أخبار الرافدين
وليد الزبيدي

الإعلام يغيب هجمات المقاومة العراقية

هنا، نتحدث عن نشاطات كبيرة للمقاومة في العراق منتصف العام 2003، لكن لم يسمع بها الغالبية العظمى من العراقيين، بل أستطيع القول إن عدد الأمريكيين الذين علموا بتلك العمليات أكثر بكثير من العراقيين، والسبب في ذلك،
أنه لم تكن هناك وسائل إعلام محلية وطنية، كما أن وسائل الإعلام من فضائيات وإذاعات ووكالات أنباء وصحف التي وضعت لها مكاتب ومراسلين في بغداد، كانت إما تجامل الأمريكيين وربما القلة تخشى قواتهم أو تعمل ضمن أجندات السياسة الأمريكية، لهذا نادرا ما تجد وسيلة إعلام تنقل تلك الهجمات، ثم فتحت أميركا الأبواب أمام الصحف والإذاعات وبعدها الفضائيات المدعومة أمريكيا، والتي تعمل لصالح قواتها، وتسير بخطوات لكيل المديح لتلك القوات وهي التي تعتقل وتعذب وتمارس أبشع الانتهاكات بحق العراقيين، وتضطلع تلك المؤسسات بدور تجميل الوجْه القبيح لأمريكا وسياساتها وسلوكياتها في العراق، ويشمل ذلك جميع المؤسسات التي ظهرت في وقت مبكر وفي وقت لاحق.
وكل ما يعرفه العراقيون في تلك الفترة عن نشاطات المقاومة في العراق، تأتي من مصدرين، أولهما ما يشاهده الناس بالعين المجردة من هجمات شبه يومية في مناطقهم، حيث دأب المقاومون على تنفيذ تلك الهجمات التي تستهدف الدوريات العسكرية مستخدمين العبوات الناسفة بدائية الصنع والتي تزرع على جوانب الطرق، ويتم ربط العبوة بسلك كهربائي، غالبا ما يكون ظاهرا على سطح الشارع الإسفلتي، ويجري تفجيره من مسافة قريبة، ثم طور المقاومون الطريقة في وقت لاحق ليتم التفجير عن بُعد، وهناك هجمات بالصواريخ والهاونات تستهدف المعسكرات والمقار العسكرية الأمريكية، وفي حال وجود دوريات راجلة فيتم وضع الخطط الميدانية لاستهدافها بالرشاشات والأسلحة المتوسطة. الثانية التي يتعرف فيها العراقيون على هجمات المقاومين اليومية تتم من خلال النقل الشفاهي بين العراقيين، وهذا النقل الشفاهي يتعرض للتشويه من قبل البعض خصوصا الذين يطمحون لتحقيق مكاسب ويطورون مصالح مع الأمريكيين، أو يتم النقل بدقة للأحداث ويحصل في كثير من الأحيان تضخيم من قبل البعض، خصوصا أولئك المحبين للمقاومين والمبغضين للمحتلين ومن يساعدهم. لكن الوضع يختلف في داخل أميركا، فقد بدأت الصحف الأمريكية بنشر أخبار بعض القتلى، وبسبب “الصدمة والترويع” العراقية التي أحدثتها المقاومة العراقية، فقد كانت أخبار الهجمات التي تتعرض لها القوات الأمريكية تثير الكثير من الدهشة والتساؤلات في المجتمع الأمريكي، خصوصا أن غزو أفغانستان قد حصل قبل العراق بسنة ونصف تقريبا، لكن لم تحصل هجمات في أفغانستان كما هو الحال في العراق. هذا الواقع الذي تم تغييبه عن غالبية الرأي العام في العراق والذي يخصُّ الهجمات المبكرة والواسعة للمقاومة في العراق، سنسلط الضوء على شذرات منه في مقالاتنا المقبلة.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى