أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

السوداني ينقل عروضه الإعلامية الملفقة إلى الأمم المتحدة

خطاب رئيس حكومة الإطار السوداني محمد شياع السوداني أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة يتحول إلى مزاعم زائفة عن الشفافية والحوكمة الرشيدة والقضاء على الفساد وصون سيادة العراق.

بغداد- الرافدين
قدم رئيس حكومة الإطار التنسيقي محمد شياع السوداني عرضا مليئا بالتناقضات والتلفيق السياسي والإعلامي أمام المجتمع الدولي، مثيرا للاستهجان والاستغراب عندما قدم العراق كواحة من العدالة والشفافية، بينما العراق يتبوأ مراتب متقدمة في مؤشر الفساد الدولي.
ومارس السوداني في كلمة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، تلفيقا مكشوفا أمام دول العالم عندما زعم “أن إرادة الاتفاق والتفاهم تغلبت في العراق الجديد ونجحنا بتجاوز أيّامٍ صعبة لتولد حكومتنا الحالية التي يقف خلفها ائتلاف سياسي واسع يضمّ كل الأطياف والمكونات العراقية” بينما يدرك العالم أن الحكومة التي يرأسها تشكلت من الخاسرين في الانتخابات البرلمانية بعد صراع على تقسيم الحصص مع التيار الصدري الذي فاز بالانتخابات وانسحب اعضاؤه لاحقا من مجلس النواب.
وقال رئيس حكومة الإطار التنسيقي بصلافة لم يشهد مثلها منبر الأمم المتحدة ومن أشد كذابي السياسة في التاريخ المعاصر، بأن حكومته تبنت برنامجاً إصلاحياً شاملاً وطموحاً لتصحيح المسار وإعادة الثقة بالنظام السياسي وتوفير العيش الكريم للمواطن. في وقت تهدر فيه كرامة المواطن العراقي ويفتقد إلى سبل العيش، فيما يرزح أكثر من مليون مهجر في مخيمات لا إنسانية.
وطالب السوداني، جميع الدول باحترام سيادة بلاده، مشددا على أن العراق “يؤكد التزامه بمبادئ القانون الدولي ويرفض التدخل بشؤونه الداخلية تحت أي ذريعة كانت” فيما تذبح السيادة العراقية بجيش من الميليشيات والسلاح المنفلت الخارج عن سيطرة الدولة، وتتعرض مدن عراقية لقصف إيراني بشكل مستمر.
وتحول توعد السوداني بـ “ردع أي انتهاك تتعرض له السيادة العراقية” إلى عرض كوميدي ساخر.
ولطالما استهدف الحرس الإيراني قواعد في الأراضي العراقية من دون أي استنكار أو رد من قبل الحكومات في بغداد.
وقابلت الحكومات المتعاقبة في بغداد بالصمت الهجمات الإيرانية على مدن عراقية. فيما قال وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن أثناء زيارته إلى مدينة أربيل في شهر آذار الماضي إن الهجمات التي تنشها إيران على الأراضي العراقية تنتهك سيادة البلد وتعرّض حياة عراقيين للخطر، معربًا عن إدانته لتلك الهجمات.
وقال السوداني في كلمة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك إن “العراق يمد يده لجميع دول الجوار لتحقيق رفاهية شعوب المنطقة” بينما يعيش نصف سكان العراق تحت خط الفقر، وتتبدد ثروة العراق النفطية في مشاريع وهمية وصفقات فاسدة.
وأضاف بصلافة سياسية أن “العراق يعمل على أن يكون جزءا من الحل في مشاكل المنطقة”، بينما يدرك العراقيون ودول المنطقة أن حكومة الإطار التنسيقي التي دفعت بالسوداني إلى رئاسة الوزراء تمثل مشكلة سياسية وجودية للعراق نفسه، كونها مشكلة من ميليشيات تمثل أداة الحرس الثوري الإيراني في استراتيجية الهيمنة على دول المنطقة.
وقدم السوداني عرضا ينم عن سذاجة سياسية وجهل مريع في فهم طبيعة التجمعات الإقليمية عندما طالب بإقامة تجمعٍ إقليمي، يضم دول شواطئ الخليج، من العراق وإيران والدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي. في محاولة ساذجة لوضع إيران في تجمع دول الخليج العربي.
واعترف رئيس حكومة الإطار بأن العديد من المؤسسات الدولية أوردت تقارير تتحدث عن تفشي الفساد في العراق، وتذرع بأنه “شخّص هذه الآفة وأطلق عليها مصطلح جائحة الفساد، وجعل محاربتها أولى أولوياته” بينما قام السوداني بإطلاق لصوص سرقة القرن حيث استولى متنفذون مرتبطون بأحزاب حاكمة على 2.5 مليار دولار من أموال الضريبة العامة.
وسقطت مصداقية رئيس الوزراء الحالي بعد أن وعد باستعادة أموال سرقة القرن خلال أسبوعين من إطلاق سراح نور زهير، المدان بسرقة 2.5 مليار دولار من أموال الضريبة العامة.
ولم يتحقق حتى الآن استعادة أموال سرقة القرن مع عروض السوداني ورئيس هيئة النزاهة حيدر حنون وسط أكداس من الأموال، حيث وصفتها وسائل إعلام دولية بـ “الكوميديا المسرحية” للتغطية على لصوص الدولة.
وأقرت لجنة النزاهة النيابية بعدم فتح ملفات الفاسدين التي يتورط بها مسؤولون متنفذون حتى الآن، بسبب تدخل جهات سياسية في عمل اللجنة، إضافة إلى ارتباط الفاسدين بأحزاب سياسية وجماعات مسلحة متنفذة تحصنهم من سلطة القانون.
وبات الفساد واحدًا من أخطر الملفات التي يعاني منها العراق، ومستعص على سلطة الدولة والقانون، لا سيما وأنه مرتبط بأحزاب مهيمنة على المشهد السياسي في البلاد، ولها أذرع مسلّحة تهدّد مؤسسات الدولة.
ومع وجود هيئة للنزاهة، ولجنة النزاهة النيابية، والمحاكم المختصة بمتابعة الفساد، إلا أن كل هذه الجهات لم تستطع القضاء على الفساد وإيقاف عمليات السرقة للمال العام، لتنحصر المعالجات الحكومية ضمن نطاق ضيق لم يطل رؤوس الفساد الكبيرة والمحمية حزبيا.
ويتهم مراقبون الحكومة ولجانها القانونية والرقابية بالتواطؤ مع الفاسدين والتغطية على سرقاتهم، من خلال الأحزاب التابعين لها والمسيطرة على المشهد السياسي ومصادر القرار.
واختتم السوداني كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة بتقديم فروض الولاء والطاعة لمرجعية علي السيستاني في النجف، من دون أن يسال نفسه عن علاقة المجتمع الدولي بهذا الولاء المحلي والطائفي الضيق.
واستهجن عراقيون مزاعم السوداني الملفقة أمام دول العالم مثيرا الازدراء أكثر من السخرية والتهكم بالنسبة للمواطن العراقي الذي يعيش في محنة فقدان الكرامة الإنسانية ويكد طوال اليوم من أجل إطعام أطفاله، بينما لا يتلقى غير الوعود الإعلامية الفارغة.
وقالوا إن السوداني نقل “درسه في التزييف” من الخطاب الإعلامي المحلي إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة من دون أن يدرك تبعات الخطاب الملفق أمام الرأي العام الدولي.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى