طوفان الأقصى وفيلق القدس
منذ ان انطلقت معركة (طوفان الأقصى) ونحن نشهد صمتًا مطبقًا للقادة العسكريين الإيرانيين؛ حيث لم يجرؤ أحد منهم على أن ينبس ببنت شفة بشأن المعركة والأحداث الجارية فيها وتداعياتها على الرغم من مرور أحد عشر يومًا عليها حتى الآن، على الرغم من أنهم يشاهدون غزة الصابرة تمطر بمختلف الأسلحة الفتاكة جوًا وبرًا وبحرًا، وتقدم آلاف الشهداء والجرحى من المدنيين الأبرياء أطفالاً ونساًء وشيوخًا؟
ترى ماذا ينتظر قادة فيلق القدس وقادة الحرس الثوري، الذين طالما صدعوا رؤوسنا بتصريحاتهم النارية تهديدًا ووعيدًا لإسرائيل وأمريكا؟ ما بالهم هذه المرة قد صمتوا جميعًا وأُخرست ألسنتهم في هذه المعركة التي كانوا يمنون الناس بها ويعدونهم بقيادتها؟
إن سلوك السكوت المطبق من القادة العسكريين الإيرانيين هو سلوك معتاد منهم ومعروف في سياقات (معارك التلاسن) بينهم وبين أمريكا في مرات سابقة؛ حيث لا يظهرون ويوجهون رسائلهم المتشددة؛ إلا عندما تنتهي الأزمة السياسية التي يكون فيها صوت ممثليهم السياسيين هو الأعلى.
ولكن المعركة هذه المرة هي معركة حقيقة، وتجري قرب أسوار القدس التي سمّوا فيلقهم باسمها؛ فلمَ لم يجسروا على الحديث العلني ولمَ لم ينفذوا بعض تهديداتهم السابقة نحو إسرائيل؟ وهل هي حالة تخوف منهم وإيقان بأن تهديد أمريكا هذه المرة هو تهديد حقيقي، وليس استعراضًا للقوة والتلويح بها كما اعتادوا عليه سابقًا؟.
إن هذا الموقف للقادة العسكريين الإيرانيين ليس مفاجئًا بالمرة لمن يعرف حقيقة النظام الإيراني وطريقته في اعتياد الكذب والخداع واستغلال قضايا الآخرين ومآسيهم في رسم وتمرير سياساته في المنطقة؛ ومصداق ذلك أنهم كلما شعروا بتهديد جدي وحقيقي من الولايات المتحدة الأمريكية؛ صمت العسكر وفسحوا المجال للدبلوماسية لتتحرك.
وها هو وزير خارجيتهم حسين أمير عبد اللهيان يقوم بتحركاته وجولاته ويطلق تصريحاته الفضفاضة، التي يبدو أنها لم تقنع -هذه المرة- حتى فصائل المقاومة الفلسطينية، التي شكا اثنان من قياداتها السياسيين خلال اليوميين الماضيين؛ من أن الدور الإيراني ودور أهم أدواته في المنطقة العربية (حزب الله اللبناني)؛ ليسا بالمستوى المأمول والمتوقع من حيث مشاركتهما في المعركة؟! وطالبا بدور أكبر منهما.
ولعل في تصريح بعثة إيران بالأمم المتحدة الأخير يكفينا جوابًا، ويقطع علينا محاولة سبر دوافع هذا الموقف الإيراني؛ حيث أعلنت هذه البعثة قائلة: إن قواتنا المسلحة لن تشتبك مع إسرائيل شريطة ألا تغامر بمهاجمة إيران ومصالحها ومواطنيها!!