أخبار الرافدين
تقارير الرافدينطوفان الأقصى: القضية الفلسطينية في الواجهة الدوليةعربية

وحشية الاحتلال تمعن في حربها على الأطفال ومستقبلهم في غزة

بقلب يحمل حُزنًا أكبر من سعته وبعينين تملؤهما دموع الألم وببطء مهيب، تقترب ليان من جثمان شقيقتها المسجّى على الأرض لتلقي النظرة الأخيرة على هذا الوجه الذي كان مصدرًا لسعادتها.

غزة – “حبيبتي يا أختي”، بهذه الكلمات المثقلة بوجع الفراق والقهر، ودّعت الطفلة الفلسطينية ليان ابنة الـ 11 عامًا، شقيقتها الطفلة سجى التي استشهدت بغارة وحشية “إسرائيلية” على قطاع غزة.
وفي ساحة “مستشفى شهداء الأقصى” بمدينة دير البلح وسط القطاع، تتناثر جثث ضحايا قتلتهم طائرات جيش الاحتلال، ومن بينهم جثمان سجى التي راحت ضحية الحرب المستمرة منذ السابع من تشرين الأول الماضي على قطاع غزة.
وقفت ليان تنظر إلى المشهد المروّع الذي كان أمامها، وهي في حالة صدمة وحزن عميق على فقدان شقيقتها، في واحدة من الأيام التي لا يمكن أن تنسى.
لكن من أجل نظرة الوداع، نادى عليها والدها لتطبع على جبين شقيقتها قبلة أخيرة قبل أن يوارى جثمانها الثرى.
بقلب يحمل حُزنًا أكبر من سعته وبعينين تملؤهما دموع الألم وببطء مهيب، تقترب ليان من جثمان شقيقتها المسجّى على الأرض لتلقي النظرة الأخيرة على هذا الوجه الذي كان مصدرًا لسعادتها.
لم تتخيل ليان ذات الشعر الطويل المجدول يومًا أن تقف بمثل هذا الموقف التراجيدي، وهي تنحني وتقبل رأس شقيقتها التي كانت معها حتى وقت قريب بين المرح والمزاح.
لحظات المرح التي عاشتها الشقيقتان لم تدم بسبب الحرب “الإسرائيلية” المستمرة على قطاع غزة منذ أكثر من 6 أشهر، حاصدة آلاف الشهداء من الأطفال.
وفجأة ودون سابق تحذير، تحولت تلك اللحظات المفعمة بالحب والطفولة إلى دمار وركام ودماء متناثرة هنا وهناك.
لم تكن الطفلة ليان تتوقع ذلك، حيث كانت للتو تحاول الاستمتاع بأوقاتها، رغم أصوات الطائرات والانفجارات الناجمة عن الصواريخ “الإسرائيلية” التي تسقط على القطاع.
والجمعة، قصفت الطائرات “الإسرائيلية” عددا من المنازل في مدينة دير البلح، ما أسفر عن استشهاد وإصابة عشرات الفلسطينيين.
لم يبقَ للطفلة المكلومة سوى ذكريات جميلة من اللعب والضحك مع شقيقتها، بعد مرارة الفراق التي تسببت بها الحرب “الإسرائيلية” الوحشية.
تلك الذكريات الجميلة التي تبقت من أختها تمثل كنزًا ثمينًا بالنسبة لليان، ستحتفظ بها في أعماقها وستبقى خالدة في ذهنها، حيث سترويها للأجيال القادمة.
فيما ستحفر داخل قلبها الصغير مرارة فقدان شقيقتها ونجاتها من الموت خلال القصف “الإسرائيلي” الذي استهدف منزلهم في دير البلح.
وأثناء توديع شقيقتها تنطلق الكلمات من قلب ليان المكسور وتقول بين جموع المواطنين: “حبيبتي يا أختي، الله يرحمك”.
وسبق وأن أعلن مفوض عام وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا”، فيليب لازاريني، عبر منصة “إكس” أن عدد الأطفال الذين قُتلوا في غزة منذ السابع من تشرين الأول الماضي أكبر من عدد الأطفال القتلى في حروب العالم خلال 4 سنوات.
ووصف لازاريني الإحصائيات المتعلقة بالأطفال الذين قتلتهم إسرائيل في غزة بـ”الصادمة”.


وصف الأمين العام لمنظمة أطباء بلا حدود كريستوفر لوكيير ما شهده من فظائع في قطاع غزة بقوله: شكلت الجثث بمشرحة مستشفى شهداء الأقصى مشهدًا مرعبًا حقًا
واعتبر بناء على هذه المعطيات أن “هذه حرب على الأطفال وعلى مستقبلهم”، ودعا إلى وقف فوري لإطلاق النار من أجل أطفال غزة.
ووفق رسم بياني شاركه لازاريني، فإن عدد الأطفال الذين قتلوا في الحروب خلال السنوات الأربع الماضية حول العالم بلغ 12 ألفًا و193، بينما فاق عدد الأطفال الذين قُتلوا في غزة في الحرب الحالية 12 ألفًا و300 طفلاً.
ودق الأمين العام لمنظمة أطباء بلا حدود كريستوفر لوكيير، ناقوس الخطر إزاء الوضع الصحي والإنساني في شمال غزة، قائلًا إن الأحوال الإنسانية في القطاع وصلت إلى مرحلة سيئة يصعب وصفها.
وقال لوكيير إنه زار مستشفى شهداء الأقصى وسط من قطاع غزة، عقب ليلة شهدت قصفًا عنيفًا استهدف المنطقة المحيطة به.
وبيّن أن المستشفى كان يبذل جهودًا استثنائية لتقديم الخدمات الطبية للمصابين والجرحى في ظل ظروف صعبة للغاية.
وفي وصفه لهول ما شهده من فظائع في القطاع، قال لوكيير “شكلت الجثث بمشرحة مستشفى شهداء الأقصى مشهدًا مرعبًا حقًا”.
وأضاف “أثناء التنقل في المستشفى، على المرء أن يكون حذرا للغاية كي لا يدوس على المرضى والمصابين الذين يفترشون الأرض بما في ذلك الممرات”.
وأكمل أن “المستشفى ممتلئ تمامًا، والأطباء يعملون على توفير الخدمات الطبية وفق أولوية الحالة، إنه وضع رهيب”.
وأوضح “رأيت النساء والأطفال يعانون بشكل واضح، خاصة من سوء التغذية، هذا حقيقي، وسكان غزة غير معتادين على الوضع المتعلق بسوء التغذية، ولهذا السبب يتعين علينا إعادة تدريب موظفينا ليكونوا قادرين على علاج الأطفال والنساء والرجال الذين يعانون سوء التغذية”.
ورغم دخول شهر رمضان أسبوعه الثاني، تشن قوات الاحتلال حربًا مدمرة على قطاع غزة منذ خلفت عشرات الآلاف من الضحايا المدنيين معظمهم أطفال ونساء، وكارثة إنسانية ودمارا هائلا بالبنية التحتية ومجاعة، الأمر الذي أدى إلى مثول تل أبيب أمام محكمة العدل الدولية بتهمة “الإبادة الجماعية”.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى