أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

الظروف المناخية ترفع عدد أيام العطل وتستنزف الاقتصاد العراقي

العراق يتكبد خسائر بمليارات الدولارات سنويًا إثر تعطل مظاهر الحياة فيه بسبب المناسبات الدينية.

بغداد- الرافدين

أعاد الإعلان المتكرر لتعطيل الدوام بسبب العواصف الترابية الحديث عن تأثير العطل على الاقتصاد العراقي وإنتاجية الفرد في المجتمع في ظل هروب الحكومة من مسؤولياتها عبر إعلان العطلة دون وضع الحلول الجذرية لمثل هذه الظواهر البيئية المتفاقمة.
وتكبد العطل الرسمية وغير الرسمية التي تفرضها الظروف الخاصة لاسيما المناخية منها، خزينة العراق خسائر مالية بملايين الدولارات عن كل يوم عطلة، وفقًا لخبراء اقتصاديين.
ويرى الخبير الاقتصادي، هيثم العكيلي، أن “العطل هي محطات لراحة العاملين عندما يعملون وتكون هناك نتائج واضحة لعملهم وأن هذا التعطيل يكون محسوبًا من ضمن وقت العمل، إلا أنه عندما لا تكون هناك نتائج واضحة للعمل فإن العطل تعد خسائر تضاف إلى الخسائر الأخرى التي تتكبدها الدولة”.
وأضاف العكيلي، أن “في اقتصاد مثل اقتصاد العراق الذي لا تعرف معالمه ولا أهدافه بشكل واضح، تعد العطل بكل أنواعها والتي تشكل بحدود 30- 35 بالمائة من ساعات العمل التي يتقاضى العاملون عنها أجرًا، هي هدر للأموال وإضاعة لفرص التقدم التي يعتبر العراق حاليًا بأمس الحاجة لها” مشددًا على ضرورة “إعادة النظر بقوانين العطل من أجل تعويض الفرص الفائتة”.

تزايد أعداد العطل والمناسبات الدينية أدى إلى تعطيل مصالح المواطنين

ويعاني العراق من بطالة مقنعة تستنزف خزينة الدولة بسبب تراجع إنتاجية الموظف العراقي الذي اعتاد على الكسل والعطل الكثيرة وفقًا لخبراء في علم الاجتماع والنفس.
وسبق وأن توصلت دراسة أجرتها كلية اقتصاديات الأعمال في “جامعة النهرين” إلى أن إنتاجية الموظف العراقي تبلغ 17 دقيقة فقط يوميًا، مشيرة إلى أن الإغلاق التام للدوائر والمؤسسات خلال العامين الأخيرين بسبب جائحة كورونا أدى الى تراخي الموظفين.
ويرى المختص في الشأن الاقتصادي حسين شاكر تأثيرًا سلبيًا لـ “العطل الكثيرة على عمل البنك المركزي والمصارف العراقية لارتباطها بالبنوك العالمية والسياسة التجارية العالمية، وبالخصوص إذا كان هناك عدم توافق بين العطل والمناسبات في العراق مع العطل العالمية”.
ويمنح القانون الحالي مجالس المحافظات الحق في إعلان تعطيل الدوام لسكان محافظة بعينها دون غيرها حسب ما تقتضي الحاجة، وبات ذلك يتكرر في فصل الصيف في المحافظات الجنوبية، في ظل درجات الحرارة التي تتجاوز نصف درجة الغليان.
ويرى الخبير القانوني علي التميمي، أن “قانون العطلات الرسمية 110 لسنة 1972 لا يحتوي على نص يتيح تعطيل الدوام بسبب ارتفاع درجة حرارة الطقس، لكن درجت الحكومات المتعاقبة بعد 2003 على مثل هذا الإجراء الوقائي عند وصول الحرارة إلى 50 درجة مئوية”.
وأشار التميمي، إلى أن “البرلمان يحتاج إلى تعديل هذا القانون الذي يعطي صلاحية إعطاء العطل الرسمية لرئيس الجمهورية” عبر تضمينه فقرة تحدد وتنص على “متى تمنح عطلة في ظل ارتفاع درجات الحرارة”.
وتبلغ أيام العطل الأسبوعية (الجمعة والسبت) 118 يومًا في العام الواحد، من دون احتساب باقي أيام المناسبات والعطل الاضطرارية التي غالبًا ما تفرضها الأوضاع الأمنية والسياسية، والتي تقع ضمن صلاحية مجالس المحافظات، ولا العطل الجزئية التي تعلنها الأوقاف الدينية.

العراق يحتل المركز الأول بين دول العالم في عدد أيام العطل

وفضلًا عن عطلة ‏نهاية الأسبوع يومي الجمعة والسبت،‏ توجد في العراق نحو 15 عطلة رسمية معتمدة في التقويم الرسمي للحكومة، تبدأ من عيد رأس السنة الميلادية من كل عام في الأول من كانون الثاني، وتنتهي بعطلة مولد السيد المسيح في 25 كانون الأول في نهاية العام، وتمتد بعض العطل أيامًا عدة.
ويحتل العراق المركز الأول بين دول العالم في عدد أيام العطل، والتي تصل وفق قانون العطل الرسمية إلى 150 يومًا في السنة.
ومع أن هذا العدد من العطل مبالغ فيه، فهي في الواقع تمتد لفترة أطول مما هو مقرر لها قانونًا، فعطلة العيد تمتد، في بعض الأحيان، إلى سبعة أيام، كما حدث في أوائل شهر أيار الماضي حيث أقر مجلس الوزراء خمسة أيام لعطلة عيد الفطر المبارك.
وبسبب وقوعها بين عطلتي نهاية أسبوع، فقد امتدت فعليًا إلى سبعة أيام بالمقارنة مع عشرة أيام في الأعوام السابقة في وقت تكون فيه معظم دوائر البلاد ومدارسها شبه معطلة لأربعين يومًا متواصلة تغلق فيها الكثير من الشوارع والساحات، خصوصًا في المدن الوسطى والجنوبية في شهري محرم وصفر من السنة الهجرية.
وسعى البرلمان مرات عدة لإقرار مشروع قانون العطلات الرسمية وتقليصها بسبب تعطيلها لمصالح المواطنين أكثر من الحد اللازم، وتعطيل الحياة اليومية في بعض المحافظات، إلا أن جميع المحاولات باءت بالفشل.
ويعزو مراقبون أسباب الفشل إلى محاولات تكريس الطائفية وإصرار بعض الكتل على إدراج “يوم الغدير” ضمن المناسبات الدينية، في حين ترفض كتل أخرى هذه المناسبة مطالبة باعتبار “يوم السقيفة” عطلة دينية.
وبين مصدر برلماني مطلع رفض الكشف عن هويته أن “من جملة الخلافات القائمة بين الكتل السياسية على تشريع قانون المناسبات هو تزايد أعداد العطل والمناسبات الدينية أثناء المفاوضات، حيث بدأت تتراوح بين (50 إلى 60) عطلة ومناسبة، بعدما كانت (30) عطلة ومناسبة”.
يذكر أن الإجازات الكثيرة التي تعلنها الحكومة بين الحين والآخر تؤثر سلبًا على المؤسسات الحكومية، خصوصًا الخدمية منها، التي لها تماس مباشر مع شؤون المواطنين اليومية وأعمالهم.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى