أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

وزارة الخارجية تستجدي عطف واشنطن لتخفيف الضغط على القطاع المصرفي

خبراء اقتصاديون يحذرون من حزمة عقوبات جديدة قد تشمل أصول العراق المالية لدى البنك الفيدرالي الأمريكي ما يعني تضرر عائدات النفط في حال استمرت المصارف الخاصة المقربة من إيران في عمليات تهريب العملة.

بغداد – الرافدين
شكك خبراء اقتصاديون بجدوى مطالبة حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني لواشنطن بإعادة النظر في العقوبات المفروضة على عدد من المصارف العراقية، بعد حرمان مجموعة جديدة من المصارف من استخدام الدولار والولوج لمزاد العملة في إطار جهود كبح تهريب الدولار إلى إيران.
وعبر الخبراء الاقتصاديون عن استغرابهم من بيان وزارة الخارجية في حكومة الإطار التنسيقي الذي أكد مطالبة “نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية فؤاد حسين الولايات المتحدة بمراجعة العقوبات المفروضة على 21 مصرفًا عراقيًا تساهم في تمويل مفردات السلة الغذائية للأسر من ذوي الدخل المحدود”.
وأشارت الوزارة إلى أن “فؤاد حسين تلقى الثلاثاء اتصالًا هاتفيًا من وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن في إطار متابعة أبرز المستجدات والقضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك”.
وتطرق إلى “العقوبات التي فُرضت من قبل الخزانة الأمريكية على سبعة مصارف عراقية مؤخرًا.
وأشار بيان الوزراة إلى أن “الإدارة الأمريكية لم تكشف عن الأسباب التي تقف وراء فرض هذه العقوبات وما إذا كان الإجراء الجديد بسبب عدم انضباط هذه المصارف أم لأسباب سياسية أخرى وأن وزارة الخزانة الأمريكية على تواصل مستمر مع البنك المركزي العراقي”.
ونقلت الوزارة عن وزير خارجية حكومة الإطار التنسيقي قوله إن “تلك المصارف لها دور مهم وكبير في تمويل نفقات البطاقة التموينية وتوفير السلة الغذائية للعائلات العراقية من ذوي الدخل المحدود”، مطالبًا بإعادة النظر في قرار الخزانة الأمريكية”.
وتساءل معنيون بمتابعة الملف الاقتصادي في العراق عن جدوى تزييف الحقائق بما يتعلق بالمصارف المدرجة على لوائح العقوبات الأمريكية بعد أن وصل الأمر بالحكومة إلى استجداء العطف من واشنطن في وقت تعرف فيه الحكومة جيدًا نشاطات تلك المصارف في تهريب العملة الصعبة لصالح إيران وسط مطالبات بمراقبة نشاطات القطاع المصرفي لتجنب حزمة جديدة من العقوبات.
وأكد نائب رئيس لجنة الاقتصاد والصناعة والتجارة البرلمانية، ياسر الحسيني، أن مطالبة وزارة الخارجية من الولايات المتحدة الأمريكية بإعادة النظر في حظر المصارف العراقية، يُعد طلبًا رسميًا لرفع العقوبات، وذلك بهدف تنظيم إيقاع مسار تداول العملة واستقرار سعر الصرف في السوق العراقية.
وأوضح أن “الإجراءات الأمريكية المتخذة بفرض عقوبات اقتصادية على عدد من المصارف العراقية قد كان لها تأثير سلبي على الوضع الاقتصادي بشكل عام”.
وحث الحكومة على “مراقبة نشاط هذه المصارف بدقة، لمنع تسجيل أي مخالفات جديدة داخل البنك الفيدرالي لأن الرقابة الحكومية المشددة من شأنها أن تُسهم في تعزيز الثقة لدى الجانب الأمريكي، وبالتالي قد تؤدي إلى تخفيف العقوبات المفروضة على المصارف العراقية”.
وأوضح أن “بعض المؤسسات المالية الخاضعة للعقوبات لديها تعاملات مريبة وعمليات غسيل أموال، غير أن هنالك مصارف تنهض بأعمالها التجارية والمهنية بانضباط، ومع ذلك، ضمتها العقوبات وأن العقوبات الأمريكية أثرت تأثيرًا ملحوظًا على الاقتصاد العراقي”.

حرمان مصارف جديدة من التداول بعملة الدولار في العراق استجابة لضغوطات واشنطن

وعزت مصادر اقتصادية عراقية إجراءات منع عدد من المصارف التجارية المحلية من التعامل بالدولار، فضلًا عن عشرات المكاتب المتعاملة معها، إلى شدة التنبيه الذي مارسه وكيل وزارة الخزانة الأمريكية لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية برايان نيلسون، الذي زار بغداد الأسبوع الماضي.
وذكرت المصادر أن نيلسون الذي التقى رئيس حكومة الإطار التنسيقي محمد شياع السوداني ومدير البنك المركزي علي العلاق، شدد على أن واشنطن لن تسمح بتهريب الدولار إلى إيران.
وقال المحلل الاقتصادي، عمر الحلبوسي، إن قرار منع مصارف خاصة من التعامل بالدولار، هو بالأساس بتوجيه من وزارة الخزانة الأمريكية.
وأضاف أن “الخزانة الأمريكية أوعزت إلى البنك المركزي العراقي بضرورة إيقاف التعامل بالدولار في تلك المصارف، بعد توافر المعلومات التي تؤكد ضلوعها في تمويل فصائل مسلحة موالية لإيران، يضاف إلى ذلك قيامها بعمليات غسيل الأموال وتهريب الدولار”.
وتابع “المفارقة الكبيرة هي أن أحد هذه المصارف التي تم منعها من التعامل بالدولار يملك البنك المركزي العراقي نسبة فيه، وتعد معاقبة هذا المصرف بمثابة اقتراب جحيم العقوبات الأمريكية من البنك المركزي العراقي، الذي عليه أن يستخدم وسائله وسلطته لضبط أعمال المصارف والسيطرة على أنشطتها غير القانونية”.
ولفت إلى أن “الخزانة الأمريكية صعّدت من العقوبات على إثر الهجمات المتكررة التي تشنها فصائل موالية لإيران على القواعد الأمريكية، وتهدف هذه العقوبات إلى تجفيف منابع التمويل للفصائل بغية ردعها وإيقاف هجماتها”.
وأوضح الحلبوسي أن “مجموع المصارف المعاقبة 32 مصرفًا حتى الآن، منعت جميعها من التعامل بالدولار، كما أن هناك قائمة عقوبات أخرى تُلوح بها الخزانة الأمريكية، تضم مصارف وشركات وأفراد، يُضاف لها التهديد بمعاقبة مؤسسات حكومية تستغلها الفصائل لتمويل أنشطتها وتهريب الدولار، فضلًا عن استغلال إيران لهذه المؤسسات”.
وحول فعالية تلك الإجراءات في الحد من القدرات التمويلية لتلك الفصائل، يعلق الحلبوسي بالقول إن “الفصائل لديها أكثر من خط يمولها، منها الشركات الخاصة والإتاوات التي تفرض على التجار والمقاولين، فضلا عن المشاريع الوهمية التي تحال على شركات تتبع لهذه الفصائل، جميعها تسهم بتمويل الفصائل”.
وأكد على أن من بين أكبر خطوط تمويل الفصائل هي تجارة المخدرات وعمليات التهريب والتي توفر للفصائل تمويلا كبيرا، يُضاف إلى ذلك تجارة الأعضاء البشرية التي تنتشر بكثرة في العراق عبر مكاتب محمية من هذه الفصائل تسهم بتمويلها.

حكومة السوداني تحاول الالتفاف على العقوبات الأمريكية عبر الادعاء بأن المصارف المعاقبة مسؤولة عن تمويل البطاقة التموينية

ولم تكن العقوبات الأخيرة الأولى التي يفرضها الفيدرالي الأمريكي، فهناك سلسلة عقوبات شملت عدداً كبيراً من المصارف العراقية آخرها، في يوليو (تموز) عام 2023، على 14 مصرفاً عراقياً بينها مصارف مؤثرة في مزاد العملة بالبنك المركزي وعمليات التحويل من العراق وإليه، لقيامها، بحسب الفيدرالي الأمريكي، بعمليات غسل أموال واحتيال على العقوبات المالية على إيران.
ويعرف مزاد الدولار “بنظام الصرف الصحي للفساد العراقي”، لكن قلما كُتب عن آليات عمله الداخلية.
وأصبح العراق نقطة محورية في الحملة الأمريكية التي تستهدف الحد من تهريب الدولار إلى إيران.
ولدى العراق، وهو حليف نادر لكل من الولايات المتحدة وإيران، احتياطيات تزيد على 100 مليار دولار في الولايات المتحدة ويعتمد بشكل كبير على حسن نية واشنطن لضمان عدم عرقلة وصوله إلى عائدات النفط وموارده المالية.
وسبق أن ارتفعت أصوات حكومية من جهات ذات علاقة في الملف الاقتصادي دعت إلى تنويع سلة العملات واستحصال عائدات النفط بعملات عالمية أخرى غير الدولار لتفادي تأثيرات العقوبات الاقتصادية.
إلا أن هذه الدعوات قوبلت بتشكيك من قبل خبراء في الاقتصاد نظرًا لهيمنة واشنطن على عائدات النفط واقتصاد العراق بعد الاحتلال بشكل عام.
وأكد المتخصص في الشأن الاقتصادي صفوان قصي على أن “اقتصاد العراق دولاري والتفكير في بيع النفط العراقي بعملات أخرى غير الدولار سيكلف الخزانة مبالغ كبيرة”.
وأشار قصي إلى أن العقوبات الأمريكية في ما لو تم فرضها، ستفرض على النفط نفسه “والتفكير أن يذهب العراق بهذا الاتجاه في محاولة لإبعاد الهيمنة الأمريكية على الواردات الناتجة من مبيعات النفط الذي يباع بالدولار، هو تفريط بالعلاقات الاستراتيجية مع واشنطن”.
وأوضح أن “أي خلل في علاقة العراق مع واشنطن والفيدرالي الأمريكي سينعكس سلبًا لا سيما أن الدول الأخرى لن تفرط بمصالحها في سبيل العراق بخاصة روسيا والصين”.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى