أخبار الرافدين
تقارير الرافدينطوفان الأقصى: القضية الفلسطينية في الواجهة الدوليةعربية

رضيعان فلسطينيان شاهدان على جريمة الإبادة في غزة

فلسطينية تحمل رضيعها بحثًا عن النجاة به وعدم موته جوعًا، بعد تراجع وضعه الصحي، وفقدانه الحركة وتدهور وظائف جسمه.

غزة- في أروقة مستشفى شهداء الأقصى بمدينة دير البلح، يجهش التوأم الرضيعان بالبكاء الذي يدوي صداه في أرجاء المكان، كأنهما يعبران عن حنينهما وحاجتهما لحضن والديهما الذين غابوا عنهما بشكل مفاجئ.
لكن تلك الصيحات الحزينة من الطفلين، أحدهما ذكر والأخرى أنثى من عائلة ضيف الله، لم تكن كافية لتلبية رغبتهما الملحة في لقاء والديهما.
وفقدت أثار والديهما بعد أن حاصرتهما القوات “الإسرائيلية” في مستشفى ناصر بمدينة خان يونس، فيما تم إجلاء التوأم لمستشفى شهداء الأقصى بدير البلح.
ويسعى الأطباء والممرضات في مستشفى شهداء الأقصى بكل جهد لتقديم المساعدة والعناية للتوأم الرضيع “3 شهور”، حيث يرقد كل منهما على سريره يبحث عن حضن أمه.
وعبر مواقع التواصل الاجتماعي، نشر صحفيون ونشطاء فلسطينيون صورًا ومقاطع فيديو للتوأم الرضيع، بهدف التعرف على مصير والديهما اللذين فُقدا خلال مداهمة قوات الاحتلال “الإسرائيلي” مستشفى ناصر بمدينة خان يونس.
وُلِد الطفلان اللذان يعود أصلهما إلى بلدة بيت حانون شمالي قطاع غزة في مستشفى ناصر بخان يونس، وتم نقلهما بواسطة سيارة الإسعاف إلى مستشفى شهداء الأقصى بدير البلح، دون مرافقة عائلتيهما.
ووفقًا لتقارير الأطباء المشرفين على حالة التوأم، يُعانيان من سوء التغذية بسبب عدم حصولهما على الرضاعة الطبيعية من والدتهما.
وقالت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني في منشور على منصة “إكس” “قامت طواقمنا بمهمة إجلاء الجرحى من مستشفى ناصر بعد خروجه عن الخدمة بتنسيق مع مكتب الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة “أوتشا””.
وأضافت “شاركت في عملية الإجلاء أربع مركبات إسعاف قامت بنقل 18 جريحًا، بما في ذلك مولودتان حديثتان (توأم ذكر وأنثى) فقد أمهما ووالدهما”.
وتابعت “تم نقل الحالات إلى مستشفيات الهيئة الطبية العالمية الميدانية والمستشفى الإندونيسي الميداني في محافظة رفح، ومستشفى غزة الأوروبي في خان يونس، بالإضافة إلى مستشفى شهداء الأقصى في دير البلح وسط قطاع غزة”.
وسبق أن حاصر جيش الاحتلال “الإسرائيلي” مستشفى ناصر ثاني أكبر مستشفى بقطاع غزة، بالدبابات والمدرعات ونشر قناصة في محيط المنطقة.
وأغلقت قوات الاحتلال المستشفى أمام الدخول والخروج، وأبقت آلاف الأشخاص، بمن فيهم النازحون الذين لجأوا إليه تحت الحصار لعدة أيام.
كما قتل جيش الاحتلال العديد من الفلسطينيين الذين كانوا يحاولون الدخول إلى المستشفى أو الخروج منه برصاص القناصة المتمركزين في المنطقة.
وعقب ذلك، دهمت القوات “الإسرائيلية” المستشفى في الخامس عشر من شباط الجاري، واحتجزت العديد من الفلسطينيين، ومن بينهم أفراد من الطاقم الطبي.
وأعلن المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس، أن مستشفى ناصر لم يعد قادرا على تقديم الخدمة.
على صعيد آخر تحاول والدة الطفل الفلسطيني محمود فتوح إرضاعه، إلا أن جهودها باءت بالفشل نتيجة عدم إفرازها للحليب بسبب سوء التغذية الذي تعانيه.
ولم تتناول أم الرضيع فتوح (شهران) الطعام لعدة أيام بسبب نفاده نتيجة الحصار “الإسرائيلي” المفروض على محافظتي شمال القطاع ومدينة غزة، إضافة لعدم توفر الحليب المناسب له ما أدى إلى تردي حالته الصحية.
وإثر تراجع وضعه الصحي، فقد الطفل الحركة وتدهورت وظائف جسمه، ما دفع بالأم إلى السير بالشارع وهي تحمل رضيعها بحثًا عن النجاة به وعدم موته جوعًا.
في تلك اللحظات الصعبة، وهي تحتضن رضيعها بشدة، لم تكن الأم تدري إلى أين تتجه سوى إلى داخل قلبها المليء بالأمل والدعاء وسط الظلام الذي أحاط بها.
وفي خضم الليل المظلم ودموع الألم والحزن تنساب من عيونها، كانت الأم تهيم على وجهها في أحد الشوارع بمدينة غزة.

جريمة الإبادة بحق الرضع
وفجأة وهي لا تعرف مصيرها صادفت مرور سيارة إسعاف تابعة للدفاع المدني الفلسطيني، سرعان ما توقفت وقدموا لها الإسعافات الأولية، ثم نقلوها إلى مستشفى الشفاء بغزة، حيث استمرت جهود الأطباء في إنقاذ حياة ابنها.
وداخل المستشفى، كانت الأم الفلسطينية تمسك بيد رضيعها بلطف، وكلما شعرت بنبض خافت أو حركة طفيفة، تكررت دعواتها لله بأن يحفظه ويشفيه.
وتارة كانت تلمس يده الصغيرة، وتمرر أصابعها على وجهه الرقيق تارة أخرى، كل ذلك في محاولة منها للتأكد من أن رضيعها ما زال يتنفس، وذلك في ظل مواصلة الطواقم الطبية جهودها في تقديم الإسعافات الأولية له.
وتمكن الأطباء من إنقاذ حياة الرضيع بعد تقديم الرعاية اللازمة له، ووضعه تحت المراقبة في وحدة العناية المكثفة داخل المستشفى.
وقال متحدث مديرية الدفاع المدني، الرائد محمود بصل “خلال عودتنا من إحدى المهمات، تفاجأنا بامرأة تحمل طفلها وتسير في الشارع وتبكي وتناشد المساعدة”.
وأضاف “عندما رأينا المشهد، توقفنا بسيارة الإسعاف ووجدنا المرأة تحمل الطفل الرضيع الذي بدت عليه علامات الضعف الشديد”.
وتابع “تمكنا من نقله إلى مستشفى الشفاء في مدينة غزة، وتم تقديم الرعاية الطبية الفورية له، وخلال الفحص تبين أنه يعاني نقصًا حادًا في الغذاء، لينقل بعدها إلى قسم العناية المركزة”.
وأوضح متحدث الدفاع المدني أن “الطفل لم يتناول الحليب منذ أيام بسبب نقصه في قطاع غزة”.
وناشد منظمة الصحة العالمية “ضرورة إنقاذ ما يمكن إنقاذه من أطفال غزة الذين يعانون ظروفًا صعبة جراء الحرب”.
وبحسب نتائج فحوص لسوء التغذية أجرتها مؤخرا منظمات شريكة في مجموعة التغذية (تابعة للأمم المتحدة)، توجد في غزة زيادة كبيرة في نسبة سوء التغذية الحاد العام لدى الأطفال الذين تراوحت أعمارهم بين 6 أشهر و59 شهرًا.
ووصل سوء التغذية الحاد العام إلى 16.2 بالمائة، وهي نسبة تتخطى العتبة الحرجة التي تحددها منظمة الصحة العالمية عند 15 بالمائة.
وأعلنت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا” أن السكان في شمال قطاع غزة أصبحوا “على حافة المجاعة ولا ملاذ يأوون إليه” في ظل الحرب المستمرة.
ومنذ السابع من تشرين الأول الماضي تشن قوات الاحتلال حربًا مدمرة على قطاع غزة خلفت عشرات آلاف الضحايا معظمهم أطفال ونساء”، وفق بيانات فلسطينية وأممية، الأمر الذي أدى إلى مثول “إسرائيل” أمام محكمة العدل الدولية بتهم ارتكاب “إبادة جماعية”.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى