الصراع على المناصب في المحافظات يضرم شرارة الخلاف داخل أحزاب الإطار
عمليات الفساد تدير مطار النجف للاستحواذ على إيراداته، فيما لا يزال الغموض يكتنف جميع التفاصيل الخاصة بإدارة المطار وتنظيم أعماله.
النجف – الرافدين
كشفت أزمة إقالة مدير مطار النجف الدولي علي أحمد الساعدي ورفضه تسليم المطار للمدير الجديد حسين عباس مهنّا عن عمق الصراع داخل مجالس المحافظات على المناصب بين أحزاب سياسية قدمت نفسها في ائتلاف واحد بانتخابات مجالس المحافظات.
وكان مجلس محافظة النجف قد صوت في جلسة خاصة الثلاثاء على إعفاء مدير مطار النجف الدولي الحالي علي أحمد الساعدي وتعيين حسين عباس مهنّا أحد موظفي المطار بديلًا عنه، الأمر الذي قوبل بالرفض من قبل المدير الحالي واستدعاء قوة أمنية من بغداد لمنع تسليم المطار.
وتخوض قوى الإطار التنسيقي وفي مقدمتها حزب الدعوة بزعامة نوري المالكي وميليشيا العصائب بزعامة قيس الخزعلي حرب نفوذ مع التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر على المطار، وأن عائدات المطار المالية تذهب لهذه الجهات إضافة للعتبة الحسينية في النجف التي تمتلك حصة هي الأخرى من الواردات، حيث يدار المطار من قبل ممثلين عن هذه الجهات.
وتداول ناشطون على منصات التواصل الاجتماعي مقاطع مصورة لميليشيات متوجهة من العاصمة بغداد إلى محافظة النجف لمنع تسليم إدارة المطار، فيما لم تستطع الشرطة المحلية في المحافظة فض النزاع الذي ارتفعت حدته إلى الاشتباك بالأيدي بين المدير الجديد وبعض الموظفين داخل المطار.
وشهد مطار النجف اشتباكات وتبادل للشتائم أمام أنظار المسافرين بين موظفين وتابعين للمدير السابق علي أحمد الساعدي أحد قيادات التيار الصدري، والمدير الجديد حسين المهنّا، العضو في حزب الدعوة.
وأمهل مجلس محافظة النجف مدير المطار الحالي 24 ساعة لتسليم المطار، مهددًا بعقد جلس طارئة والتصويت لمحاسبة قائد الشرطة والضغط عليه لتنفيذ القانون أو إقالته لعدم التزامه بتنفيذ الأوامر وإخراج الساعدي.
وتكشف فوضى الصراع الدائر على المناصب للسيطرة على أهم المفاصل الحيوية في البلاد، فشل حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني في إدارة الدولة وخضوعها كليًا لسيطرة أحزاب السلطة وميليشياتها.
وتهكم عراقيون من عدم فرض القوات الحكومية سيطرتها على النزاع الدائر في المطار، وسطوة الميليشيات والجهات المتنفذة التي تقف بوجه أوامر وقرارات مجالس المحافظات والتي باركتها أحزاب العملية السياسية.
ويرى مراقبون، أن اختيار أعضاء مجالس المحافظات لن ينهي الصراع المستمر على المناصب بين الأحزاب والميليشيات المتنافسة، والصراع على منصب مطار النجف ليس الوحيد، فهناك صراع مستمر لم ينته في ديالى بينما تحولت المناصب في البصرة إلى معركة حقيقية بين المتنافسين.
وشددوا على، أن الخلافات بين المناصب لا تقتصر على الأحزاب فيما بينها، بل أن هذا الصراع موجود حتى في داخل قوى تزعم أنها مؤتلفة، حيث يستمر الصراع بين القوى والميليشيات المنضوية داخل الإطار التنسيقي.
ومنذ افتتاح المطار عام 2008 تتصارع الأحزاب السياسية والجهات المتنفذة عليه باعتباره مصدرًا ماليًا ومنفذًا مهمًا للتهريب، ويبرز هذا الصراع بشكل واضح في الخلافات المتكررة على واردات المطار حيث تتبادل الجهات المسيطرة عليه الاتهامات فيما بينها.
وسبق أن أقرت مصادر حكومية، أن مطار النجف تحول إلى مرتع لتمويل الميليشيات التي تتقاسم واردات المطار، كما أكد رئيس سلطة الطيران المدني المُقال، عماد الأسدي في وقت سابق جهله بعائدية مطار النجف الدولي ومصير إيرادات المطار، وأنه لا يتبع لأي مرجعية إدارية.
وسخر ناشطون من تلك التصريحات معتبرين أن الجهات التي تدير مطار النجف ليست مجهولة كما صرح رئيس سلطة الطيران، بل معلومة وهي الأحزاب والميليشيات المرتبطة بإيران وهي من تتحكم بمطار النجف، لكن خوف رئيس السلطة المُقال منعه من التصريح بأسماء هذه الجهات.
ويؤكد خبراء ومحللون ونواب عن مجلس المحافظة في النجف وجود عمليات فساد كبيرة في مطار النجف، فيما لا يزال الغموض يكتنف جميع التفاصيل الخاصة بإدارة المطار وتنظيم أعماله وإيراداته.
وقال عضو مجلس محافظة النجف حسن أبو السبح الزهيري: إن هناك تضاربًا حول عائدية المطار، ولا نعلم حجم الواردات، والإنفاق، كما لا توجد أي شفافية في التفاصيل المتعلقة بإدارة المطار.
وقال المحلل السياسي كريم الحلو “لغاية هذه اللحظة لا نعلم أين ذهبت أموال المطار، هل تم صرفها على إعمار المحافظة، أم بناء المدارس، أو بناء الجسور، لا أحد يعلم”.
وأوضح أن “الحكومة، والرقابة، وهيئة النزاهة، تعلم يقينًا أين ذهبت وتذهب تلك الأموال، إلا أن التحاصص أقوى من القانون العراقي كله”، في إشارة إلى سطوة أحزاب السلطة وميليشياتها المتغولة في جميع مفاصل الدولة.
وبحسب مصادر من داخل مجلس المحافظة فإن أكثر من 100 مليار دينار صرفت على مطار النجف لم يعد منها شيء إلى خزينة الدولة، فيما تتهالك منشآت المطار الذي تبلغ إيراداته السنوية نحو 70 مليار دينار، الأمر الذي تسبب بإلغاء شركات الطيران الرصينة خطوطها المتجهة إلى النجف كوجهة للطيران.
وعلى الرغم من أن مطار النجف يدر مبالغ طائلة، إلا أن سكان المحافظة يؤكدون أن المطار لم يساهم بتوظيف الشباب العاطلين عن العمل من أبناء المحافظة، وأن وظائف المطار اقتصرت على المنتمين للتيارات والأحزاب الطائفية فقط.