أخبار الرافدين
د. مثنى حارث الضاري

فيض ذاكرة

خيارات إعادة بناء الدولة (2-3)

المرحلة الثالثة: مقاطعة الانتخابات: وهي مرحلة تفعيل خيار مقاطعة الانتخابات على أبواب اجتياح مدينة الفلوجة كما جاء في بيان اجتماع علماء العراق الطارئ المعلن في (20/10/2004م)، الذي رفضوا فيه استخدام الانتخابات ذريعة لاجتياح المدن ودعوا أبناء الشعب العراقي كافة إلى مقاطعة الانتخابات المقبلة وعدِّ نتائجها باطلة إذا ما “تمّ اجتياح مدينة الفلوجة أو استمر قصف الطائرات والمدفعية لها أو طال ذلك مدنًا عراقية أخرى”.
وقد شارك في هذا الاجتماع أكثر من (150) عالمًا توصلوا إلى صياغة بيان من عدة نقاط، ثم أوكلوا مهمة متابعة تنفيذه إلى لجنة متابعة فوضت هي بدورها علماء الهيئة لاتخاذ قرار المقاطعة إذا ما تحققت الاحتمالات الواردة في البيان، وهذا ما حصل عند اجتياح المدينة في (8/11/2004م)؛ حيث أعلنت جهتان من الجهات المشاركة في المؤتمر مقاطعة الانتخابات بناءً على ما تمّ الاتفاق عليه في المؤتمر، وهما: هيئة علماء المسلمين، وهيئة الدعوة والإفتاء.

وتزامن مع هذا جهد آخر تمثل في اللقاءات التشاورية التي أجرتها القوى السياسية المنضوية في المؤتمر التأسيسي وقوى أخرى بشأن تطورات الوضع السياسي، وقد تحقق اثنان من هذه اللقاءات بعد الهجوم على المدينة، فيما سبقه لقاء آخر. وأسفرت هذه اللقاءات عن قرار المقاطعة الذي وقعته أكثر من (56) قوة سياسية ودينية وتجمعات مهنية وشعبية، فضلًا عن أكثر من (106) شخصيات عراقية في الخارج معروفة بنشاطها السياسي الوطني البارز. وأعلن هذا البيان رفض الانتخابات لقيامها على أساس قانون إدارة الدولة المؤقت لما له من “مخاطر جسيمة تمس مستقبل العراق وسيادته ووحدة أرضه”، ونبه البيان أيضًا على “فشل مؤسسات الدولة في تسيير أعمالها”.
وتكامل هذا النشاط بتشكيل وفد باسم هذه القوى تحت اسم (وفد القوى الوطنية المناهضة للاحتلال)، وقام هذا الوفد بإعداد مشروع وطني بديل للاحتلال، تمّ التعريف به في جولة شملت سوريا ولبنان ومصر والأردن، وسُلِّم إلى الجامعة العربية في لقاء خاص مع أمينها العام في (8/12/2004م). وتضمن هذا المشروع بديلًا معقولًا للعملية السياسية الجارية في العراق، وتصورًا عامًا لإعادة بناء الدولة العراقية، على وفق عدة بنود تتلخص في الآتي:
1- إقامة صيغة جبهوية وطنية موسعة تضم جميع الأحزاب والقوى السياسية على أساس الثوابت الوطنية العراقية، وفي مقدمتها: إنهاء الاحتلال، وحماية سيادة ووحدة أراضي العراق، وبناء عراق مستقل موحد تسوده مبادئ العدالة والمساواة والتعددية وحقوق الإنسان، والتنمية المستدامة، وضمان الحقوق الدينية والثقافية والمدنية والسياسية للعراقيين كافة دون تمييز، ونبذ جميع أشكال التعصب العرقي والطائفي والديني.
2- تنبثق عن هذه الصيغة الجبهوية الوطنية لجنة موسعة تقوم بالمهمات الآتية:
أولًا: وضع خطة تفصيلية وبتوقيتات محددة لانسحاب جميع القوات المحتلة من العراق، واستعادة سيادته واستقلاله بشكل كامل وناجز، وفق ضمانات دولية.
ثانيًا: تشكيل حكومة مؤقتة من المختصين (التكنوقراط) على أساس الوطنية والكفاءة والاستعداد لخدمة العراق، وتخضع هذه الحكومة المؤقتة لرقابة اللجنة الموسّعة.
ثالثًا: تشكيل لجنة دستورية لإعداد دستور مؤقت يعرض على الصيغة الجبهوية الوطنية لإقراره.
رابعًا: تحديد إطار زمني مناسب لإجراء إحصاء للسكان، ثم انتخابات عامة لاختيار حكومة ومجلس تشريعي مؤقتين، تكون من مهماتهما إعداد الدستور الدائم واستفتاء الشعب عليه، وتنتهي مهمة الحكومة والمجلس التشريعي حال انتخاب السلطات التنفيذية والتشريعية بموجب الدستور الدائم.
خامسًا: الإعلان عن أن الإجراءات والقرارات والترتيبات والقوانين التي أصدرتها قوات الاحتلال أو أمرت بإصدارها من قبل المؤسسات المنشأة في ظل الاحتلال، إنما هي قرارات وإجراءات غير شرعية تنتهي بزوال الاحتلال. وتقوم الجبهة الوطنية والحكومة المؤقتة بإصدار القوانين والتشريعات؛ لتسيير الدولة خلال المرحلة الانتقالية ولحين قيام المؤسسات السياسية والدستورية الوطنية العراقية المنتخبة بالتنسيق مع اللجنة الموسعة.


اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

شاهد ايضًا
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى