أخبار الرافدين
تقارير الرافدين

هل تعبث إيران باتفاق الهدنة الهش في اليمن؟

التجارب السابقة في اليمن تقول إن الهدنة تصمد ارتباطًا بمدى الحاجة لها، لكنها لا تشكّل أرضية لتدشين مسار سلام فعلي بوجود الدور الإيراني.

إسطنبول – الرافدين

دخلت هدنة لمدة شهرين قابلة للتمديد في اليمن حيز التنفيذ مساء السبت، في بارقة أمل نادرة في صراع أدارته إيران عبر ميليشيا الحوثي ذراعها الطائفية في اليمن، بعد حرب منهكة استمرت أكثر من سبع سنوات.

ويرى محللون أن الهدنة التي أبرمت برعاية الأمم المتحدة بين الحكومة اليمنية وميليشيا الحوثي، تمثل فرصة “نادرة” للتهدئة، ولكن فرص نجاحها تبقى مرهونة بعوامل كثيرة، يتوقف بعضها على مصالح ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران، والسعودية التي تقود تحالفًا عسكريًا دعمًا لحكومة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي.

وتدفع طهران لاستثمار الحرب اليمنية في علاقتها مع السعودية، فضلًا عن استثمارها في مفاوضاتها مع الغرب بغية العودة إلى توقيع الاتفاق النووي.

ويدور النزاع الدامي منذ منتصف 2014، وقتل وأصيب فيه مئات الآلاف وتسبّب بأسوأ أزمة إنسانية في العالم.

وباءت محاولات سابقة للتوصل إلى هدنة في اليمن بالفشل. ولكن يرى محللون أن الظروف تختلف هذه المرة داخل اليمن وخارجه.

ويقول الباحث أحمد ناجي من مركز “مالكوم كير – كارنيغي” ومقره بيروت، إن الحوثيين “يشعرون بأنهم لن يستطيعوا التقدم داخليًا بسهولة بعد معارك شبوة ومأرب وخسائرهم المادية”.

وأعلنت القوات الموالية للحكومة بداية العام الحالي سيطرتها على محافظة شبوة الغنية بالنفط وطرد ميليشيا الحوثي منها.

وتحاول ميليشيا الحوثي منذ أكثر من عام التقدم نحو مدينة مأرب، مركز المحافظة التي تحمل الاسم ذاته، لاستكمال السيطرة على كامل الشمال اليمني، لكن لم تتمكن من ذلك، ولو إنها أحرزت بعض التقدم في محيطها.

وبحسب ناجي الذي تحدث إلى وكالة الصحافة الفرنسية، تمّ أيضا في الاتفاق “استيعاب شروط الحوثيين للتهدئة المتعلقة بمطار صنعاء وميناء الحديدة”.

وتتضمن بنود اتفاق الهدنة تيسير دخول 18 سفينة تحمل الوقود إلى موانئ الحديدة الواقعة تحت سيطرة ميليشيا الحوثي، والسماح برحلتين جويتين من وإلى مطار صنعاء كل أسبوع. وتسيطر الميليشيا على العاصمة صنعاء منذ العام 2014، بينما يسيطر التحالف العسكري على الأجواء اليمنية.

وبالنسبة إلى السعودية، يقول ناجي إن التحالف بات يرى “أنه من غير الممكن مواصلة الحرب بالطريقة نفسها، لأن ذلك يعني تمدّد الحرب وتوسّع نطاقها بما يؤثر على السعودية والإمارات” اللتين كثّف الحوثيون الهجمات ضد أراضيهما في الفترة الأخيرة.

ويقول كبير المحللين اليمنيين في شركة الأبحاث “نافانتي غروب” الأمريكية محمّد الباشا أن أزمة الطاقة العالمية الناجمة عن حرب أوكرانيا “عزّزت من قيمة إمدادات الطاقة السعودية التي تهددها هجمات الحوثيين بالصواريخ والطائرات المسيرة”.

وتحدثت الرياض هذا الشهر مرارًا عن احتمال حدوث نقص في كميات النفط بسبب الاعتداءات الحوثية في اتجاه أراضيها والتي تسببت أحيانًا بأضرار في منشآت نفطية. وجاء هذا في خضم تقلب أسعار النفط العالمية على خلفية الغزو الروسي لأوكرانيا.

كما يرى كبير المحللين اليمنيين في شركة الأبحاث “نافانتي غروب” الأمريكية محمّد الباشا أن “أزمة الغذاء والطاقة العالمية التي أصبحت أسوأ بفعل الغزو الروسي لأوكرانيا خلقت ضرورة ملحة لإنهاء الحرب في اليمن”.

يأتي إعلان الهدنة بعد جهود قام بها المبعوث الأممي إلى اليمن هانز غروندبرغ منذ أشهر. وتستمر الهدنة لمدة شهرين وهي قابلة للتمديد شرط موافقة الطرفين عليها.

المبعوث الأممي إلى اليمن يرهن نجاح الهدنة بالتزام الأطراف المتحاربة

وأكد المبعوث الأممي أن “نجاح هذه المبادرة يعتمد على التزام الأطراف المتحاربة المستمر بتنفيذ اتفاق الهدنة”.

ويتفق المحللون على أن هذه الهدنة تبقى هشة.

ويرى الباشا أن الهدنة “تختبر الثقة الهشة بين كافة الأطراف المتحاربة”.

ويقول الباحث في مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية ماجد المذحجي لوكالة الصحافة الفرنسية: “إعلان الهدنة فرصة نادرة للتهدئة بالمعنى الإنساني وتخفيف آثار الحرب على المواطنين”.

وبحسب المذحجي، “أظن أنها ستصمد هذا الشهر في شهر رمضان خصوصًا لأن الحوثيين بحاجة لها، لكن إمكانية تجديدها مرهونة بوجود تفاهمات سياسية لا تبدو متاحة في الأفق”.

وتزامن الإعلان عن الهدنة مع نقاشات حول النزاع المدمر في اليمن تستضيفها السعودية. ورغم رفضهم المشاركة في المحادثات الجارية على أرض السعودية، قدّمت ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران الأسبوع الماضي عرضًا مفاجئًا لهدنة مؤقتة وتبادل أسرى.

وتسبّبت الحرب في اليمن بمصرع أكثر من 377 ألف شخص بشكل مباشر أو غير مباشر، وفق الأمم المتحدة، أي أنهم قضوا إما في القصف والقتال وإما نتيجة التداعيات غير المباشرة للحرب مثل الجوع والمرض ونقص مياه الشرب.

وشدّد المبعوث الأممي على أهمية “البناء على هذا الاتفاق لاستعادة بعض الثقة بين الأطراف المتحاربة ولاستئناف عملية سياسية تهدف إلى إنهاء النزاع”.

ويرى ناجي أنه على الرغم من أن إعلان الهدنة ينصّ على “خطوات ليست بالكبيرة وبنطاق زمني مدته شهرين، إلا أن أهميتها تكمن في ما تقدمّه من مسار لناحية إمكانية الحل. فلو تمّت الاستفادة من هذه الهدنة لتمديد سقفها الزمني وتوسيع نقاط الاتفاق، قد يؤسس ذلك لحالة من التسوية السياسية لاحقًا”.

ولكن بحسب المذحجي، “التجارب السابقة في اليمن تقول إن الهدنة تصمد ارتباطًا بمدى الحاجة لها، لكنها لا تشكّل أرضية لتدشين مسار سلام فعلي”.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى