أخبار الرافدين
تقارير الرافدينمجالس المحافظات: بوابة مشرعة على الفساد

صفقات اختيار المحافظين تعري اللصوصية السياسية لزعماء الإطار التنسيقي

رئيس المجموعة المستقلة للبحوث، منقذ داغر: الانتخابات كالديمقراطية في العراق، ليست وسيلة لتنفيذ إرادة الناخب، بل جسرًا لتمرير إرادة الصاحب.

بغداد – الرافدين
أثار قرار تحالف قوى الإطار التنسيقي برئاسة نوري المالكي، الأربعاء، إقصاء جميع المحافظين الحاليين في العراق جدلًا أعاد مشهد النفور في الأوساط السياسية لمعارضته طموح الكتل الفائزة في انتخابات مجالس المحافظات الأخيرة.
وجاء القرار عقب اجتماع لقادة الإطار في منزل رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، الثلاثاء، وتضمن رفضًا لفكرة الإبقاء على محافظين حاليين ينتمون للتيار الصدري، أو آخرين فازوا بأعلى الأصوات، في توجه واضح لفرض السيطرة على السلطات المحلية في المحافظات.
ويجري الإطار التنسيقي مفاوضات مكثفة تغلي على صفيح ساخن للفوز باختيار المحافظين في توجه واضح لاقتسام المناصب وفقًا لمبدأ المحاصصة الطائفية الذي وضعته الولايات المتحدة عند احتلالها العراق عام 2003، والتي أنتجت 9 حكومات متعاقبة أثقلت كاهل العراقيين بمختلف الأزمات والمشاكل.
ومع اشتداد الصراع بين الأحزاب والكتل السياسية لتشكيل مجالس المحافظات يحاول الإطار التنسيقي استنساخ تجربته في الانتخابات البرلمانية بتشكيل تحالف واسع للحصول على إدارة الحكومات المحلية، لاستثمارها في الانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها عام 2025.
ويكشف قرار تحالف قوى الإطار التنسيقي إزاحة المحافظين واستبدالهم بآخرين يخرجون من تحت عباءتهم سعيه الحثيث، لا لإنقاذ المحافظات من وضعها المتردي، بل من أجل تقاسم حصص المشاريع في المحافظات، والتي تم رصد تمويلات لها من الموازنة العامة بقيمة تصل إلى مليار دولار في أقل تقدير لكل محافظة.
وكانت نتائج انتخابات مجالس المحافظات التي أجريت في الثامن عشر من كانون الأول من العام 2023 بغياب التيار الصدري، قد أسفرت عن فوز الإطار التنسيقي بأغلبية مقاعد محافظات الوسط والجنوب، باستثناء محافظات البصرة وكربلاء وواسط، والتي شهدت فوز قوائم تابعة لمحافظيها الحاليين.
وبحسب مصادر إعلامية فإن الإطار التنسيقي يسعى للالتفاف على نتائج الانتخابات من خلال، تشكيل تحالف واسع للحصول على إدارة الحكومات المحلية وإقصاء الكتل الفائزة في تلك المحافظات الثلاث.
ويرى خبراء قانونيون، أن الإطار التنسيقي يمارس لعبة سياسية لإقصاء منافسيه ممن فازوا بأغلبية الأصوات، وذلك بتحويل الفائز فيها خاسرًا، كما حصل مع التيار الصدري عندما شكلوا الثلث المعطل وشكلوا الحكومة بعد انسحاب التيار.
وقال الخبير القانوني، أمير الدعمي إن “الإطار التنسيقي اتبع استراتيجية تشكيل كتل مجتمعة من أحزاب مشاركة في الانتخابات تفوق الكتلة الفائزة، ليحظى بأحقية اختيار المحافظ وتشكيل مجلس المحافظة حسب قانون تشكيل مجالس المحافظات، والذي يقضي بتنصيب المحافظ بعد حصوله على موافقة نصف عدد أعضاء المجلس زائد واحد”.
وهو ما حصل فعلًا مع “تحالف “تصميم” برئاسة المحافظ الحالي أسعد العيداني والحائز على المرتبة الأولى في البصرة بمجموع 12 مقعدًا، فيما حصلت كتلة الإطار مجتمعة على 11 مقعدًا، ليتم إقصاء أحد الفائزين من تحالف العيداني بذريعة اجتثاث البعث على حساب صعود مرشح عن كتلة بابليون القريبة من الإطار”.
ووفقًا للدعمي، يكون الإطار التنسيقي قد حظي بتشكيل الكتلة الأكبر ومن يستطع تشكيل الكتلة الأكبر له الأحقية في اختيار المحافظ.
وأكد ذلك، وزير الشباب والرياضة في حكومة نوري المالكي عام 2006 والقيادي في ائتلاف دولة القانون، جاسم محمد جعفر، بالقول إن “الإطار التنسيقي يعتزم تغيير جميع المحافظين من دون استثناء، فيما سيجري توزيع بقية المناصب المحلية طبقًا للثقل الانتخابي لكل طرف سياسي”.
وبخلاف ما يتردد في الأوساط السياسية من سعي الإطار التنسيقي لترضية الصدر وذلك بالإبقاء على محافظي النجف وميسان، أوضح جعفر رغبة المالكي في أن “الإطار التنسيقي لا يحتاج إلى إطلاق رسائل لطمأنة الصدر”.
وبين جعفر، في تصريح لوسائل إعلام محلية، أن “الإطار التنسيقي يعمل على توزيع المناصب وفقًا للتفاهمات بين القوى السياسية المنضوية مجتمعة”.
وأظهرت مؤشرات، قبل اجتماع الإطار التنسيقي، بأن التوجه نحو إقصاء المحافظين، لا سيما من التيار الصدري، عمَّق الانقسام داخل التحالف الحاكم.
وقال القيادي في الإطار التنسيقي، محمد الصيهود إن “الانقسامات داخل الإطار وإن بدت صامتة لكنها تتصاعد، خصوصًا بعد تسريب القرار الأخير بإزاحة جميع المحافظين”.
وأفصحت عن ذلك تصريحات رئيس تحالف “تصميم”، والقيادي في الإطار التنسيقي، عامر الفايز، حينما عدَّ استبدال جميع المحافظين الحاليين بوجوه جديدة، “غير ديمقراطي وشطبًا لرغبة جماهير المحافظات”.
وقال الفايز، “لقد تحفظت على قرار الإطار بالاستبدال لأن المحافظين الناجحين لا يوجد مبرر لاستبدالهم، كما أنهم تم انتخابهم من قبل جمهور المحافظة ولذا ليس من الحق، وليس من الديمقراطية شطب رؤية ورغبة الجماهير بقرار سياسي”.
ويرى مراقبون أن تحفظ شخصيات في الإطار التنسيقي على قرار الإقصاء من جهة وأخرى تحذر من تبعاته السياسية من جهة، تعكس عمق النزاع السياسي والذي يبتعد كثيرًا عن تطلعات الشارع العراقي وحاجات أبنائه.
وكشفت ذلك قناعة الشارع العراقي بفساد العملية السياسية وعدم جدوى الحكومات المحلية التي ستنتج مجالس المحافظات وفقًا لغايات سياسية والتي تزيل الستار عن كذبة الديمقراطية التي يتمسك بها الساسة في العراق.
وقال رئيس المجموعة المستقلة للبحوث، والباحث في مركز الدراسات الاستراتيجية بواشنطن، منقذ داغر، إن “الانتخابات كالديمقراطية في العراق، ليست وسيلة لتنفيذ إرادة الناخب، بل جسرًا لتمرير إرادة الصاحب”.
وبين في تغريدة له على منصة “إكس” أن “الحكم ليس للشعب، وإنما للمبشَّرين بالسلطة، موضحًا أن “من صوت في الانتخابات فقد أعان المبشَرين على سلطتهم، والمتحاصصين على حصتهم”.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى