن في تدقيق قوائم إيجار الطائرات البديلة لهذه الطائرات العاطلة، ومراجعة حقوق الناقل الوطني التي منحت لشركات أخرى تابعة للأحزاب”.
ويرى المدون الذي ينشط على منصة “أكس” أن الحل يبدأ بإقالة الإدارة الحالية، وضمان استقلالية الخطوط الجوية العراقية، وإبعاد الشركة العامة عن المصالح الحزبية و”الفساد ” و”المحسوبية””.
وشدد على ضرورة الاستعانة بموظفين على دراية بطرق التسويق الحديثة وخدمة المسافرين وتطوير المكاتب والحجز والدفع الإلكتروني وتسهيل دخول المواطنين من المطارات الرئيسية داخل العراق على الأقل، مع توفير خدمات تليق بسمعة الطائر العراقي.
بدوره لفت الخبير في الشأن الاقتصادي بسام العراقي إلى أن شركات النقل الجوي تعد العمود الفقري لصناعة السفر والسياحة وتنمية التجارة الداخلية والخارجية، كما أنها تمثل مصدرًا مهمًا للإيرادات المالية بسبب تزايد الطلب والدور الفاعل لنقل المسافرين والبضائع من مكان إلى آخر بسرعة وأمان.
وأضاف “تقود أنشطة النقل الجوي الشركة العامة للخطوط الجوية العراقية، إلا أنها تعاني ضعف القدرات المالية والمادية والافتقار إلى الخبرات الفنية والإمكانات للنهوض بقطاع النقل لمستوى يرقى إلى تحقيق المتطلبات الدولية ويسهم في رفع ركيزة النمو الاقتصادي، فوجود قطاع نقل فاعل هو متطلب أساسي لضمان التطور الاقتصادي، خصوصًا أن مستوى تطور الدول يقاس بتطور قطاع النقل فيها”.
ويرى أن هذه التحديات التي تواجه الخطوط الوطنية انعكست في ضعف الأداء التشغيلي وعدم تحقيقها الأرباح المالية المتوقعة من هذا النشاط المهم، ومن أجل النهوض بهذه الشركة العريقة يتطلب ذلك تحسين كفاءة أدائها ليتوافق مع المعايير الدولية والسعي إلى بناء تحالفات مع الشركات العالمية في مجال النقل الجوي واتباع أساليب علمية حديثة لمواكبة التطورات العالمية في مجال نقل المسافرين جوًا واعتماد الأساليب التقنية الحديثة في عرض خدماتها للمسافرين”.
وكانت هيئة النزاهة الحكومية دعت في شهر أيار الماضي، إلى “إعادة النظر في جميع العقود التي أبرمتها الشركة العامة للخطوط الجوية العراقية في مجال الخدمات الأرضية مع عدد من شركات الشحن والوقود والإعاشة”.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى