أخبار الرافدين
21عاما على احتلال العراق: فشل وفساد سياسيتشكيل الحكومة العراقية أزمات متعاقبةتقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

21 عامًا على احتلال العراق في كذبة العصر الكبرى

الولايات المتحدة في احتلالها غير الشرعي للعراق حصلت على أكثر مما ساومت عليه، وأطلقت العنان لتدمير العراق سياسيًا واقتصاديًا ومنح إيران فرصة تاريخية للاستحواذ على العراق.

بغداد- الرافدين
تجمع مراكز الأبحاث الجيوسياسية في العالم وبعد 21 عامًا على احتلال العراق من قبل القوات الأمريكية على أنه مهما اختلفت الأسباب لهذا الغزو غير المشروع، تبقى النتيجة واحدة وكارثية، وهي تدمير البنية التحتية العراقية ونهب النفط العراقي وإغراق البلد في الفوضى والصراع الطائفي والفساد السياسي، وجعله مرتعا لتصفية الحسابات بين اللاعبين الدوليين، وذلك بسبب ادعاءات أثبتت الأيام والأدلة أنها لم تكن سوى أكاذيب محضة.
وبعد 21 سنة من دخول القوات الأمريكية لبغداد في التاسع من نيسان عام 2003، من الواضح أن الإدارة الأمريكية اتخذت قرارها بغزو العراق ثم بدأت تبحث عن ذرائع لاحتلال راح ضحيته أكثر من مليون عراقي، رغم معارضة كل العالم تقريبًا له، بما فيهم أقرب حلفاء الولايات المتحدة، حيث تظاهر مئات الآلاف في مختلف العواصم الأوروبية.
وقال سكوت بون الأكاديمي والكاتب الأمريكي إن إدارة الرئيس جورج بوش حينها نشرت ما يسمى “الذعر الأخلاقي” الذي بلغ أوجه عندما قالت مستشارة الأمن القومي الأمريكي كوندوليزا رايس في مقابلة تلفزيونية “إذا لم ندخل العراق ونطيح بنظام صدام حسين فقد نرى سحابة انفجار نووي في إحدى المدن الأمريكية”.
وقال باحثان إن الولايات المتحدة في احتلالها غير الشرعي للعراق حصلت على أكثر مما ساومت عليه، وأطلقت العنان لتدمير العراق سياسيًا واقتصاديًا ومنح إيران فرصة تاريخية للاستحواذ على العراق.
وشدد الباحثان في دراسة مطولة نشرت في موقع “ذي واير” بعنوان “من ربح حرب العراق؟” على أن احتلال العراق أنهى “القرن الأمريكي”. فبغزوها واحتلالها غير الشرعيين للعراق، حصلت الولايات المتحدة على أكثر مما ساومت عليه، وأطلقت سراح غريزة التدمير وتسيد الفساد وقتل مفهوم الوطنية.
وعرض الباحثان الدكتور بامو نوري المحاضر في العلاقات الدولية بجامعة غرب لندن، ومؤلف كتاب “نظرية النخبة واحتلال الولايات المتحدة للعراق”. وإنديرجيت بارمار أستاذ السياسة الدولية بجامعة سيتي في لندن، على أن تجربة عقدين من احتلال العراق أظهرت خسارة الولايات المتحدة و “ربح” إيران والصين وروسيا، بينما الخاسر الأكبر هو العراق وشعبه.
وأثارت الذكرى الحادية والعشرين للعدوان الذي قادته الولايات المتحدة على العراق جدلًا كبيرًا حول ما تم تحقيقه وما تم تبديده، ولماذا تدخلت الولايات المتحدة في المقام الأول.
وأجمع باحثون على أن ذكرى احتلال العراق جريمة ضد السلام، بعد الهزيمة المريعة للقوات الأمريكية في أفغانستان وموقف الغرب من الغزو الروسي غير القانوني لأوكرانيا.
ومما يزيد من تأجيج الجدل حول احتلال العراق أنه بعد أكثر من عقدين من الزمن، أصبح العالم يتسم بتعددية الأقطاب “الفوضوية”، وعدم المساواة الصارخة والاستقطاب السياسي، وأزمات اللاجئين، وديناميكيات القوة العالمية المتغيرة مع صعود الصين، ونمو مجموعة البريكس من القوى والتشكيلات الإقليمية الجديدة، حيث لم تعد الولايات المتحدة وشركاؤها الغربيون اللاعب الوحيد في العالم.
ويستعيد عراقيون ذكرى وصول الدبابات الأمريكية إلى بغداد في التاسع من نيسان عام 2003.


سكوت بون: إدارة الرئيس جورج بوش نشرت ما يسمى “الذعر الأخلاقي” الذي بلغ أوجه عندما قالت مستشارة الأمن القومي الأمريكي كوندوليزا رايس في مقابلة تلفزيونية “إذا لم ندخل العراق ونطيح بنظام صدام حسين فقد نرى سحابة انفجار نووي في إحدى المدن الأمريكية”

ويستذكر الكاتب أحمد صبري مراسل إذاعة مونتي كارلو آنذاك يوم الاحتلال بقوله “لم يدر بخلد القائمين على المركز الصحفي للمراسلين الأجانب أن إصرار وسائل الإعلام الأمريكية والغربية وبعض وسائل الإعلام العربية على نقل أماكن عملهم من المركز الصحفي الكائن في منطقة الصالحية إلى فندقي عشتار شيراتون وفلسطين ميرديان الواقعين قبالة ساحة الفردوس، لم يكن بدافع الخوف من تعرض هذا المكان إلى القصف، وإنما كانت أهداف هذا الإصرار الذي تكشف بعد أن قامت وسائل الإعلام بنصب الكاميرات فوق أسطح الفندقين وباتجاه ساحة الفردوس وكأن حدثًا تاريخيًا سيقع عند هذه الساحة”.
وشهدت ساحة الفردوس منذ صباح التاسع من نيسان تجمع بعض السكان حتى صاروا بالعشرات مع اختفاء أي أثر لمظاهر السلطات العراقية في الشارع أو حوالي الفندقين.
ويمثل هذا اليوم علامة فارقة في تاريخ العراق المعاصر عندما تم تغيير اتجاه بوصلة البلاد إلى الفشل والفساد السياسي.
وكانت الأمانة العامة لهيئة علماء المسلمين في العراق قد قالت إنّ تسلط الطارئين من عصابات السوء السياسية وتحكمها بالعراق وثرواته ونشر الإفساد والقتل والتجهيل؛ هو أمر مقصود وهدف منشود أراد الاحتلال منه أن يتخفى تحت مظلة مصطلحات (التحرير) و(الديمقراطية) و(التنمية) الزائفة؛ من أجل التمكين لمشروعه السياسي، وتقنين التهميش والإقصاء دستوريًا وقانونيًا وسياسيًا وأمنيًا واقتصاديًا، وتعميم الطائفية السياسية وجعلها واقعًا مفروضًا على الشعب العراقي كلّه، مما أدى إلى إلحاق ضرر فادح بنسيجه المجتمعي.
جاء ذلك في البيان الذي أصدرته هيئة علماء المسلمين في ذكرى مرور إحدى وعشرين سنة على الغزو الأمريكي البريطاني للعراق واحتلاله.
وذكر البيان “تمر علينا اليوم الذكرى الحادية والعشرون لبدء العدوان الآثم على العراق، حين شنّت الولايات المتحدة وبريطانيا مع عدد كبير من الدول التي تحالفت معهما في التاسع عشر من آذار عام 2003 حربًا ظالمة، اتكأت فيها على ذرائع واهية؛ فأفضت إلى احتلال البلد، واستباحة المجتمع بلا هوادة، بعد ثلاث عشرة سنة من حصار دولي خانق أنهك الشعب، وأودى باقتصاده، وسحق بناه التحتية، ووضع حاضره ومستقبله على شفا جرف هارٍ، وقتل ما يزيد على المليون من أطفاله، ليتم الإجهاز بعد ذلك على ما تبقى منه بالاحتلال وفرض واقع شاذ ما زال مستمرًا منذ ما يزيد على عقدين في مناحي حياة العراقيين كافة”.
ولم يتوقف العدوان عند هذا الحد؛ بل تمادى الاحتلال باتجاهيه السياسي والعسكري في تمزيق العراق دولة ومجتمعًا، بفرضه نظامًا سياسيًا يقوم على المحاصصة الطائفية والعرقية، ويتخذ من سياسة الإقصاء والتهميش وسيلة لزجّ العراق في منظومة حكم، منحت أدوات التحكم فيها لأحزاب وتكوينات سياسية هي إلى وصف العصابات أقرب؛ حيث تهافتت هذه العصابات الإرهابية للاستيلاء على مقدرات البلد، وسرقة خيراته بنهم، وتجريده من مقوّمات التطور والنهوض، وقطعت عليه طريق العودة إلى حضن أمّتيه الإسلامية والعربية، وأبقته ساحة مفتوحة تتبارى فيها المشاريع الدولية والإقليمية ما بين صراع وتخادم، حتى صارت أدوات هذا النظام على مدى إحدى وعشرين سنة خلت أشبه بأسراب الجراد حين تجتاح أرضًا فتعيث فيها فسادًا وإهلاكًا.
وأوضح بيان الهيئة “جرى ذلك كلّه بموازاة قيام سلطة الاحتلال بتجريد العراق من منظومته العسكرية حينما حلّت الجيش العراقي بعد الحرب مباشرة، واستبدلته بميليشيات وتشكيلات منعدمة العقيدة العسكرية، وغارقة في الفكر الطائفي والنمط الدموي اللذين وظفتهما في جرائم التصفية والتهجير التي مهّدت لتمكين مشاريع التغيير الديموغرافي في أنحاء البلد وأسست لحالة الاحتلال المزدوج الأمريكي-الإيراني”.
وجددت هيئة علماء المسلمين وهي تستذكر هذه الأحداث الأليمة وما خلّفته من تداعيات مستمرة تتفاقم وتتعقد كلما طال أمدها؛ تأكيدها على ما تقوله دائمًا لشعبنا العراقي الصابر المحتسب: بأن ما حلّ بالعراق من مصائب ومحن من جراء الحرب والاحتلال لن تنتهي إلا بزوال الاحتلال: بوجوده العسكري، ونظامه السياسي، ومخرجاته وآثاره، ومن معه من الطارئين من أحزاب وميليشيات وشخصيات استخدمها -وما زال يستخدمها- لتكون أداة له ووسيلة في الإيغال بتدمير العراق وإلحاق الأذى بشعبه، مقابل مكاسب ومناصب تبقي تسلطها على العراقيين قائمًا.
ولأجل ذلك؛ تتوجه هيئة علماء المسلمين في العراق إلى الشعب العراقي بمكوناته كلّها؛ لتجدد عهدها باستمرارها في الدفاع عن العراق وأهله بكل ما أوتيت من قوة ووسائل، وبسعيها الدؤوب للتمكين لمشروع وطني حقيقي منزّهٍ عن الإملاءات الخارجية والإرادات الاحتلالية، يضمن الحقوق للجميع، ويمهد لنظام سياسي وطني يعتمد آليات التداول السلمي للسلطة، ويتخذ من التعددية السياسية أساسًا لبناء الدولة، ويعمل على إنجاز استقلال العراق وسيادته، وإرجاعه لمكانته الدولية، وإقامة علاقاته مع دول الجوار على أساس مبادئ حسن الجوار والمصالح المشتركة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، ويتكفل بحفظ ثروات العراق ومقدراته وحمايتها من العدوان الخارجي، ويحقق للبلاد التنمية والتطور، ويعمل على إزالة آثار الاحتلال، ومحاسبة المتورطين فيما وصل إليه حال العراق اليوم، وإعادة الحقوق إلى أهلها.


احتلال غير شرعي لتدمير بلد ونهب ثروته
اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى