أخبار الرافدين
د.عبد الوهاب القصاب

أما كفاكم عبثًا

انتهت مسرحية مقتدى الصدر ربما تكون الأخيرة إذا صحت الأنباء عن نقله إلى إيران كما يحصل بعد كل “هوسة” يقوم بها “أبو هاشم” التي تتكرر في كل مرة بتواتر غريب ترفع من آمال الناس إلى القمة لتنحط إلى الحضيض بسرعة غريبة يصعب تفسيرها إلا بأحد تفسيرين: أولهما إما أن الرجل مدفوع بأهوائه يقرر أمراً يتبعه مناصروه الذين يرفع من تطلعاتهم إلى درجة عالية التوقعات، أو أن الرجل يُدفع من جهة ما خارج الحدود حيث جارة الشر الشرقية لعملية تصفية حسابات أو وزن الأتباع لصالح مشروع هذه الجارة في العراق والمشرق العربي بل ربما في إيران نفسها.
لكن ما جرى منذ الانتخابات الأخيرة في تشرين الأول 2021 وحتى الآن، وهي انتخابات تقررت بنتيجة ثورة الشباب العراقي التي أطاحت بحكومة عادل عبد المهدي ولم تخبُ شعلة تلك الثورة إلا بسببين هما كورونا والصدر!
لا يختلف اثنان أن للسيد مقتدى الصدر سطوة لا تخطئها العين على أتباعه وهي سطوة موروثة له عن والده الراحل الذي اغتالته أيدي من يشكلون قوى الإطار التنسيقي الشيعي، وهذا سر من أسرار الكراهية المتبادلة حتى الآن بين الطرفين، وسر آخر من أسرار هذه الكراهية هو هجمة نوري المالكي في عملية “صولة الفرسان” بإسناد أمريكي لاسيما في البصرة ومدينة الثورة، في محطة شهدت مفصلين أحدهما مغادرة علي السيستاني بذريعة العلاج إلى بريطانيا على حين غرة عندما اندلع القتال بين الطرفين في النجف، والمحطة الأخرى هو موافقة الصدر على قيام مناصريه بتسليم أسلحتهم مقابل مردود مادي ثم التوجه إلى قم للدراسة و الاعتكاف.
مثل هذا الموقف المتذبذب أضحى قابلًا للتكرار بعد كل مجابهة يدفع فيها شباب تياره وشباب مناوئيه دماً غزيرًا في لعبة عبثية كما يبدو، فالتغيير لن يأتي بهذه الطريقة ولا إيران ستسلم العراق لخصومها “وهم ليسوا الصدريين حتماً، بل العراقيون”.
تذبذب شخصية مقتدى الصدر سبب مهم من أسباب هذه المجابهات العبثية التي تفور وتخبو بإيماءات منه إلى جماهيره وكأنه “الزعيم الهندي غاندي” وهو ليس كذلك طبعًا في صراع عبثي لابد أن يتوقف بإعلان حالة الطوارئ التي تعني عمليًا دفن العملية السياسية الحالية والبدء بعملية سياسية جديدة بأفق جديد تستفيد من الدروس التي أفرزتها التجربة المريرة التي استمرت عقدين من الزمن دون أن تثمر خيرًا، بل أورثتنا شروراً كثيرة وتداعيات سلبية على المجتمع العراقي وأذى يحتاج إلى زمن طويل لإزالته.
فإزالة الشرور هو ما ينبغي أن يتصدى له الخيرون لإسدال الستار على هذه المرحلة بالغة السوء، حيث سينتهي معها هذا العبث غير السوي.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى