أخبار الرافدين
د.عبد الوهاب القصاب

مفاوضات الخيار النووي الإيراني، إلى أين؟

منذ أن بدأت دوائر في الغرب مثلها مثل دوائر في الكيان الصهيوني العويل محذرة من سعي إيراني حثيث للحصول على السلاح النووي، فأن التلفيق والتهويل والضحك على الذقون مستمر بذريعة “الدفاع عن الجمهورية الإسلامية” وردع ” الكيان الصهيوني ومن دأبت على تسميته بالشيطان الأكبر”
والتحذير من التعرض للجمهورية الإسلامية “حاملة الإرث النبوي وأحفاده أئمة آل البيت الكرام”.
بهذا الكذب وبهذا التدليس ارتأى معممو قم أن يحققوا الحلم الفارسي الذي يرمي إلى السيطرة على المنطقة التي كانت تخضع في الزمن القديم لفارس سواء كانت أخمينية أو ساسانية، وفي إعادة الزهو الإمبراطوري لا فرق عند من يروج للمشروع الإيراني إن كان رائده أخمينيًا أو ساسانياً عابدًا للنار كافراً، أو خمينيًا شيعيًا اثنا عشرياً كما يدعي. لا فرق حتمًا بين الحالتين من وجهة نظر دهاقنة السياسة الفارسية؛ المهم أن تعود فارس وتسود.
ولسوء حظ إيران الخمينية الحالية أنها حملت وزرعت فكراً ماضويًا انتقاميًا عنصرياً لا يلقي بالًا إلى الآخر؛ لا يعني عنده العرب وهم الجيران الأقربون، وهم الذين حملوا لواء الهداية للفرس الذين آمنوا بها وجاهدوا في سبيلها طوال عشرة قرون قبل أن تبتلى فارس بفاتح طماع هو إسماعيل الصفوي الذي أجبر الإيرانيين بحد السيف لتغيير دينهم وتبني الصفوية بعد إلباسها رداء تشيع مزيف جعل الآخر العربي عدواً ينبغي استئصاله. وقد فشل على جبهة العراق مرتين، بل ثلاث مرات إذا ما أخذنا محاولتي نادر شاه الفاشلتين لفتح العراق.
استهدفت نظريتهم العراق باعتباره البلد الذي هزم أحلام فارس القديمة في القادسية الأولى وسيقيض له أن يهزم الأحلام الخمينية في منازلة شجعان ويجبر كبيرهم على تجرع كأس السم ويستسلم للعراق في نصر مؤزر لن يكف المنصفون عن الحديث عنه.
كان ينبغي على الخمينيين أن يتصالحوا مع العرب باعتبارهم حملة الرسالة العظيمة التي يدعون هم الإيمان بها ويكفوا حقًا، عن استهداف العرب باعتبارهم الأعداء الأزليين والتقليديين ليس لذنب اقترفوه إلا لأنهم قد نجحوا في تفكيك الإمبراطورية الساسانية واحتلال عاصمتها المدائن وتحرير العراق منهم.
هذه المقدمة التاريخية المركزة أراها ضرورية لإثبات أن الحصول على هذه القنبلة التي لن تكون حكراً على أحد، وحصلت عليها دول بجهودها الذاتية رغمًا عن أعضاء النادي النووي الكبار الذين حصل عليها كل منهم بطريقته الخاصة، فالأمريكيون حصلوا عليها من الألمان أصحابها الشرعيين، وتجسس الروس على الأمريكيين وحصلوا عليها والفرنسيون وظفوا قدراتهم وشبكات علاقاتهم وحصلوا عليها. كذلك فعل الصينيون والإسرائيليون والباكستانيون والكوريون الشماليون، ولكل منهم أسبابه ومسبباته إلا الإيرانيين فهم يسعون بلا هوادة للحصول على الخيار النووي دون أن يكون سعيهم مبرراً، ذلك أن جيران إيران النوويين وهم هنا الباكستان والهند وروسيا وتركيا الأطلسية، وحتى الكيان الصهيوني، جيران نوويون متقدمون جدًا على قنبلة إيران اليتيمة بإمكان خزينهم النووي أن يمحق إيران ويقلبها رأساً على عقب لو لجأت إيران لاستخدام يتيمتها.
من سيتبقى هدفًا للخمينية لتحقيق هذا الخيار النووي الذي لن يستخدم الا لابتزاز أضعف الجيران وأكراه الجيران العرب.
لو كان الكيان الصهيوني هو المستهدف لتم قلب المشروع رأساً على عقب كما حل بالعراق، لكن المستهدفين هم العرب ولا ضير لدى الغرب من ذلك، ومن هنا قدم باراك أوباما لإيران هذه الهدية والمكافئة وهي توقيع الاتفاق والمكافئة المالية الضخمة التي استلمتها والتي مكنتها من التغول في الإقليم، وها هي مدرسة أوباما تعود اليوم لتكافئ إيران بالعودة للاتفاق النووي ربما بعد الانتخابات النصفية القادمة للكونغرس إن استمر الديمقراطيون بالسيطرة على المجلسين وهو أمر يبدو مشكوكاً فيه حتى الآن.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى