أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

الفشل الحكومي يفاقم خطر الابتزاز الإلكتروني على الأسر في العراق

انتشار عصابات الابتزاز الإلكتروني لتحقيق مكاسب مالية والتنكيل بالضحايا والانتقام من العوائل، وسط ضعف التقنيات الإلكترونية لدى الجهات الحكومية المنوط بها مواجهة مثل هذه الجرائم.

بغداد – الرافدين
تزداد مخاوف العراقيين مع إعلان منظمات ومراكز حقوقية وإنسانية عن أرقام صادمة من ضحايا الابتزاز الإلكتروني غالبيتهم من الأحداث والمراهقين تسجل شهريًا في العراق، في ظل عدم وجود قانون يعاقب المبتزين، وانشغال السلطة بملاحقة المعارضين لسياساتها.
وكانت الشرطة المجتمعية التابعة لوزارة الداخلية في العراق، قد أعلنت إيقاف 112 حالة ابتزاز إلكتروني وعنف أسري في مختلف محافظات البلاد، فيما أعادت فتاتين هاربتين إلى ذويهن ومنعت محاولتي انتحار، خلال الأسبوع الأول فقط من شهر تشرين الثاني الحالي.
وتتنامى مخاوف العائلات في العراق من خطر هذه الظاهرة بعد أن كشفت تقارير صحفية عن أن انتشار جرائم الابتزاز الإلكتروني في المجتمع العراقي خلال السنوات الأخيرة، أصبحت تمثل خطرًا على النسيج المجتمعي في العراق لا سيما أن بعض هذه الجرائم تنتهي بانتحار الضحايا.
وتنتشر ظاهرة الابتزاز الإلكتروني في العراق، والتي تمارسها عصابات مختصة وأفراد لتحقيق مكاسب مالية وغايات أخرى كالانتقام وتشويه سمعة الأسر والنساء، وسط ضعف للتقنيات الإلكترونية لدى جهات الأمن المنوط بها مواجهة مثل هذه الجرائم، الأمر الذي يقلل من قدرة هذه الأجهزة على السيطرة عليها وحماية المجتمع العراقي من هذه الآفة الخطيرة.
ويرى مراقبون أن هذه الظاهرة بدأت تضرب المجتمع العراقي في ظل انشغال الحكومة وأحزابها بالصراعات السياسية والتنافس على المناصب من أجل مزيد من النفوذ الذي يضمن لصاحبه مزيدًا من فرص نهب أموال العراقيين.
وبينوا أن أبرز أسباب انتشار حالات الابتزاز الإلكتروني انهيار منظومة القيم داخل المجتمع نتيجة انهيار التعليم وتفشي الفقر وانتشار اللصوصية والفساد الأمر الذي أدى إلى تحول الابتزاز الإلكتروني إلى ظاهرة جديدة في المجتمع العراقي.
وتنجم أكثر حالات الابتزاز في العراق عن سوء استخدام الضحايا للهواتف الذكية ومواقع التواصل الاجتماعي، كما أن أكثر الضحايا من المراهقين وصغار السن، الأمر الذي يفرض على الجهات الحكومية تنمية الوعي بالأمن السيبراني للهواتف والمواقع الإلكترونية.
وقال رئيس المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان، فاضل الغراوي: “إن أغلب الضحايا في قضايا الابتزاز الالكتروني عام 2023 هم من الأحداث والمراهقين”.
وأضاف، أن صور الابتزاز تنوعت بالحصول على منافع مادية أو جسدية من الضحايا من خلال تشويه سمعتهم وفضحهم في وسائل التواصل الاجتماعي واختراق حساباتهم وأرقامهم.
وأشار إلى، أن العديد من الضحايا حاولوا الانتحار بدلًا من الفضيحة نتيجة الابتزاز من قبل عصابات وأفراد من داخل العراق وخارجه.
وطالب الغراوي بمنع بيع خطوط الهواتف إلّا بضوابط صارمة ومن خلال منافذ الشركات الرسمية وإدخال كافة حسابات المشتركين في منظومة الحماية من القرصنة الإلكترونية.

ذكرى عبد الصاحب: انتشار الجهل وفشل التعليم فضلًا عن المشاكل الاجتماعية التي تفاقمت بعد 2003 فتحت الباب أمام العصابات وضعاف النفوس لاستغلال الضحايا وتصاعد حالات الابتزاز الإلكتروني

من جانبها أشارت الأكاديمية ذكرى عبد الصاحب إلى أن انتشار الجهل وفشل التعليم فضلًا عن المشاكل الاجتماعية التي تفاقمت بعد 2003 فتحت الباب أمام العصابات وضعاف النفوس لاستغلال الضحايا وتصاعد حالات الابتزاز الإلكتروني.
وأوضحت عبد الصاحب في تصريح لقناة “الرافدين” أن إهمال الحكومات المتعاقبة والحكومة الحالية لملفات اجتماعية مهمة كالمرأة والطفل وعدم وجود برامج تنموية على الرغم من الميزانيات المهولة طوال 20 عامًا سببت هذه الفوضى وانتشار الجرائم الإلكترونية.
ويشكل ضعف الحكومة في تعزيز قدرة الأجهزة الأمنية على ضبط مرتكبي هذه الجرائم، عاملًا أساسيًا في السيطرة على هذه الظاهرة فضلًا عن دور الأجهزة القضائية التي تفتقر إلى قوانين خاصة لتجريم الابتزاز الإلكتروني.
وانتقد ناشطون وحقوقيون عدم تشريع قانون خاص لتجريم الابتزاز الإلكتروني حتى الآن، مقابل السعي الحثيث لأحزاب السلطة إلى إقرار قانون الجرائم المعلوماتية الذي يهدف إلى إسكات الناشطين والمعارضين لممارسات السلطة الاستبدادية في البلاد. الأمر الذي يكشف عن عمق الهوة الفاصلة بين ما يعانيه العراقيون وما تسعى إليه الحكومة وأحزابها لضماء بقائها في مقاعد السلطة.
وقال الخبير القانوني محمد السامرائي “إن العراق في مرحلة العجز عن التجريم الإلكتروني ومحاسبة المجرمين، ولا يمتلك قانونًا للجرائم الإلكترونية، ما أحدث فجوة بين الطبيعة الإجرامية المتجددة والمتطورة هذه وبين منظومة قوانين جزائية وإجرائية قديمة شرعت قبل أكثر من 50 عامًا، ولم يكن هناك حينها شيء اسمه الإجرام الإلكتروني”.
وبيّن أن “العراق بحاجة ماسة لتنظيم قانوني ومؤسساتي وتشريعات محكمة للجرائم الإلكترونية، تتضمن بوضوح التجريم والعقاب والإجراءات التحقيقية وإجراءات إثبات تلك الجرائم ذات الطبيعة الفنية الخاصة”.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى