أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

أحزاب تعطل تعديل سلم الرواتب كي لا تفقد مكتسباتها من حصص الوزارات

رواتب مؤسسات ودوائر الرئاسة في العراق تمثل بابًا من أكبر أبواب الفساد التي تكبّد الدولة مبالغ طائلة، وتصل نسبة اختلاف الراتب بين الموظفين في وزارات مختلفة إلى 150 بالمائة.

بغداد – الرافدين
تجمع جهات رقابية على أن أحزابًا وميليشيات مسيطرة على وزارات في حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني، تحول دون إقرار قانون سلم الرواتب، للإبقاء على رواتب ومخصصات عناصرها في تلك الوزارات.
وتماطل حكومة السوداني في إقرار قانون تعديل سلم الرواتب على الرغم من وجود فوارق كبيرة بين المخصصات المالية للوزارات المختلفة والمؤسسات والدوائر والهيئات الحكومية.
وتزداد حدة التظاهرات المطالبة بتعديل سلم الرواتب مع استمرار الأزمة الاقتصادية بسبب ارتفاع سعر صرف الدولار وغلاء المعيشة ما يثقل كاهل المواطن العراقي.
وكشفت لجنة النزاهة النيابية عن قيام وزارات ودوائر يحظى العاملون فيها برواتب عالية بتعطيل قانون سلم الرواتب.
وقال عضو اللجنة يوسف الكلابي، إن “هناك وزارات مثل وزارتي الكهرباء والنفط ودوائر مرتبطة برئاسة الوزراء والجمهورية رواتبها عالية هي من تعمل على تعطيل قانون سلم الرواتب، وهناك تقصير من أغلب الوزارات في إرسال جداولها إلى اللجنة المالية”.
وأضاف “وزارة النفط مغلقة على نفسها وإلى الآن لا أحد يستطيع اختراق حصونها لوجود الفساد المرعب فيها مثل جولات التراخيص والشركات العاملة وإحالة العقود للشركات الثانوية”.

يوسف الكلابي: وزارة النفط مغلقة على نفسها وإلى الآن لا أحد يستطيع اختراق حصونها لوجود الفساد المرعب فيها مثل جولات التراخيص والشركات العاملة وإحالة العقود للشركات الثانوية

وسبق أن بينت اللجنة المالية النيابية، أن سلم رواتب الموظفين مرهون بالحكومة لأنه من ضمن مهامها، فيما تتهم الوزارة بالتنصل من مسؤوليتها تجاه الملف، بعد تزايد الدعوات التي تطالب بزيادة رواتب الموظفين وخاصة الدرجات الدنيا ممن يتقاضون مرتبات شهرية ضئيلة.
ويرى مراقبون أن ملف سلم الرواتب تأخر كثيرا للبت به مع وجود فروقات كبيرة وصادمة بين وزارة وأخرى، مؤكدين أن تعديل الملف يصطدم بعوائق كثيرة أبرزها مصالح الأحزاب التي تسيطر على الوزارات الغنية.
وبينوا أن قضية رواتب مؤسسة الرئاسة والموظفين والمتقاعدين في العراق تمثل بابًا من أكبر أبواب الفساد التي تكبّد الدولة مبالغ طائلة، وتصل نسبة اختلاف الراتب بين الموظفين في وزارات مختلفة إلى 150 بالمائة، برغم وحدة الدرجة والمؤهل، وكل هذه الفوارق الكبيرة لم تطرأ على الساحة إلا مع أنظمة ما بعد الاحتلال.
وقال استاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد الدكتور إياد العنبر، إن “التباينات في الرواتب يجب أن لا تكون على أساس الوزارات بل على أوقات العمل والكفاءة العلمية والتخصص، وبعض الوزارات رواتب الحرفيين فيها أعلى من أصحاب الشهادات في وزارات أخرى”.
وأضاف “لن يجرؤ أحد على طرح قانون سلم الرواتب مادام هنالك زبائنية مرتبطة بأحزاب تسيطر على وزارات ولا يمكن أن يجازف رئيس الوزراء بمثل هكذا موضوع بتقديم سلم رواتب يعتمد العدالة والإنصاف والاستحقاق مادامت هناك انتخابات ويسعى لولاية ثانية، ومادامت الأحزاب لا تريد أن يتضرر عنوانها الحزبي بسيطرتها على وزارة ما لأن هذه القطاعات إذا تضررت سيكون جمهورها خارج المنافسة في الانتخابات”.
ووصلت أعداد موظفي الدولة العراقية إلى عتبة 5 مليون موظف، إضافة إلى نحو 3 مليون متقاعد، الأمر الذي يعني أن أكثر من نصف موازنة العراق التي تعتمد بنسبة 92 بالمئة على واردات النفط تذهب لسد رواتب الموظفين.
ويصف موظفو الوزارات ذات الرواتب المتدنية التباين في الرواتب بين الوزارات بـ “الإجحاف والتمييز” بين موظفي الدولة، ونظم العديد منهم الاحتجاجات والاعتصامات عسى ان تلتفت الحكومة لمطلبهم وتحقق شيئا من العدالة لهم.
ويقول الموظف في وزارة الزراعة المهندس الزراعي فلاح عزيز الجبوري، “إننا نشعر بالأسف لأن رواتبنا متدنية بالرغم من أن وزارتنا تعمل في مجال نسبة خطورته عالية كوننا نتعامل مع النباتات والتربة والتلوث وحفر الآبار ومخلفات الحيوانات وإلخ”.
ووصف المهندس الزراعي التمييز في رواتب الموظفين بين الوزارات بـالإجحاف، مطالبا الحكومة كغيره من الموظفين بتعديل سلم الرواتب بما يضمن حقوقهم.
ويؤكد الموظف في إحدى الدوائر الخدمية محمد عدنان، أن “إقرار قانون سلم الرواتب في العراق يتيح فرصة للموظفين أن يشعروا بالعدالة والمساواة فيما بينهم، ويخلق فرص جديدة لجميع الأطراف، إذ إن الوضع المادي للموظف مهم جدا، حيث يوفر له العيش الكريم بما يتناسب مع إمكانياته ومؤهلاته”.
وأضاف أن “تقليل الفوارق بين طبقات المجتمع هو أساس لبناء دولة حقيقية، ومن الضروري الإيفاء بحقوق الموظفين بشكل كامل، وعدم حرمانهم من أبسط حقوقهم ألا وهي العدالة، اذ ان الموازنات الانفجارية في العراق تتيح للحكومة سن القوانين التي تخدم المواطن والموظف العراقي مثل تحقيق المزايا والمخصصات التي تعينهم على حياتهم وتحقق لهم مستوى معيشي لائق بعيدا عن التمييز”.

الفوارق الكبيرة في الرواتب بين الوزارات في ظل غلاء المعيشة دفع كثير من الموظفين إلى التظاهر للمطالبة بالمساواة

وطالب مجموعة من المعلمين والتربويين بإلزام الحكومة بإقرار سلم رواتب جديد لجميع الموظفين، ولحين إقرار السلم تعديل مخصصات الموظفين لـجميع الدرجات والوزارات على أن لا تقل عن 250 ألف دينار عراقي لكل درجة وتحت عنوان تحسين المعيشة.
وقالوا في بيان لهم إن مطالبنا في تحسين المعيشة تأتي لإلزام الحكومة في تطبيق سلم الرواتب، وإن تحججت بأن التعديل يحتاج إلى إلغاء قوانين وقرارات وما شابه ذلك فعليها بالموافقة على تحسين المعيشة لحين ذلك.
وطلبوا من الحكومة وضع سقف زمني قانوني لقانون الخدمة المدنية وسلم الرواتب على أن لا يتعدى سنة 2024، مؤكدين أنهم سيتخذون خطوات تصعيدية في حالة عدم استجابة الحكومة لهم.

 

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى