أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

حزب الله اللبناني يدير خلية طائفية في العراق بواجهات اقتصادية

القيادي في حزب الله اللبناني محمد كوثراني شخصية محورية تحرك عجلات السياسة في العراق بعد مقتل قاسم سليماني.

بغداد- الرافدين

أجمعت مصادر سياسية واقتصادية عراقية على أن تدفق أعداد هائلة من اللبنانيين على العراق، تحت وطأة الحاجة الاقتصادية والبحث عن فرصة عمل، يخفي خلفه مشروعًا سياسيًا يديره حزب الله اللبناني في العراق.

وشددت المصادر في حديث لقناة “الرافدين” على أن العراقيين خريجو الجامعات، يتظاهرون بالآلاف يوميًا أمام الوزارات الحكومية بحثًا عن فرصة عمل، فكيف تسنى للشركات والمؤسسات الحكومية العراقية استيعاب عشرات الآلاف من العمالة اللبنانية.

حملة الشهادات العليا في العراق يطالبون بتوفير فرص عمل دون جدوى

وبين حزيران 2021 وشباط 2022، دخل أكثر من عشرين ألف لبناني إلى العراق، وفق السلطات في حكومة بغداد، بدون احتساب الزوار الذين يأتون إلى النجف وكربلاء.

وتساءل سياسي عراقي في تصريح لـ “الرافدين” طالبًا عدم ذكر اسمه، إذا كان الاقتصاد العراقي قادرًا على استيعاب عشرين ألف لبناني خلال بضعة أشهر، ألا يجدر أن يختار تشغيل الكفاءات العراقية العاطلة عن العمل.

وعبر السياسي عن شكوكه بأن وراء دخول هذا العدد الكبير من اللبنانيين إلى العراق، الحاجة إلى العمل وحده.

وقال إن ثمة من يدير مشروعًا سياسيًا طائفيًا في العراق بتخطيط إيراني وبتنفيذ حزب الله اللبناني وبإدارة كبار قادة الميليشيات في الحشد.

وذكّر السياسي العراقي بخلية حزب الله التي اكتشفت في الكويت ومازالت التحقيقيات فيها مستمرة. مؤكدًا أن هذا المثال ليس بعيدًا عنا وكان الجانب الاقتصادي أيضا غطاء له، كما يحدث في العراق اليوم.

وأدانت السلطات الأمنية الكويتية المتهمين في قضية الخلية بتبييض أموال لحزب الله، وتمويل الشباب الكويتي لتشجيعهم على الانضواء تحت عباءة الحزب، والمشاركة في أعماله الإرهابية، وتهريب المخدرات في كل من سوريا واليمن.

ميليشيا حزب الله تتخذ العمالة الأجنبية بوابة لزعزعة الاستقرار في الكويت والمنطقة

ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن السفير اللبناني في العراق “علي حبحاب” قوله إن حركة اللبنانيين إلى العراق “مؤخرًا تضاعفت، وزادت بشكل مطّرد”.

ويرى الخبير الاقتصادي العراقي علي الراوي أن هناك “مساحة كبيرة وفرصًا أكبر للشركات اللبنانية في الاقتصاد العراقي”، لأن “أغلب الشركات الأجنبية تتخوف من الاستثمار” في البلاد بسبب “الصورة المأخوذة عن الوضع الأمني”.

لكن تصريح السفير اللبناني والخبير الاقتصادي العراقي يتناقضان مع حقيقة الوضع في العراق. الذي يعيش أزمات عميقة في بلد يعتمد بإيراداته بنسبة 90% على النفط.

ويعاني العراقيون أنفسهم أيضًا من الفقر والبطالة وتدهور البنى التحتية، إذ تبلغ نسبة البطالة بين الشباب فيه 40%، وثلث سكانه البالغ عددهم أكثر من 40 مليون نسمة، يعانون من الفقر، بينما يسعى عدد كبير منهم، على غرار اللبنانيين، إلى الهجرة.

فضلًا عن ذلك، يواجه القطاع الصحي خصوصًا في العراق مشاكل عديدة تدفع الكثير من العراقيين إلى التوجه نحو الدول المجاورة مثل إيران وتركيا ولبنان، لتلقي العلاج.

وذكر تقرير وكالة الصحافة الفرنسية إلى مفارقة تشابه الوضع السياسي والتركيبات الطائفية وانتشار الفساد في البلدين.

سطوة الميليشيات الموالية لإيران تغرق العراق ولبنان بالأزمات

وتوجد في العراق حاليًا أكثر من 410 شركات لبنانية تعمل في مجالات مختلفة مثل قطاعات التعليم والبناء والسياحة كالمطاعم والفنادق. أما في شمال العراق فتوجد أكثر من 500 شركة، وفق السفير اللبناني، لا سيما في أربيل والسليمانية.

وتمثل هذه الشركات فرصة مواتية لحزب الله لاستثمارها داخل العراق، خصوصًا بعد ضعف موارده جراء الأزمة الاقتصادية المتفشية في لبنان، وتراجع الدعم المالي الإيراني بسبب استمرار العقوبات الأمريكية.

وتردد اسم القيادي في حزب الله اللبناني محمد كوثراني باعتباره الشخصية المحورية التي تحرك عجلات السياسة في العراق بعد مقتل قاسم سليماني قائد فيلق القدس في الحرس الإيراني.

وتردد اسم كوثراني كثيرًا في الساحة العراقية منذ سنوات، لكن سليماني كان من يسرق الأضواء غالبا. وتصدّر كوثراني الاهتمام بعد أن أعلنت الإدارة الأمريكية عن رصد مكافأة تصل إلى عشرة ملايين دولار مقابل “أيّ معلومات عن نشاطات وشبكات وشركاء القيادي في حزب الله اللبناني”.

وجاء في الإعلان الأمريكي أن كوثراني يلعب دورًا في التنسيق السياسي للمجموعات العسكريّة الموالية لإيران. وسرت أخبار في وسائل إعلامية محلية عدة عن تواجد كوثراني في بغداد، مشيرة إلى أنه يقوم بمفاوضات حول الحكومة الجديدة في المنطقة الخضراء؛ كما تحدثت عن الدور الكبير الذي أنيط به بعد مقتل سليماني، حتى أنّ مسؤولًا عراقيًّا وصفه بـ”النسخة الأخرى من سليماني”. ونقلت وكالة رويترز عن قيادي في الحشد قوله إن سليماني كان يثق بكوثراني ويعتمد عليه في أوقات الأزمات.

وتعتبر واشنطن أنّ كوثراني “يُسهّل أنشطة مجموعات تعمل خارج سيطرة حكومة بغداد من أجل قمع المتظاهرين بعنف” أو “مهاجمة بعثات دبلوماسيّة أجنبيّة”، ويشارك في “تدريب وتمويل وتقديم دعم سياسي – لوجستي لمجموعات طائفية عراقيّة متمردة”.

ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مصدر مقرّب من محيط كوثراني قوله إن الأخير “هو مسؤول الملفّ العراقي المرتبط مباشرة بأمين عام حزب الله اللبناني حسن نصر الله منذ العام 2003″. ويشير مسؤولون يعرفون كوثراني عن قرب إلى أنه شخصية تمتلك “خبرة كبيرة جدًا، ولعله الأجنبي الوحيد بعد سليماني العارف بتفاصيل المشهد العراقي”.

و”الشيخ” كما يصطلح على تسميته بسبب عمامته البيضاء، هو من القيادات التي تربّت في العراق، ويحمل الجنسية العراقية، بحسب سياسي في بيروت. ويقول المصدر إن كوثراني “من الجيل الأول في حزب الله. هو من عائلة معروفة في لبنان، وكان من الذين رشحهم حزب الله للمجلس النيابي في العام 1996”.

وسبق ان كشف المحلّل السياسي هشام الهاشمي الذي اغتالته ميليشيا الحشد إن “أهمية كوثراني خلال السنوات السبع الماضية باتت تكمن في أنه يلعب أكثر من دور”.

وقال إن كوثراني اليوم هو “ضابط إيقاع البيت السياسي الشيعي الولائي”، الذي يعتبر علي خامنئي مرجعه الفقهي والعقائدي.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى