أخبار الرافدين
وليد الزبيدي

بول بريمر في “صورتين”

في مثل هذه الأيام من العام 2003 وصل ما أسموه بـ”الحاكم المدني الأمريكي للعراق” بول بريمر، ووطأت قدماه أرض العراق تحديدا في الثالث عشر من مايو عام 2003، أي بعد شهر تقريبا من عمر الاحتلال الأمريكي للعراق وقد سبقه الجنرال الأمريكي المتقاعد جي غارنر، الذي سارعت إدارة بوش الابن لاستبداله بعد بوادر الارتباك في إدارتهم للسلطة في العراق، حيث بدأت المقاومة في العراق مبكرا جدا وتعرضت قواتهم للنيران وسقط قتلى وجرحى خلاف توقعاتهم كما أعلنوا لاحقا.
في الصورة الأولى، ظهر بول بريمر في أول زيارة له لمنطقة الكرادة السكنية قرب المنطقة الخضراء في بغداد. وحسب علمي، لم تحصل زيارات وجولات أخرى، كان ذلك في أول أيام وصوله بغداد، وتحدث إلى بعض السكان وسط حراسة مشددة ـ كما ظهر في الصور ـ أما أطواق الأمن البعيدة فلم تظهر للرأي العام، وعد الناس بخدمات هائلة وتطور و”ديمقراطية” وأكثر خدمة بشّر بها هي الكهرباء التي تضررت في العراق من جرَّاء العدوان الأمريكي في مطلع العام 1991، وبعد ذلك منع أميركا العراق من استيرادات تحت عنوان الحصار، ما يمكن لها تقديم الحلول الجذرية لأزمة الكهرباء، هذه الأزمة ما زالت في قمة مأساتها بعد ما يقرب من عقدين من الغزو الأمريكي ومن “وعود” بريمر، وكل ما جناه العراقيون من ديمقراطيتهم القتل والسجن والتعذيب وتغييب الملايين وانتهاكات في حقوق الإنسان لا مثيل لها.
الصورة الثانية، التي ظهر فيها بول بريمر، ما وصفه هو شخصيا لأحواله في العراق قبيل مغادرته بغداد في الثامن والعشرين من شهر حزيران في العام 2004، حيث أمضى في العراق أربعة عشر شهرا، في حين وصفها في مذكراته بـ”عام أمضيته في العراق”، وعندما وجهت إليه قناة cnn الإخبارية الأمريكية سؤالا عن أول عمل سيقوم به بعد عودته للولايات المتحدة أجاب بالنص (سوف أنام لأن القصف الصاروخي المتواصل الذي تتعرض له المنطقة الخضراء لم يتوقف طيلة هذه المدة)، طبعا القصف المقصود من قبل رجال المقاومة الأبطال، الذين وثّقوا ذلك بالتصوير الفيديوي والبيانات الرسمية وليس بالتصريحات التي تصدر خلال السنوات الأخيرة.
بين هاتين الصورتين تجد الكثير من الأحداث والوقائع التي ذكرها في مذكراته واستهزأ في الكثير منها من “السياسيين” الذين خدموا مشروع الاحتلال الأمريكي في العراق، كما أنه ظهر في العديد من المقابلات التلفازية خلال العامين المنصرمين متحدثا عن سنة الجحيم التي عاشها تحت وابل يومي من قصف وهجمات المقاومين في العراق.
ما عاشه بول بريمر من أيام وساعات عصيبة في العراق مرَّ أيضا بالقوات الأمريكية التي وصل عدد الذين خدموا حتى العام 2011 إلى مليوني أميركي ـ حسب اعتراف أوباما ـ في خطاب إعلان الانسحاب في شهر تشرين أول من العام 2011، كذلك عاش ذات الظروف المتعاونون مع الاحتلال وبمختلف عناوينهم.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى