أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

حكومة الإطار تفتقر لأي استراتيجية لإيقاف تفاقم الطلاق داخل المجتمع العراقي

المحاكم العراقية تسجل نحو 250 حالة طلاق يوميًا، بمعدل 10 حالات طلاق في الساعة الواحدة.

بغداد – الرافدين
تشهد المحاكم العراقية تصاعدًا مستمرًا لحالات الطلاق بمعدل 10 حالات طلاق في الساعة الواحدة، ما ينبئ عن خطر داهم يهدد بتفسخ المجتمع العراقي وانتشار الظواهر اللاأخلاقية وضياع حقوق الأطفال ومستقبلهم، وسط غياب الاستراتيجيات والحلول الحكومية للحد من تفاقم هذه الظاهرة.
وسجلت المحاكم العراقية خلال شهر كانون الثاني لعام 2024، إحصائية “مخيفة”، كما وصفها مراقبون، لحالات الطلاق حيث بلغت 7453 حالة في عموم العراق، بحسب إحصائية أعلنها مجلس القضاء في البلاد، وتصدرتها العاصمة بغداد.
وبحسب مقارنة بيانية أجرتها قناة “الرافدين” لوثائق وبيانات حكومية صادرة عن مجلس القضاء في العراق فقد ارتفعت حالات الطلاق بمعدل ألف حالة تقريبًا خلال شهر كانون الثاني من العام الحالي 2024 مقارنة بالشهر نفسه من العام السابق، حيث سجل العراق 6335 حالة طلاق خلال شهر كانون الثاني عام 2023.

مقارنة حالات الطلاق لشهر كانون الثاني لعامي 2023 و2024
وبمقارنة إحصائيات العام السابق 2023 بما قبله، أظهرت نتائج المقارنة ارتفاعًا مقلقًا حيث سجل العراق 72439 حالة طلاق خلال العام 2023، في حين سجل العراق نحو 65802 حالة طلاق خلال العام 2022، باستثناء شهر نيسان حيث لم ترد إحصائية خاصة به.
ارتفاع مثير للقلق لنسب الطلاق في العراق
وتعد هذه الأرقام مؤشرًا واضحًا على الإهمال الحكومي لهذه الظاهرة التي باتت تشكل تهديدًا خطيرًا للتماسك المجتمعي، فضلًا عن كونها من أسباب انتشار الفقر والتشرد وانقطاع الأبناء عن الدراسة على الرغم من التحذيرات والمطالبات المستمرة بوضع حلول لهذه الظاهرة.
وتناول الدكتور رافع الفلاحي في حلقة من برنامجه “حديث عراقي” معضلة الطلاق وتأثيرها على بنية المجتمع العراقي.
وناقشت حلقة البرنامج الذي سيبث من شاشة قناة “الرافدين” يوم الأربعاء المقبل الأرقام المعلنة عن حصول 90 ألف حالة طلاق سنويًا في العراق ونحو 250 حالة طلاق يوميًا.
وأشار إلى أن هذه الأرقام تثير صدمة مجتمعية لأنها لا تحدث في أكثر البلدان تفسخًا اجتماعيًا. الأمر الذي يكشف عن فشل حكومة الإطار التنسيقي في مواجهة ظاهرة تهدد بنية المجتمع العراقي.
وتشهد المحاكم العراقية وفقًا للإحصائية الأخيرة تسجيل نحو 250 حالة طلاق يوميًا، ما يعني زيادة نحو 50 حالة عن العام الماضي حيث تم تسجيل أكثر من 200 حالة يوميًا.
وهو ما أكده المحامي محمد جاسم إذ شهد خلال ساعة واحدة أربع حالات طلاق في إحدى محاكم العاصمة بغداد، مدركًا أن النسبة سترتفع خلال اليوم بحكم طبيعة عمله اليومي في المحكمة، ما يعني تفكك عائلات وانهيار أُسر وبيوت وضياع مستقبل أبناء في مقتبل العمر.
ويعزو مختصون وقضاة استمرار ارتفاع نسب الطلاق داخل المجتمع العراقي إلى العامل الاقتصادي، وارتفاع نسب الفقر والبطالة، ومحاولات أحزاب السلطة في العراق منذ عام 2003 تسويق ثقافة التفكك والتجهيل في المجتمع، مطالبين الجهات الحكومية بالعمل على معالجة أسباب تفشي الظاهرة وإيجاد الحلول التي من شأنها تقليل النسب المرتفعة.
وقال رئيس المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان، فاضل الغراوي، إن “الأسباب وراء زيادة حالات الطلاق عديدة، من أهمها الجوانب الاقتصادية، وعدم وجود فرص عمل للشباب لا سيما أنهم يعتمدون بشكل تام على الموارد التي تقدم لهم من قبل عائلاتهم، وعدم وجود أي مورد مستقل مع متطلبات الحياة الكثيرة، والاحتياجات الأساسية للأسرة، وأن موضوع عدم وجود سكن مستقل، ووجود أغلب الزيجات داخل البيت الواحد، يتسبب بحصول المشكلات”.
وأوضح الغراوي، أن “من الأسباب الأخرى تزايد حالات العنف الأسري وخصوصا العنف الموجه من الزوج ضد الزوجة، واستخدام صور قد تصل إلى التعذيب، والضرب المبرح، والتي قد تكون أسبابًا تؤدي إلى ارتفاع حالات الطلاق”.
وشدد على ضرورة “وجود إجراءات واقعية حقيقية للحد من هذا الارتفاع، وإعادة النظر بكل التشريعات، وتوفير فرص العمل، وتوزيع قطع الأراضي السكنية والدور، بالإضافة الى القروض التي تسهل من العملية الاستقلالية وضرورة وضع عقوبات رادعة وفرض غرامات مالية، بالنسبة لمرتكبي العنف الأسري.
يمتلك زوج ريم السابق المنزل الذي كانا يعيشان فيه معًا. وعندما طلقها عاد إلى منزله ليتزوج بامرأة أخرى، وتركها إلى مصيرها
من جانبه أكد القاضي أحمد جاسب الساعدي “تعرض منظومة القيم الاجتماعية والدينية إلى تحد كبير جراء الانفتاح على قيم جديدة من خلال وسائل التواصل الاجتماعي وتصدع هذه القيم واستسهال حالات الطلاق واعتباره حالة عادية في المجتمع بعد ان كان يعتبر لعقود مضت حالة مرفوضة”
وقال إن “انتشار البطالة وأزمة السكن، وانحدار المستوى العلمي والثقافي وانتشار الجهل والأمية بين أوساط الشباب وزواج القاصرين والقاصرات ومكاتب الطلاق خارج المحكمة ساهمت في ازدياد حالات الطلاق”.
وشدد على أهمية إطلاق حملة وطنية من كافة الجهات ذات العلاقة من إعلام وجامعات ومؤسسات دينية وثقافية وتشريعات للتنبيه بمخاطر هذه الظاهرة وضرورة إصدار تشريع يجرم الطلاق خارج المحكمة ويجرم من يباشر إجراءه.
ولفت إلى أن القوانين بحاجة دائمة لمعالجة نواقصها التشريعية ويمكن اعتبار تعديل بعض النصوص القانونية سيساهم في حل جزء من مشكلة الطلاق وتجريمه خارج المحكمة والذي أصبح ضرورة ملحة للحد منها.
وسبق أن سجلت المحاكم العراقية 4092 حالة طلاق لنساء لم يبلغن الخامسة عشرة بين عامي (2020-2021)، فيما ذكر قضاة متخصصون بقضايا الأحوال الشخصية أن الزواج المبكر أحد الأسباب الرئيسية التي تضاعف نسب الطلاق في العراق.
وبحسب تقارير مجلس القضاء الأعلى فإن الزواج المبكر يفتقر إلى اكتمال النضوج العقلي للزوج والزوجة فيما يتعلق بتحمل أعباء الزواج وتكوين أسرة، إضافة إلى البطالة وتفاوت المستوى الثقافي والعلمي بين الزوجين، كما أن 50 في المائة من أسباب الطلاق، يعود إلى تردي الوضع الاقتصادي
من جهته، طالب القاضي حسن عبد الجبار، بتوفير فرص عمل لكلا الزوجين مع إقامة دورات تثقيفية وتوعية بالتمسك بالحياة الزوجية واستخدام مواقع التواصل الاجتماعي بشكل صحيح، وتوفير سكن مستقل للزوجين للحد من المشاكل العائلية.
في حين قال القاضي ضياء قاسم الهلالي: إنه يجب حظر المواقع اللاأخلاقية التي تبث أفكارًا كارثية ساهمت بشكل كبير في تفكك الأسرة العراقية وهي بمثابة غزو معادٍ من نوع جديد لا يقوم على احتلال الأراضي وإنما يقوم على احتلال العقول وهدم الأفكار وبث العادات المعيبة وتقويض الأعراف والتقاليد الحميدة للمجتمع العراقي.
ويرى مراقبون أن استمرار الأزمات الاقتصادية والأمنية التي يعيشها العراق منذ عشرين عامًا نتيجة الاحتراب السياسي الذي أحدثته الأحزاب والكتل السياسية الساعية وراء السلطة بقوة السلاح، لذا أصبح المجتمع العراقي يدفع ضريبة باهظة انعكست سلبًا على سلوكياته وعلاقاته العائلية نتيجة الاضطرابات النفسية التي يمر بها بحسب ما تؤكده النسب المرتفعة لحالات الطلاق في البلاد.
تشتت أسري يثقل كاهل المجتمع
اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى