الصدمة.. وطوفان الأقصى
حتى ساعة كتابة هذا المقال مر أكثر من 30 ساعة ولا شيء في تزايد سوى أعداد قتلى العدو الصهيوني على الرغم من الغارات المكثفة التي يقوم بها طيران الاحتلال ضد أهداف مدنية في غزة شملت برج فلسطين ومصارف في القطاع المحاصر منذ 13 عامًا.
فعلياً أصبح الكيان الصهيوني والعالم في صدمة حقيقية، فلا يمكن أن يتخيلوا سنوات من تصوير القوة الصهيونية على أنها قوة لا تقهر وأجهزة تصنف من بين الأقوى بين نظرائها في العالم إلا أنها فشلت في منع مقاتلي حركة حماس من إنزال أقوى ضربة بالكيان الصهيوني منذ تأريخ زراعته في أرض العرب من خلال عملية سموها طوفان الأقصى، شبهها البعض بحرب أكتوبر لكنها في الحقيقة فاقت حرب أكتوبر بأضعاف من حيث عدد القتلى والأسرى والصدمة التي أحدثتها دفعت أمريكا للمسارعة في فتح مخازن أسلحتها وأطلقت أموالها دعماً للكيان الصهيوني .
ولتحليل هذا الحدث الكبير الذي سيغير قواعد اللعبة بشكل كلي نستطيع أن نلاحظ العجز الصهيوني الحقيقي في الرد المناسب على هذه العملية ولعدة أسباب يمكن تلخيصها بالشكل التالي:
الأمر الأول أن الكيان الصهيوني لا يعلم حتى الآن عدد الأسرى الذين وقعوا في قبضة حماس ولا يعلم حتى الآن مكانهم وفي الغالب أنه لن يعلم مطلقاً وحادثة الجندي جلعاط شاليط بقيت سنوات دون أن تتمكن إسرائيل من تحريره حتى رضخت وبادلته بـ 1050 أسيراً فلسطينياً.
الأمر الآخر أن الكيان الصهيوني لا يجرؤ على القيام بعملية اجتياح دون تقدير القوة الحقيقة لحماس، فكل التقارير التي لديه لم تكن تشير إلى قدرة حركة حماس على مفاجأتهم بأكثر من ألف مقاتل توغلوا داخل المستوطنات الصهيونية وكمية السلاح التي لديهم، بالإضافة إلى أن حماس لديها تخمين مسبق لما يمكن أن يتجه إليه الكيان الصهيوني والظاهر أنهم مستعدون لأية عملية اجتياح صهيوني، والكيان الصهيوني يعلم مغبة القيام بخطوة انتحارية من هذا القبيل قد تزيد من أعداد قتلاه ومن يدري فقد تزيد أيضًا من أعداد الأسرى لدى حماس.
الأمر الثالث أن نداء حركة حماس لبقية فصائل المقاومة وطلب الدعم من حزب الله وغيره من الفصائل المسلحة التي تظهر مساندتها لها، قد تدفعهم لعمل شيءٍ ما يدفع عنها الحرج ويشكل عبئًا مضافًا على الكيان وإن كان هذا مستبعدًا، إلا ربما بضع قذائف من الهاون تطلق من جنوب لبنان ويتبرأ منها حزب الله كالعادة.
لذلك فخيارات الرد محدودة لدى حكومة نتنياهو التي تعاني أصلًا من انقسامات ومعارضة شديدة في الداخل والنقمة الشعبية على حكومته تتزايد يومًا بعد يوم واستقالته أو إقالته واردة جداً في ظل الأزمة التي يعيشها الكيان الصهيوني حالياً.
ويرى الكثير من الخبراء العسكريين أن المفاوضات مع حماس هو الطريق الأقرب لتجنب المزيد من الخسائر والمزيد من السخط الشعبي المحلي والعالمي، خصوصاً أن ما تتبجح به دولة الاحتلال وما تسميه بجرائم حماس سبق لها أن فعلته في الفلسطينيين، فاعتقال الأطفال والنساء كان منذ البداية واحداً من الأعمال التي تقوم بها قوات الاحتلال يومياً بالإضافة إلى قتل النساء والمدنيين العزل لذلك فموقفهم ضعيف ولا يساعدهم كثيراً على كسب التعاطف الشعبي.
إن عملية طوفان الأقصى أثبتت وهن هذا الكيان المارق الذي زرعته القوى العظمى في الجسد العربي وأثبتت أيضاً أن القضية الفلسطينية حتى وإن قبل البعض بتسويتها سلمياً على طاولة المفاوضات فإن استرداد الأرض لا مجال للتفاوض فيه ومهما بلغت قوة هذا الكيان المغتصب فقوة القضية والمؤمنين بها أكبر.
وفي النهاية فدعاؤنا للشعب الفلسطيني لا ينقطع ومساندتهم واجب على كل مسلم وعربي في أرجاء هذه الأرض، حمى الله فلسطين وعاشت حرة عربية إلى الأبد.