أخبار الرافدين
21عاما على احتلال العراق: فشل وفساد سياسيتقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

خبراء نفطيون يشككون بمزاعم السوداني عن تأمين المشتقات النفطية

صور رئيس حكومة الإطار التنسيقي عن قص أشرطة افتتاح المشاريع الوهمية لا تقدم منتجات للسوق العراقية، بقدر ما تكون مادة إخبارية للقنوات الفضائية. وتنتهي بمجرد انتهاء عرضها.

بغداد- الرافدين
وصف خبراء نفطيون عراقيون تعهد رئيس حكومة الإطار التنسيقي محمد شياع السوداني بالاقتراب من تأمين كامل احتياجات البلد من المشتقات، في موعد أقصاه منتصف العام المقبل، بأنها مزاعم تفتقر إلى الدقة ولا تستند على أي معطيات واقعية وفقًا لطاقة عمل المصافي العراق.
وأجمع الخبراء على أن إعلان السوداني افتتاح مصفى بيجي لا يختلف عن “العرض الإعلامي” الذي زعم استعادة معداته النفطية في شهر آب من العام الماضي.
ولم تقد السلطات الحكومية أي أرقام عن طاقة المصفى الجديد مدعومة بمعطيات بيانية بعد إعلان افتتاحه، وأي من الوحدات تم تشغيلها. واكتفت بالقول إن طاقة المصفاة تبلغ 150 ألف برميل يوميًا.
وتعتبر مصفاة بيجي الأكبر في العراق، إذ كانت تقدر طاقتها الإنتاجية بمعالجة 310 آلاف برميل يوميًا.
وقال السوداني في بيان إنه أعاد فتح مصفاة الشمال في بيجي بعد إغلاقها لأكثر من عشر سنوات.
وأغلقت المصفاة في عام 2014 عندما استولت ميليشيات العصائب بزعامة قيس الخزعلي الذي يعد أحد أهم شركاء حكومة السوداني على معداته وباعت الثمين منها فيما هربت الباقي إلى إيران على مدار عام كامل.
وقالت مصادر حكومية إن المصفى تم بيعه بمبلغ 100 مليون دولار، في حين أنه يستحق نحو أربعة مليارات دولار.
وقال خبير نفطي عراقي مقيم في العاصمة الأردنية عمان إن العروض الإعلامية كانت علامة لدى السوداني بعد أكثر من سنة من رئاسة الحكومة، لكنه لم يدعم هذه العروض بمعطيات واقعية.
وأضاف أن مزاعم السوداني عن اكتفاء البلاد من المشتقات النفطية ستضاف إلى مزاعمه السابقة عن السيطرة على آفة الفساد والمخدرات وتوفير الطاقة الكهربائية.
وتميز السوداني بترويج العروض الإعلامية الفارغة من الإنجاز في التأثير على الرأي العام.
وسبق أن وعد بإعادة أموال سرقة القرن بعد أن استحواذ أحزاب مشاركة في حكومته على 2.5 مليار دولار من أموال الضريبة العامة، لكنه سرعان ما أطلق سراح نور زهير الذي قام بعملية السرقة من دون أن يعيد المبالغ المسروقة.
وقوبل تصريح السوداني في استعادة معدات المصفى العام الماضي باستهجان شعبي وفني، لأنه يتعمد استغفال الرأي العام عندما يبيع الوهم ويتحدث عن إعادة معدات وأبراج وأوعية ضغط عال ومراجل ومبادلات حرارية وفلاتر من الحديد المقاوم للصدأ ومكابس، تم تهريبها على مدار أشهر من عناصر ميليشيات الحشد الشعبي إلى إيران.
ويرى مهندسون أن صور قص أشرطة افتتاح المشاريع الوهمية لا تقدم منتجات للسوق العراقية، بقدر ما تكون مادة إخبارية للقنوات الفضائية. وتنتهي بمجرد انتهاء عرضها.
وقالوا “إن مسألة إعادة تأهيل المصفى بسبب عمليات السلب والنهب المتعمد التي حدثت أمام أعين المسؤولين من المحلية والمركزية أصبحت مستحيلة”.
وقال رئيس مهندسين عمل في إدارة المصفى على مدار ثلاثة عقود “إن المصفى غير قابل لإعادة التأهيل بأي شكل من الأشكال، إذ إنه لم يعد موجودًا من الأساس بسبب عمليات تفكيك الأبراج الحرارية الرئيسية للتكرير والتي كانت سليمة ثم اختفت بحجة أن تنظيم داعش قام بتدميرها”.
وكان النائب السابق مشعان الجبوري، قد كشف أن الضرر في المصفى قبل استعادته من تنظيم داعش كان يقدر بـ 20 بالمائة لكنه أصبح فيما بعد 85 بالمائة. في إشارة لسيطرة ميليشيا العصائب على المصفى وتفكيكه.
وأشار إلى أن المصفاة تعرّضت لعمليات سرقة كبيرة، مشدّداً على أنه “غير قادر على الكشف عن الجهة التي سرقتها بسبب خشيته من عواقب ذلك”.


عصام الجلبي: في ضوء الصناعة النفطية الحالية سيستمر استيراد العراق للمشتقات النفطية لما لا يقل بحد أدنى عن أربع سنوات قادمة، وستقترب فاتورة الاستيراد من حوالي 100 مليار دولار

ولفت إلى أن مواد مصفاة بيجي ومحتوياتها تمّ تحميلها بشاحنات كبيرة، ونُقلت إلى مكان مجهول، وأن السرقات شملت حتى الأنابيب المدفونة تحت الأرض. موضحاً أن الحكومة غير قادرة على فعل شيء.
وسبق أن عبّر وزير النفط العراقي الأسبق عصام الجلبي عن أسفه أن يتحول العراق من مصدر للمنتجات النفطية منذ ثمانينات القرن الماضي إلى مستورد لها وبميزانية ضخمة.
وكتب الجلبي الذي يعد أحد أهم خبراء النفط في الوطن العربي، تعليقًا على بيان شركة تسويق النفط “سومو” أن قيمة المنتجات النفطية المستوردة خلال عام واحد بلغت أكثر من 3 مليارات دولار. “بعد أن كان العراق مصدرًا لعدة مشتقات نفطية بدءًا من عام 1983 ولغاية الاحتلال في 2003 على الرغم من ظروف الحرب العراقية الإيرانية ثم الحصار الاقتصادي”.
وقال الجلبي الذي شغل حقيبة وزارة النفط بين عامي 1987 لغاية 1990 “حسب تقارير رسمية وبيانات وتصريحات مختلفة من وزارات التخطيط والنفط، فإن حجم الاستيرادات السنوية وصلت في بعض السنين لأكثر من 5 مليارات دولار وبحساب تقريبي بافتراض معدل 4 مليارات سنويًا فإن مجموع الاستيرادات سيكون بحدود 75 مليار دولار”.
وأشار الوزير الأسبق إلى فشل جميع الحكومات المتعاقبة منذ عام 2003 في بناء مصاف جديدة أو تطور المصافي الحالية وإيقاف استيرادات المشتقات النفطية.
وأعرب عن توقعه في ضوء الظرف الحالي للصناعة النفطية، استمرار الاستيراد لما لا يقل بحد أدنى عن أربع سنوات قادمة، وستقترب فاتورة الاستيراد من حوالي 100 مليار دولار. مشيرا إلى أن هذا المبلغ يعادل كلفة بناء حوالي عشرين مصفى”.
ويعد العراق ثاني أكبر مصدر للنفط في منظمة أوبك ألا أنه بنفس الوقت يستورد المشتقات النفطية من دول العالم لعدم قدرة المصافي العراقية بإنتاج الكميات المطلوبة من الاستهلاك المحلي.
وخلال السنوات العشر الماضية مثلت إيرادات النفط 99 بالمائة من إجمالي صادرات العراق و85 بالمائة من الموازنة العامة للبلاد ونحو 42 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي وفقًا لبيانات البنك الدولي.
ويستورد العراق مشتقات النفط من الوقود وغيرها، جراء ضعف البنية التحتية الخاصة بتكرير النفط نتيجة الفساد السياسي وانعدام الخطط الاستراتيجية لتطوير الصناعة النفطية وبناء المصافي، على الرغم من أن البلد يعد ثاني أكبر مصدّر للنفط الخام في منظمة “أوبك” بكمية تبلغ نحو 3.4 ملايين برميل يوميًا.
وقال الجلبي “هذا الفشل للنظام السياسي الجديد لا يقل عن فشله في كافة القطاعات الأخرى مثل حرق الغاز وتوليد الكهرباء والزراعة والصناعة وبناء المدارس والمستشفيات”.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى