أخبار الرافدين
تقارير الرافدين

الصيدليات الوهمية.. دكاكين تبيع الموت للمواطنين!!

مراقبون: الفساد المالي والإداري المستشري في النظام الصحي لعب دورًا كبيرًا في ظهور الصيدليات الوهمية وتزايدها

بغداد – الرافدين
أعلنت نقابة الصيادلة في العراق ضبط أكثر من 1000 صيدلية مخالفة خلال عام 2023.
وقال المتحدث الرسمي باسم النقابة صفاء الجنابي: ” تم معاقبة أكثر من  1000 صيدلية خلال عام 2023، منها معاقبة 780 صيدلية بغرامات مختلفة وفقًا لنوع المخالفة، فيما تم معاقبة 180 صيدلية بعقوبات إدارية بسبب مخالفات مهنية بسيطة، فضلًا عن توجيه عقوبة الغلق لمدد مختلفة لـ 445 صيدلية في بغداد”.
ولفت الجنابي إلى أن هناك ما يسمى بالصيدليات الوهمية، وهي التي لا تمتلك إجازة نقابة الصيادلة، وبالتالي ليس لنقابة الصيادلة سلطة عليها لغرض غلقها.
فيما أكد نقيب الصيادلة مصطفى الهيتي، إن 220 صيدلية وهمية أحيلت إلى المحاكم خلال السنتين الماضيتين.
وكان الهيتي قد صرح في وقت سابق أن “الواقع اﻟﺪواﺋﻲ في العراق انهار ﺑﻌﺪ ﻋﺎم 2003 بسبب اﺧﺘﻔﺎء اﻟﺮﻗﺎﺑﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﺗﺎم، واﻧﺘﺸﺎر المحال اﻟﻮﻫﻤﻴﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﻛﺒﻴﺮ ﺟﺪًا، وﺑﺎﺗﺖ اﻷدوﻳﺔ ﺧﻄﺮة ﺟﺪًا ﻋﻠﻰ ﺻﺤﺔ المواطن ﺑﺴﺒﺐ ﺻﺮﻓﻬﺎ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ غير المؤهلين”.
وأكدت لجنة الصحة والبيئة النيابية خلال الفترة الماضية، وجود صيدليات ومذاخر مخالفة تتعامل بأدوية غير مرخصة وتفتقر للتقييس والسيطرة النوعية، بعيدًا عن رقابة الجهات المختصة في وزارة الصحة الحالية.
وقال عضو اللجنة باسم الغرابي، إنه “لا وجود للتقييس والسيطرة النوعية على الأدوية، فضلًا عن الافتقار لإجراءات رادعة للصيدليات والمذاخرة المستوردة للأدوية، مطالبًا الجهات المعنية بإلغاء الإجازات الخاصة بها”.
ويرى مختصون أن “الصيدليات اليوم باتت مسرحًا لأحد أخطر أنواع الفساد الذي يضاهي الفساد في الحصة التموينية ومشاريع أمانة بغداد ووزارة الكهرباء، فالصيدليات الوهمية حدث ولا حرج”.
ولفتوا أن “صيدليات المسؤولين في النقابة دخلت في متاهة تحقيق الربح بأي وسيلة، وباتت تستفيد ضمن هذا الهدف من العروض المغرية التي تقدمها شركات الأدوية عبر مندوبيها، ليتساوى بعض الصيادلة بأصحاب الدكاكين من الجهلة والهدف هو تجاري بحت ، ويتساوى الدواء في مذاخر المسؤولين مع تلك العبوات الناسفة التي تقتل المواطنين بدم بارد”.
وأوضحوا أن “مشكلة تأجير أو بيع إجازة ممارسة مهنة الصيدلة من قبل بعض الصيادلة، وبذلك، قد فتحت الباب أمام تحويل المهنة إلى تجارة بشتى الوسائل، في ظل غياب الرقابة من قبل الهرم النقابي”.
ويجمع عاملون في مجالة الصيدلة أن “بعض جوانب المشكلة يتعلق بقيام الصيدلي بتشغيل غير المختصين للعمل في الصيدلية، وقد لا يكونوا أكملوا تحصيلهم الدراسي ليمارسوا مهنة الصيدلي فعليًا”.
وأضافوا أن “العامل غير المختص يلعب داخل الصيدلية دورًا في بيع الأدوية والترويج لها، ومن خلال ذلك يعتقد أن مهنة الصيدلة لا تتطلب سوى بعض معلومات عن تلك الأدوية والعقاقير وأسعارها والطريقة التي تباع فيها، ولاحقًا يمكنه إنشاء صيدلية يديرها وحده من دون الحاجة لصيدلي متخصص”.
وأشاروا أن “للبطالة دور كبير في تنامي ظاهرة الصيدليات غير المرخصة والوهمية، إذ إن الكثير من خريجي الكليات يبحثون عن فرصة عمل، لكن دون فائدة، فتجدهم يتفقون مع بعض الصيادلة أو السماسرة لإنشاء صيدليات (غير مرخصة) مقابل حصولهم على نسبة  من الأرباح الشهرية أو المقطوعة”.
وصرح عضو في نقابة الصيادلة علي خالد في وقت سابق أن ظاهرة الصيدليات الوهمية تنتشر عادة في المناطق النائية والطرفية حيث يتم بيع العلاج على أنه سلعة اعتيادية.
وأضاف الصيدلي علي خالد أن الحصول على الأدوية بالنسبة للصيدليات الوهمية يكون بطريقة أو بأخرى حيث يتم استقبالها من مذاخر معينة أو يقوم صاحب الصيدلية الوهمية بأخذ الأدوية من صيدليات رسمية بكميات كبيرة.
وقال الصيدلاني أحمد التميمي الذي يعمل مساعدًا في إحدى الصيدليات في العاصمة بغداد إن “بعض الصيادلة يفكرون بكسب الأموال بطريقة مريحة؛ إذ يستأجرون إجازاتهم لشخص آخر قد يكون صيدليًا أو لا، مقابل الحصول على أجر شهري مضمون”.
وأضاف التميمي أن “هذه الأفعال تهين وتضعف الجانب الصحي في البلاد وتجعله يتجه نحو الهاوية، لما يرافقه من تداعيات سلبية؛ أولها ما يقع على المواطن من خطورة في اقتناء دواء من محال وهمية، وثانيًا ما يعكس الضعف الرقابي والمتابعة من قبل الجهات المعنية.
وفي السياق ذاته، يؤكد صاحب صيدلية في محافظة النجف، إن وثيقة التخرج من الجامعات المعترف بها لدى وزارة التعليم، تعد أهم شرط لفتح صيدلية، إضافة إلى سند يضمن ملكية الأرض إذا كان العقار ملكًا لصاحب المشروع، أو وجود عقد إيجار بين صاحب الملك والصيدلاني”.
ولفت إلى أن انتشار المحال الوهمية تحت مسمى “صيدلية” يعود لضعف رقابة الجهات المعنية، موضحًا أن “الأمر يتطلب تظافرًا لجهود أصحاب المهنة، وتفعيل دور نقابة الصيادلة بشكل أكبر، والحث على ضرورة تعاونها مع الأمن الاقتصادي لملاحقة هذه الظاهرة التي تسيء لمهنة الصيادلة، وتزيد من حالات المخاطر الطبية كون هذه المواد هي كيميائية، وبالتالي أي تداخل دوائي يؤدي إلى الوفاة”.
وشدد على “ضرورة تعديل قانون نقابة الصيادلة بالشكل الذي يستطيع معه معالجة هذه المشكلة، كون الموضوع تحول إلى تجارة بامتياز”.
ويرى الدكتور ثامر حبيب من بغداد أن “مكافحة ظاهرة الصيدليات الوهمية، تتطلب تعزيز التشريعات والرقابة الصحية وتعزيز الوعي العام حول مخاطر استخدام الصيدليات الوهمية، كما يجب أن تعمل الحكومة على تعزيز النظام الصحي وتوفير الخدمات الصحية الأساسية للمواطنين، وتكثيف الجهود في مكافحة الجرائم المتعلقة بالأدوية وضبط سلاسل التوريد والتوزيع الدوائي.
ويرى مراقبون أن “الفساد المالي والإداري المستشري في النظام الصحي لعب دورًا كبيرًا في ظهور الصيدليات الوهمية وتزايدها”.
ولفتوا أن “مسألة الصيدليات الوهمية تتعلق بعصابات تهريب الأدوية، كما يقع عاتقها على بعض العاملين في المستشفيات الحكومية ممن ليس لديهم إجازات رسمية لمزاولة المهنة، أو أولئك الذين يستغلون وجودهم للحصول على كميات من الأدوية المجانية التي هي من حصة المريض الفقير بالأساس”.
وأكدوا أن “غياب وضعف المتابعة الجدية والرقابة الصارمة من قبل الحكومة والجهات الصحية المعنية، دفعت بالبعض من ضعاف النفوس إلى التغاضي عن وجود صيدليات وهمية مقابل رشوة أو مبالغ مالية من أصحاب تلك المحلات أو صيدليات غير مرخصة، دون الاكتراث بحياة الناس”.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى