أخبار الرافدين
تقارير الرافدينطوفان الأقصى: القضية الفلسطينية في الواجهة الدوليةعربية

الموت في بيوتنا بغزة أشرف من أن نهجر إلى سيناء

فلسطينيون من غزة: هذه الحرب علمتنا ما لم نتعلمه طوال سنوات طويلة، عشنا ألمًا كبيرًا، وسالت دماء كثيرة، وكبرنا سنوات عديدة، ويعاني الأطفال معاناة شديدة، لذا سنبقى متمسكين بها والموت فوق ترابها أحب إلينا من النعيم على غيرها.

غزة- يقف الفلسطيني جميل عبد الكريم عيسى، على مقربة من الحدود الفلسطينية المصرية في محافظة رفح أقصى جنوبي قطاع غزة، يتخيل ما ستذهب إليه الأوضاع حال أعادت “إسرائيل” احتلال المحور الحدودي مع مصر.
ويرفض عيسى مجرد التفكير في الهجرة من قطاع غزة باتجاه الأراضي المصرية مع تلويحات قوات الاحتلال بإعادة احتلال هذا المحور.
ولجأ آلاف النازحين الفلسطينيين إلى المناطق الحدودية بين مصر وقطاع غزة لعلها تكون أكثر أمنًا عليهم في ظل استمرار حرب الإبادة التي تشنها قوات الاحتلال على قطاع غزة منذ السابع من تشرين الأول الماضي.
ويقول عيسى “هذا النزوح الرابع لي منذ بداية العدوان على قطاع غزة، كانت البداية من مخيم البريج باتجاه مخيم النصيرات (وسط) ومن ثم نزحنا إلى بلدة الزوايدة (غرب وسط) قبل التوجه قريبا من الحدود المصرية، وما يحدث معنا الآن لم تشهده هجرة 1948”.
ويضيف “جيش الاحتلال يدعي أن هذه المنطقة آمنة، لذلك توجهنا إليها، أين نذهب بعد هذا المكان، لم يبق مكان نذهب إليه ونخشى من عملية تهجيرنا إلى سيناء المصرية، الموت في بيوتنا أشرف من أن نهجر إلى سيناء ونرفض أي محاولة للتهجير”.
ويشير عيسى إلى معاناة النازحين قرب محور فيلاديلفيا والأوضاع الصعبة جدًا فالمياه سيئة وهناك شح كبير وظروفنا معقدة ولا يمكن احتمالها.
ويوضح أنه لم يستحم منذ 25 يومًا بفعل النقص الحاد في المياه، كما أن الطعام سيء للغاية، ويتابع “اذا بقي الوضع على حاله فإننا أمام أزمة انسانية حقيقة”.
ويبلغ عدد سكان قطاع غزة 2.3 مليوني فلسطيني، وهي بقعة من أكثر الأماكن كثافة سكانية على وجه الأرض ويعاني من أزمات عديدة بفعل الاعتداءات المتكررة وفرض حصارٍ مشدد منذ 17 عامًا.
وترفض الفلسطينية أحلام محمد صالح من سكان شمالي غزة، والنازحة إلى منطقة المحور الحدودي أقصى جنوبي مدينة رفح، فكرة التهجير إلى سيناء.
وتتواجد صالح البالغة 35 عامًا على مقربة من الحدود المصرية منذ 15 يومًا، وتعيش معاناة حقيقية بسبب انعدام مقومات الحياة في تلك المنطقة.
وتقول “سمعنا تهديدات جيش الاحتلال باجتياح الحدود الفاصلة بين قطاع غزة والأراضي المصرية ما يعرف بمحور فيلادلفيا، وهذا يبدو خطوة ضمن محاولات تهجير الفلسطينيين إلى سيناء”.
وتضيف “حياتنا كانت صعبة قبل العدوان الإسرائيلي بفعل الحصار والأزمات، لكن بمجرد وصولنا إلى هذه المنطقة، تأكدت أن هذا الموقف هو الأصعب في حياتي، وشعرت بخوف وقلق شديدين وأنا أقف على الحدود”.
وتتذكر صالح وهي تقف على بعد أمتار من الحدود المصرية الفلسطينية تضحيات الشعب الفلسطيني وما تعرض له من حروب واعتداءات اسرائيلية لدفعه إلى الهجرة، وضريبة تمسكه بأرضه ووطنه.
وتقول الشابة الفلسطينية “هذه الحرب علمتنا ما لم نتعلمه طوال سنوات طويلة، عشنا ألمًا كبيرًا، وسالت دماء كثيرة، وكبرنا سنوات عديدة، ويعاني الأطفال معاناة شديدة، لذا سنبقى متمسكين بها والموت فوق ترابها أحب إلينا من النعيم على غيرها”.
وتضيف “نكبة عام 1948 كانت أهون بكثير مما يجري معنا الآن”.
وتطالب صالح، العالم أجمع ودعاة السلام بالوقوف إلى جانب الفلسطينيين الذين يعيشون حربًا مدمرة قتل فيها الأطفال والنساء والشيوخ ودمرت المباني والمنشآت المدنية ونزح سكان غزة والشمال.
ومنذ السابع من تشرين الأول 2023 يشن جيش الاحتلال “الإسرائيلي” حربًا مدمرة على غزة خلّفت حتى الخميس “24 ألفا و620 شهيدًا و61 ألفا و830 مصابًا وكارثة إنسانية غير مسبوقة”، وتسببت بنزوح أكثر من 85 بالمئة (نحو 1.9 مليون شخص) من سكان القطاع، بحسب السلطات الفلسطينية والأمم المتحدة.
يأتي ذلك في وقت قال متحدث الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة، إنه لن يكون هناك أمن واستقرار في المنطقة دون قيام دولة فلسطينية مستقلة بعاصمتها القدس الشرقية على حدود العام 1967.
وأضاف أن “المنطقة برمتها على فوهة بركان، جراء السياسات العدوانية التي تنتهجها سلطات الاحتلال الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة”.
وأوضح أن “تصريحات رئيس حكومة الاحتلال (نتنياهو) الرافضة لإقامة دولة فلسطينية، تؤكد أن هذه الحكومة مصرّة على دفع المنطقة بأسرها إلى الهاوية”.
وأشار إلى أنه “على الرغم من كل هذه التصريحات، إلا أن الدولة الفلسطينية قائمة باعتراف العالم بأسره، وليس هناك خيار آخر لأحد غير ذلك، سواء في المنطقة أو العالم أجمع”، مشددًا على أن “الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة ستنتصر ولن يقوى عليها أحد”.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى