أخبار الرافدين
تقارير الرافدين

باحث في علم الدلالة يقرأ حظ النفس في القرآن الكريم

الدكتور عماد عبد يحيى المختص في علم الدلالة: عدم وجود تصور لحقيقة العبادة يجعل من النفس طاغية ومتحكمة في سلوك الإنسان، وأن العبادة ينبغي أن تكون قائمة على التقوى وليس مجرد مظاهر تعبدية مفرغة من محتواها.

عمان- الرافدين
قال الباحث العراقي الدكتور عماد عبد يحيى المختص في علم الدلالة إن دارسة القرآن الكريم في شهر رمضان ضرورة إيمانية ولازمة من لوازم هذا الشهر الفضيل.
وأضاف في المحاضرة الأخيرة من الموسم الرمضاني العلمي لهيئة علماء المسلمين في العراق عبر منصة “غياث” العلمية والدعوية، أن القرآن العزيز ميسر لكل من يتدارسه. ويستقي منه من أجل فهمه وتدبره، وأن الوقوف عند آياته وتدبّرها والعمل بمقتضاها ودلالتها ومقاصدها هو امتثال لقول الله تعالى: {وَلَقَد يَسَرنَا القُرآنَ للذِّكرِ فَهَل مِن مُدَّكِرٍ}.
وابتدأ الدكتور عماد عبد يحيى محاضرته المعنونة “حظ النفس في ضوء القرآن الكريم” متسلسلًا في الآيات القرآنية الكريمة التي تحدثت عن النفس، وعن الإنسان الذي خلقه الله سبحانه وتعالى، مسلطًا الضوء على أوصاف الإنسان والنفس وما تكشفه الآيات الكريمة من المداخل التي يجد الشيطان فيها سبيلاً للدخول إلى النفس البشرية فيحرفها عن فطرتها، ويحرّضها على سلوك المعاصي واقتراف الخطايا.
وضرب المحاضر عددًا من الأمثلة التي وردت في القرآن الكريم وهي تعالج قضية النفس وحظوظها معلقًا على ما تتضمنه من إرشادات وتوجيهات وتصويبات، ولا سيّما عند ورود الأوامر والنواهي بوصفهما قضيتين مهمتين تعملان في النفس البشرية. فإذا قصر الإنسان في الامتثال للأوامر أو خاض في ارتكاب النواهي؛ فإنه سيقع في مشكلات كثيرة، يجد فيها طغيانًا للنفس حينما تميل إلى حب التملك والسيطرة، والهيمنة، والتجبر وغير ذلك مما ترغب النفس في الحصول عليه وهو مناقض لمراد الله تبارك وتعالى.
ومن جملة الأمثلة التي كانت حاضرة في الدرس؛ قصة ابني آدم “عليه السلام” الذين قتل أحدهما الآخر بعدما تقبل الله من الثاني قربانه ولم يتقبل من الأول، في واحدة من أكثر المسائل خطورة في تأريخ النفس البشرية حيث يقدم الأخ على قتل أخيه بسبب حظ النفس على الرغم من أن القضية حاصلة في دائرة العبادة. وأشار المحاضر في هذا السياق إلى أن عدم وجود تصور لحقيقة العبادة يجعل من النفس طاغية ومتحكمة في سلوك الإنسان، لافتًا إلى أن العبادة ينبغي أن تكون قائمة على التقوى وليس مجرد مظاهر تعبدية مفرغة من محتواها.
وبيّن الدكتور عبد يحيى أن في القرآن الكريم معالجات لمشكلات النفس وأمراضها، إذ يقول الله تعالى: {وَنَفسٍ ومَا سَوّاهَا * فَألهَمَهَا فُجُورَهَا وَتقوَاهَا * قَد أفلَحَ مَن زَكَّاهَا * وَقَد خَابَ مَن دَسَّاهَا}، موضحًا أن لهذه النفس اتجاهين: الأول: أن تسير في طريق التقوى والصلاح والتزكية من كل ما يحط من شأنها، والثاني: هو الطريق الذي يدُسُّها، أي: من الدسّ: وهو إدخال الشيء بالشيء، بمعنى أنه يكرهها، و ينقصها بأفعالها، وذلك بالفجور والكفر، منبهًا أن الإنسان بإمكانه أن يسير مع هذا الاتجاه أو هذا الاتجاه، إذ إن نفسه تساعد على ذلك.
وأكد المحاضر أن طبيعة النفس التي تكون بين جنبي الناس متعددة ومتنوعة، ما بين اتجاه سلبي وآخر إيجابي، منها: النفس الأمارة بالسوء، التي تأمر صابها بعمل الفعل السيئ والتصرف المشين، ومنها: النفس اللوامة التي تلوم الإنسان حين يقع في الذنب، لأن فطرتها تقتضي طاعة الله عز وجل، فتأبى أن تقع في معصية، ومنها: النفس المطمئنة التي تسير في طريق الفطرة وتكون نفسًا راضية، مضيفًا أن القرآن الكريم بين أن الأعمال التي يقوم بها الإنسان، إنما مردها إلى النفس، ومن ذلك قوله تعالى: {وَوُفّيَت كُلُّ نَفسٍ مَا عَمِلَت} {اليَومَ تُجزَى كُلُّ نَفسٍ بِمَا كَسَبَت}، وغير ذلك من الآيات.
وامتدت المحاضرة في موضوعات أخرى تتعلق بالنفس البشرية ولا سيما ما له صلة بحظوظها ورغباتها، وقد بيّن الدكتور عماد عبد يحيى أن حظ النفس قد يكون في بعض الأحيان محمودًا ممدوحًا حين يأتي في طاعة الله تعالى، أو لفعل أمر يقتضي مصلحة عامة، ومن ذلك أن يكون للإنسان كفاءة في تخصص ما فيطلب العمل فيه بشرط أن يصدق بالنية لله تعالى أولاً ومن ثم لا يكون في هذا الأمر ما يناقض الدين والشريعة وأحكامهما، لافتًا إلى أن حظوظ النفس الأخرى في غالبها مذمومة لأنها تكون في سياق الشهوة والكبر وحب الظهور والاستعلاء على الناس وما يترتب على ذلك من أمراض تفكك المجتمع، وتفرّق الناس، وتزهق القيم، من: غيبة أو نميمة أو كذب، أو سعي للإفساد، وغير ذلك؛ وقد استدل المحاضر على هذا كلّه بنماذج وثقها القرآن الكريم في آيات عديدة.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى