أخبار الرافدين
21عاما على احتلال العراق: فشل وفساد سياسيتقارير الرافدين

البارزاني يستنجد ببايدن: أنقذونا من حصار حكومة الإطار التنسيقي

رسالة البارزاني إلى الرئيس بايدن تكشف أن الولايات المتحدة هي المتحكم الرئيس في العملية السياسية القائمة وأن الاحتلال الأمريكي ما زال مستمرا وإن اختلفت الأساليب في إدارته وتنوعت الطرق في محاولات إخفائه؛ لصالح إعطاء صورة مموهة عن وجود حكومة قادرة في بغداد، ودولة حقيقية في العراق.

بغداد- الرافدين
استنجد رئيس حكومة إقليم كردستان مسرور البارزاني بالرئيس الأمريكي جو بايدن، للتدخل في الأزمة المتصاعدة مع حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني، بشأن تحويل الأموال.
وأعرب البارزاني في رسالة إلى بايدن عن مخاوفه من احتمال انهيار إقليم كردستان في شمال العراق “ككيان” في حال تركت الأزمة دون حل.
يأتي ذلك في وقت وصلت المفاوضات بين الجانب العراقي والتركي بشأن فتح أنبوب تصدير النفط من شمال العراق عبر تركيا إلى طريق مسدود.
وكشف وزير النفط الحالي حيان عبد الغني، عن أن العراق وتركيا لم يتوصلا بعد لأي اتفاق لاستئناف تصدير النفط الخام من حقول شمال العراق إلى ميناء جيهان التركي المتوقف منذ شهر آذار الماضي.
ويعزو مراقبون سياسيون الأزمة بين بغداد وأربيل إلى التوافقات الهشة بين القوى السياسية الحاكمة منذ احتلال العراق عام 2003.
ويرون أن هذه التوافقات مرحلية تقترن بالفوائد التي يجنيها كل طرف من سياسة المحاصصة، ولا يستند أي اتفاق سياسي إلى مصلحة وطنية عليا.
وناشد مسرور البارزاني الرئيس الأمريكي في رسالة جرى تسليمها إلى البيت الأبيض، للتدخل في الأزمة المتفاقمة مع حكومة الإطار في بغداد.
وكتب “أنني أكتب إليكم الآن في منعطف حرج آخر في تاريخنا، وهو منعطف أخشى أننا قد نجد صعوبة في التغلب عليه. نحن ننزف اقتصاديا وسياسيا، وللمرة الأولى خلال فترة ولايتي كرئيس للوزراء، أشعر بقلق كبير من أن هذه الحملة المشينة ضدنا قد تتسبب في انهيار نموذج العراق الاتحادي الذي رعته الولايات المتحدة في العام 2003 وادعت أنها تقف إلى جانبه منذ ذلك الوقت”.
وأضاف “نعتقد أن إدارتكم تتمتع بنفوذ كبير على بغداد”.
وتكشف رسالة البارزاني إلى الرئيس بايدن أن الولايات المتحدة هي المتحكم الرئيس في العملية السياسية القائمة وأن الاحتلال الأمريكي مازال مستمرا نظريا وعمليا؛ وإن اختلفت الأساليب في إدارته وتنوعت الطرق في محاولات إخفائه؛ لصالح إعطاء صورة مموهة عن وجود حكومة قادرة في بغداد، ودولة حقيقية في العراق.
وتساءل مسؤول كردي في تعليق على الرسالة “أين هي الولايات المتحدة بحق الجحيم”.
غير أن موقع “المونيتور” الذي كشف عن رسالة البارزاني لبايدن أكد على أن وزارة الخارجية الأمريكية رفضت التعليق على الرسالة، بينما قال مسؤول في البيت الأبيض “نحن لا نعلق على العلاقات الدبلوماسية الخاصة”.
وتستمر العلاقات بين بغداد وأربيل في التدهور، حيث أصبحت صناعة النفط المحاصرة في إقليم كردستان “عالقة” في صراع السلطة، إذ تعاني بالفعل من رفض تركيا المجاورة.
وتستمر “الهجمات والاتهامات” بين الطرفين، حيث تتهم بغداد أربيل بعدم الالتزام باتفاقية الميزانية، والتي بموجبها يطلب من حكومة إقليم كردستان تسليم 400 ألف برميل يوميا من إنتاجها من النفط الخام إلى شركة التسويق الحكومية سومو من أجل ذلك، للحصول على حصتها من التمويل.
ومع إغلاق ميناء جيهان، لم تقدم حكومة الإقليم سوى ما بين 50 إلى 60 ألف برميل يوميا، بينما قال مسؤولون أكراد إن الكميات زادت إلى 85 ألف برميل يوميا.
ومن الممكن أن يؤدي النزاع المطول، إلى قيام بغداد بالضغط على أربيل ماليا، كما فعلت في الماضي خلال النزاعات السابقة.
وسيؤثر ذلك على قدرة حكومة الإقليم دفع مستحقات شركات النفط العالمية العاملة في المنطقة، والتي حذرت بالفعل من أن عدم الاستقرار السياسي وإغلاق ميناء جيهان الذي طال أمده قد يتسبب في جفاف استثماراتها المستقبلية.
وفي أوائل آب، قالت شركة شيفرون وشريكتها جينل إنهما ستتخليان عن رخصة “سارتا” في حقول شمال العراق.
وكانت حكومة إقليم كردستان قد قامت في السابق بتسويق خامها بشكل مستقل، ولكن في العام ونصف العام الماضيين أمرت بالتخلي عن السيطرة على قطاعها النفطي لبغداد، التي أصدرت حكما من المحكمة الاتحادية في شباط 2022 بأن مبيعات النفط في أربيل غير قانونية.
وطالما عبر المسؤولون الأكراد عن إحباطهم إزاء ما يقولون إنه اللامبالاة المتزايدة من جانب واشنطن إزاء محنتهم، حيث لم يتم الرد على الرسائل، ولم يعد كبار المسؤولين الأمريكيين يتفاعلون بنفس الوتيرة التي كانوا يفعلون بها في ظل الإدارة السابقة، على سبيل المثال، عندما كان وزير الطاقة الأمريكي يجري مكالمات هاتفية شهرية مع البارزاني.


جيمس جيفري: إيران هي التي تملي مواقف حكومة محمد شياع السوداني لضمان عدم التوصل إلى أي اتفاق من شأنه أن يتدفق النفط مرة أخرى ويبقى حكومة إقليم كردستان واقفة على قدميها، وهو بالضبط ما تريد إيران أن تدمره

وقال المحلل الاستخباراتي السابق في وكالة “سي ىي ايه” كين بولاك إن الوضع الراهن غير قابل للاستمرار وقد يقود إلى تجدد الصراع الأهلي في العراق.
وأضاف بولاك الباحث في معهد انتربرايز الأمريكي والذي كتب بشكل مكثف حول العراق “إن العراق الأضعف يعني إيران أكثر قوة”.
وأوضح أنه في حين أن الأكراد “يدركون ذلك فكريا، إلا أنهم لا يفهمونه عاطفيا “.
وشدد على أن الأكراد يريدون ان يصدقوا أن الولايات المتحدة لا تزال ملتزمة بالكامل. وأن الاحتفاظ بهذا الانطباع سيؤدي على الأقل الى تراجع بغداد، بالإضافة الى إيران وتركيا.
غير أن غالبية المحللين يشرون إلى اليد الإيرانية في الخلاف المستمر بين حكومة الاقليم وبغداد، فطهران تدير بطريقة أو بأخرى حكومة الإطار التنسيقي برئاسة السوداني، وفي ظل وجود اضطرابات يقودها الأكراد في إيران فان طهران ترى تهديدا يمثله اقليم كردستان العراق وقيادته الموالية للولايات المتحدة.
وتهدد إيران بمهاجمة مدن شمال العراق مجددا في حال فشل في نزع سلاح جماعات المعارضة الكردية الإيرانية بحلول التاسع عشر من أيلول الحالي.
ويتزامن هذا التاريخ مع الذكرى السنوية الأولى للتظاهرات الشعبية التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية مهسا أميني خلال احتجازها وتعذيبها في مقر الشرطة.
وقال السفير الأمريكي السابق لدى العراق جيمس جيفري إن إيران كانت تستخدم استراتيجية “جميع عوامل القوة” لتطبيق سيطرة فعالة على العراق، من خلال اتباع “النموذج اللبناني” حيث تعتمد على الميليشيات الشيعية وأذرعها السياسية الموالية لها وليس لبغداد.
وأضاف أن إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب كانت تصدت لهذه الاستراتيجية الإيرانية وضغطت من أجل التصدي لمخالب إيران أو ميليشيات محددة داخل الهياكل الحكومية في بغداد.
وأوضح أنه “لا يبدو أن إدارة بايدن تفعل أي شيء في هذا الصدد، لأنها على الأرجح، لا ترغب باستفزاز إيران في ظل سعيها لإحياء الاتفاق النووي”.
وقال إنه “خلف كل التفاصيل، إيران هي التي تملي مواقف الحكومة العراقية لضمان عدم التوصل إلى أي اتفاق من شأنه أن يتدفق النفط مرة أخرى ويبقى حكومة إقليم كردستان واقفة على قدميها، وهو بالضبط ما تريد إيران أن تدمره”.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى