أخبار الرافدين
د.عبد الوهاب القصاب

أزمة الحكم في العراق: توقعات ومآلات

لربما يحق للإنسان العراقي أن يحلم بيوم ربما كان قريبًا ويرى نفسه منعتقًا من زمرة الفساد والطائفية التي انشبت مخالبها كضبعٍ في جسد الوطن، ودعت غيرها من الضباع لتشاركها الوليمة التي مكنتهم واشنطن منها.
وستنطلق هذه الرؤية من هذه الجزئية لترى أي نظام حكم يمكن أن يلائم العراق بعد فشل نظام المحاصصة المبني على اسطورة المظلومية، ونظام حكم برلماني يستحوذ رئيس الوزراء على الحصة الأكبر من سلطة الحكم تاركًا شيئًا من الفتات لمنصب رئيس الجمهورية لا يعينه على أداء متطلبات منصبه، التي في مقدمتها كونه ضامنًا للدستور مدافعًا عن سيادة العراق.
ولأن الموضوع شائك والماسكين بالسلطة متخلفون سياسيًا بشكل لا مثيل له فقد صاحبت الأزمات هذا النظام الهجين الذي مثل تحالفًا بين الرجعية الماضوية التي تعتاش على تراث ملفق هجين احتوته بضعة كتب لا يستطيعون الانعتاق عنها، وبين زمرة السراق الذين أوغلوا بالمال العام باعتباره لا مالك له وبين سلطة الاحتلال الثاني “إيران” التي زينت لهم سرقة المال العام على أن يدفعوا خمس المسروق لها ليكون حلالًا بعد أن كان مالًا لا مالك له.
هنا يكمن سبب فشل هذا النظام البرلماني الذي أدخله المحتل الأول. لذلك لا بد أن يبدأ الإصلاح بالإجابة على تساؤل مفاده أيهما أصح للعراق نظام الحكم الرئاسي أم نظام الحكم البرلماني؟
لا بد من إلقاء الضوء على فلسفة نظام الحكم القائم للإجابة على هذا التساؤل.
ثمة تراث من الصعوبة مغادرته بالنسبة لدول الشرق، وخلاصته أنه ينبغي أن يكون للدولة رأس يجمع الجميع على مكانته وهيبته وسلطته.
إذن نظام الحكم الأسمى للعراق ينبغي أن يكون رئاسيًا، وبهذه المناسبة أتمنى لو أن العراق لم يغادر النظام الملكي لأنه كان نظامًا ضامنًا لوحدة المجتمع التي تفتت نتيجة نظام المحاصصة القبيح الذي أدخلته الولايات المتحدة إلى العراق.
ولأن نظام الحكم الملكي أصبح من الصعوبة، بل الاستحالة العودة إليه، لذلك لابد من قبول نظام الحكم الجمهوري الرئاسي.
وهنا لابد من وضع جملة ضوابط في الدستور الجديد الذي لابد من تشريعه والاستفتاء عليه بعد التخلص من حكم ذيول ملالي قم، تحدد مهام ومدة حكم الرئيس لضمان عدم العودة إلى نظام الرئيس إلى الأبد الذي يتحمل جزءًا مهمًا من تبعات الفشل الذي نعيشه، وأولى هذه الضوابط هي مدة تكليف الرئيس. وأرى فأن فترة الأربع سنوات لن تكفي الرئيس لكي يحقق برنامجه الذي انتخب على أساسه، لذلك اقترح جعل مدة الدورة الواحدة ست سنوات بدلًا من أربع وأن تحدد مرات الولاية بفترتين أي 12 عامًا.
سيحقق هذا أمرًا مهمًا وهو تقليل الاحتكاكات في المجتمع، لأقل ما يمكن بإبعاد المدة الزمنية بين دورة انتخابية وأخرى، خصوصًا أن الكثير من المؤرخين يعدون العراق هو الأرض التي قتل فيها قابيل أخاه هابيل. أي الصراع بين البداوة والحضارة الذي لا يزال قائمًا وإن كان بصور متعددة، لكن النتيجة واحدة أنك لن تجد في العراق من هو راضٍ عن نظام حكمه. لأن الكل يعتبرون أنفسهم أنهم أحق بالأمر من غيرهم.
ثمة ضوابط مهمة ينبغي أن تشرع لتضبط إيقاع مدة الولاية أهمها ما يلي:
1. أن يكون عراقيًا من أبوين عراقيين بالولادة.
2. ألا يكون مزدوج الجنسية وعليه التخلي عن أية جنسية أخرى فور انتخابه بعد أن يكون قد تعهد بذلك في برنامجه الانتخابي لضمان ألا يكون ولاء القسم للمواطنة الثانية مؤثرًا على أداء وظيفته.
3. تشطب لجنة تدقيق المرشحين نهائيًا اسم المرشح إذا كانت جنسيته الأصلية إيرانية أو أن يكون قد نالها بالتجنس، على أن يعاد النظر بهذا النص بعد خمسين عامًا للتأكد من زوال التأثير الإيراني من العراق.
4. أن يكون في سن الخامسة والأربعين من العمر.
5. إن يكون حاملاً مؤهلًا جامعيًا معترفًا به.
6. أن يكون مسلمًا موحدًا وألا يكون ولاؤه الديني سببًا في موالاة من هم خارج حدود الوطن.
7. أن يكون رئيسًا لكل العراقيين وأن يتعهد بالاستقالة من أي منصب سياسي في حزب أو جهة سياسية فور انتخابه وقبل تأديته القسم.
8. أن يؤمن بأن العراق واحد ولا يتجزأ أبداً.
9. أن يؤمن بأن العراق بلد عربي وجزء من الوطن العربي الكبير.
10. أن تحكم سلطاته القانون الذي يمثل الكابح الأكبر لضمان ألا تتجاوز تصرفاته سقف القانون في ممارسته لصلاحياته.
هذا ما نراه ملائمًا لمجتمع عراقي متحرر من الاحتلالين، وهذه هي مواصفات رئيسه المنتخب مباشرة لنظام رئاسي لا تحكم تصرفاته انتماءاته السابقة ولا ممارساته لعقيدة ما.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى