أخبار الرافدين
د.عبد الوهاب القصاب

مزاد الكراسي

وأخيرًا انتهت الملهاة واعتكف السيّد واستقال التابعون وأفرغوا 73 مقعدًا انتخابيًا في برلمان الملهاة السياسية التي ابتدعها المحتل الأول وابتهج لها المحتل الثاني. وساق المعممون الناس بالقائمة 555 سيئة الصيت إلى الانتخابات زمراً وجلس محبو العراق في بيوتهم مبتعدين عن برلمان الفتنة مستنكرين الانخراط في هذه الملهاة السياسية.
نجح أتباع المحتل الثاني وفوّزوا ذيول وأنصار أمهم الحنون وسلموها رقبة وجسد العراق لتمعن فيه تقطيعًا وتمزيقًا.
والآن نحن إزاء فصل مؤذٍ من فصول هذه الملهاة التي يسمونها العملية السياسية واللعبة البرلمانية التي تنتجها لعبة أخرى هي اللعبة الانتخابية، تساندهما لعبة أخرى تصدر عن مؤسسة تفترض فيها الرصانة والرزانة أركانًا لها.
وددت اليوم أن ألقي ضوءًا على ما يجري منذ قرار الصدر الانسحاب من البرلمان بكتلته الكبيرة 73 نائبًا جعل من هذه المقاعد البرلمانية الشاغرة الآن إرثاً يرثه الفاشلون في الانتخابات التي قاطعها بين 80-86 بالمائة من العراقيين فإننا الآن أن نتصور برلمانًا يشكل أغلبيته فاشلون.
برلمان الـ 14 بالمائة تتحكم به كتل فاشلة فكيف يحصل هذا؟ ولكنه حصل في بلد كان ولازال يسمى
“العراق”.
ثمة تماهٍ يراد خلقه بين الملهاة العراقية وما نجح حسن نصر الله في تحقيقه في الهيمنة على البرلمان اللبناني بتحالفه مع رئيس أناني صنع ما يسمى بالثلث المعطل. هنا في الملهاة العراقية نجحوا بإيجاد ما يسمى بالثلث المعطل، أعانتهم على ذلك فتوى “المحكمة الرصينة” فتعطلت عملية اختيار الرئيس التي بدورها عطلت عملية تسمية رئيس الوزراء وتشكيل الحكومة المطالبة بالتعامل مع الكثير من التحديات ومواجهة عجلة الحياة في بلد دمر مساره نحو المستقبل منذ أن اجتاح جنود الاحتلال أرضه في التاسع من نيسان 2003. ولم تستعاد عجلة المسار حتى الآن لسبب بسيط جداً! وهو أن المحتل الثاني لا يريد لهذه العجلة أن تستقيم في مسارها.
انتجت الكراسي الشاغرة في البرلمان التي سيشغلها فاشلون، لعبتي كراسي أخريين أولاهما اللعبة الخاصة بانتخاب رئيس للجمهورية، وهو منصب أوكله المهيمنون على العملية السياسية إلى العراقيين الأكراد بعد أن كان المحتل الأول قد خلق محاصصة في مناصب رئاسة الجمهورية والوزراء والبرلمان بين السنة والشيعة والأكراد.
هذه قسمة ضيزى بحق، لأنها تضع القومية جوار الطائفة، مع أنه يوجد في القومية ما يمثل الطوائف أيضا، فعلى أي أساس علمي ومجتمعي قام هذا التقسيم؟
تقوم تلك القسمة أيضا على أساس معادلة خاطئة وفاشلة بالأساس إذ قسمت عرب العراق ذوي أغلبية من السكان أو يزيد إلى قسمين بمسحة طائفية توضع أعلى من الوطنية وقسموا سنة العراق قسريًا ذوي الأغلبية التي تكاد تصل إلى 60 بالمائة الى أكراد وعرب سنة. وهنا نتساءل أية لعبة كراسٍ أنتجها المحتلان وبلوا بها العراق فأبتلي.
أخطأ مقتدى الصدر باتخاذه قرارًا تداعياته أكبر من أن يتمكن من احتوائه. لأنه يفتقد كتيار للإرادة السياسية وتحقيق الهدف وهو ما لم يكن في حسبان الصدر حين اتخذ قراره الخاطئ.
فهل كان يهدف لحل البرلمان مثلاً وهو ما لم يحصل. هل كان يريد النزول للشارع وفرض أمر واقع جديد بقوة الجماهير، وهو الآخر ما لم يحصل. الذي حصل هو أمر واحد لحد الآن، وهو الانحناء لإرادة إيران وقلب الخارطة البرلمانية لصالح كتلة الفاسدين.
وهكذا أعادنا الصدر إلى المربع الأول، مربع المحاصصة والهيمنة الطائفية المقيتة، ومنح العملية الهزيلة فرصة لإعادة تدوير الفاشلين في الملهاة السياسية الحالية وخلق لعبة كراسٍ يرقص فيها الفاشلون ويتصارعون على كرسي وحيد، بشكل أتاح لكبيرهم الذي علمهم السحر إياه لكي يطل برأسه وصوته مجددًا ربما ليكمل المخطط الإيراني بفدرلة العراق مع إيران لكي تكمل “السبحة”؟
فمن سيزغرد لتلك الكوميديا السياسية الرثة؟

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى