أخبار الرافدين
تقارير الرافدينطوفان الأقصى: القضية الفلسطينية في الواجهة الدوليةعربية

الرضيعان نعيم ووسام شهادة إدانة تاريخية على حرب الإبادة الوحشية في غزة

وسط ركام منزلها المدمر بمدينة رفح جنوب قطاع غزة، تبحث رانيا أبو عنزة عن أي ذكريات من رضيعيها اللذين قتلتهما قوات الاحتلال ضمن حرب إبادة وحشية تشنها منذ السابع من تشرين الأول 2023.

غزة – بعد 11 عامًا من الزواج والأمل والمعاناة والدعاء، أنجبت الفلسطينية رانيا أبو عنزة (35 عامًا) توأمين، وظلت تحلم بتزيين رضيعيها بملابس جديدة في أول عيد لهما.
لكن في منتصف إحدى ليالي آذار الماضي، قضت غارة جوية “إسرائيلية” وحشية على حلمها، إذ قتلت رضيعيها نعيم ووسام (5 أشهر) ووالدهما وسام، لتخسر أسرتها كاملةً.
ووسط ركام منزلها المدمر بمدينة رفح جنوب قطاع غزة، تبحث رانيا عن أي ذكريات من رضيعيها اللذين قتلتهما قوات الاحتلال ضمن حرب تشنها منذ السابع من تشرين الأول 2023.
بيديها العاريتين ظلت الأم تبحث طويلا بين الركام، في محاولةً لإنقاذ ملابس كانت تحلم بأن يرتديها نعيم ووسام، ليظهرا في أبهى حلة خلال عيد الفطر المقبل.
وبعد ساعات من بحث شاق ومؤلم نفسيًا، عثرت أخيرا على ملابس صغيريها الجديدة، وقد كُتب اسم كل منهما على ملابسه.. فهذه ملابس نعيم، الملقب بـ”أبو الورد”، وتلك ملابس شقيقته وسام.
وهي تحمل حزنا كالجبال، عرضت الأم الملابس أمام كاميرا وكالات الأنباء، قبل أن تتابع رحلة بحثها عن آخر ما تبقى من رضيعيها.
الأم المكلومة استعادت ذكريات معاناتها خلال 11 عامًا من عدم الإنجاب، خضعت فيها لعمليات تلقيح صناعي فاشلة، وتلقت علاجات طبية عديدة، في ظل وضع مادي صعب لزوجها.
تحملت رانيا وزوجها وسام تكاليف مالية باهظة، وفي النهاية رزقهما الله بالتوأمين نعيم ووسام، لتفيض حياتهما فرحا بعد صبر طويل.
وفي إحدى ليالي آذار الماضي، قضت رانيا ووسام وقتا ممتعًا في مداعبة الطفلين، قبل أن تخلد الأسرة السعيدة للنوم.
وبينما هم نيام، قصفت مقاتلة حربية إسرائيلية منزلهم، فقتلت الرضيعين ووالدهما، بينما نجت الأم من الغارة، لتحاصرها الأحزان وتطاردها ذكريات أكثرها إيلاما هو رؤيتها طفليها وزوجها بين الركام.
بأعلى صوتها، صرخت الأم: “أولادي.. أولادي” عسى أن يسمعها فريق إنقاذ أو جيران أو أقارب، فيتمكنوا من إخراجهم، على أمل أنهم ما زالوا على قيد الحياة.
وهي فوق أطلال منزلها المدمر وعينيها تتلألأ بالدموع، قالت رانيا “هذا بيتي المدمر، كنا نائمين عندما تم قصف المنزل”.
وبحسرة، أضافت “لم أتخيل أبدأ أن أرى زوجي وأولادي يستشهدوا، فقد قضينا (أنا وزوجي) سنوات ممتعة وجميلة مليئة بالذكريات السعيدة”.
وتابعت “لم أسمع دوي انفجار عند القصف، لكن وجدت نفسي تحت الركام الذي سقط على زوجي وأولادي أيضا”.

لم تتمكن الأم الفلسطينية المفجوعة من الاستمتاع بوقت كافٍ مع طفليها، اللذين أنجبتهما بعد 11 عامًا من الانتظار
الأم شددت على أنها لم تتمكن من الاستمتاع بوقت كافٍ مع طفليها، اللذين أنجبتهما بعد 11 عامًا من الشوق والانتظار.
ولطالما تمنت أن يمر أول شهر رمضان وأول عيد فطر ورضيعيها في حضنها، وأن يرتديا الملابس الجديدة في براءة وفرح.
ورفح مهددة بمزيد من المجازر، إذ تُصر “إسرائيل” على اجتياح المدينة؛ بزعم أنها “المعقل الأخير لحركة حماس”، رغم تحذيرات دولية متصاعدة من تداعيات كارثية، في ظل وجود نحو 1.4 مليون نازح.
والرضيعان نعيم ووسام هما بين أكثر من 13 ألف طفل قتلهم جيش الاحتلال “الإسرائيلي” في الحرب على غزة، والتي خلفت إجمالا عشرات آلاف الضحايا المدنيين، ومجاعة أودت بحياة عشرات الأطفال، حسب بيانات فلسطينية وأممية.
ورأى مدير صندوق الأمم المتحدة للسكان في الأراضي الفلسطينية دومينيك آلن، في مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية أن ما يمكن أن يحدث “مروِّع” في حال استمرت الحرب لوقت أطول.
وقال إن الوضع “أكثر من كارثي” حيث يقضى الناس الذين أصابهم الهزال وعضهم الجوع أيامهم في البحث عن الطعام في حين أن ما يتوفر من الدوار محدود جدا.
وأضاف المسؤول البريطاني المولد، الذي أمضى أسبوعًا في قطاع غزة الشهر الماضي، إنه حتى عندما دخلت مساعدات عبر الحدود، كانت هناك مشاكل كبيرة في توصيلها إلى من هم في أمس الحاجة إليها، وخاصة النساء والفتيات”.
وشدد بقوله ما رأيته في أنحاء قطاع غزة يتجاوز الكارثة، لقد زرت غزة عدة مرات قبل هذه الحرب، وما رأيته (هذه المرة) كان مفجعًا حقًا، غزة عبارة عن كتلة من الركام.
وأوضح “كلُّ من مررنا بهم والعديد ممن تحدثنا إليهم كانوا هزيلين وجوعى ويبدو عليهم الوهن، كان الجميع يبحثون عن الطعام”.
وعبر عن قلقه حقًا بشأن النساء الحوامل والمرضعات، إذ يقول الأطباء والقابلات في مستشفى الصحابة للولادة (المستشفى الوحيد الذي يعمل في الشمال) إن النساء يلدن أطفالاً أصغر حجمًا بسبب سوء التغذية والجفاف والخوف.
وقال “إنهم يخبروننا أنهم لا يرون أطفالاً بالحجم الطبيعي يولدون في غزة، بالإضافة إلى زيادة عدد المواليد الموتى ووفيات الأطفال حديثي الولادة”.
وأضاف “غرف الولادة مكتظة، وروت إحدى القابلات كيف أن النساء يلدن على الأرض لأن المستشفى يعمل بأقصى طاقته … إنهم مضطرون إلى استخدام الخيوط لربط السُرة”.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى