أخبار الرافدين
د.عبد الوهاب القصاب

رئيس وزراء جديد لكنه من الشلة نفسها

أتساءل ويتساءل معي الملايين من العراقيين كيف يتاح لفاشل في الانتخابات أن يشكل حكومة، وأي نظام هذا الذي تزور له إرادة الجماهير ويتم بإصرار على إعادة تدوير نفس العينات كأنما العراق قد جفت أرحام نسائه ليلد ابنًا بارًا.
هذا الإصرار الغريب على تولي أمر العراق من حزب أثبت عمالته للأجنبي وحاربت قياداته وطنه وجيشه حربًا تحالفت بها مع أعداء هذا الوطن أمر يبعث على التساؤل والاستغراب.
حتى الدستور الأعوج المشوه المليء بالثقوب لا يتيح لهم هذا الاستئثار بالسلطة طيلة تسعة عشر عامًا دمر بها البلد أيما تدمير. رئيس وزراء شيعي لماذا؟ رئيس وزراء شيعي لا، رئيس وزراء عراقي نعم.
الموقف الرافض من اختيار رئيس الوزراء من الطائفة الشيعية الكريمة ليس موقفًا من الطائفة، بل من الطائفية السياسية التي نخرت البلد طيلة ثلاثة عقود سلطت على مقدراته ذيولًا، ولاؤهم لبلد كاره للعراق أمعن في سرقته وتدميره انتقامًا لهزيمته النكراء في 1988.
لا أعرف محمد شياع السوداني شخصيًا لكني لن أجد مبررًا له أن يعادي وطنه وينتمي لبلد كاره العراق، كان هو السبب فيما أحاق به وبأسرته من إعدام والده يرحمه الله بموجب قوانين وليس على يد ميليشيات، ومع ذلك لم يُضر هو شخصيًا إذ استمر بدراسته الجامعية وتخرج مهندسًا زراعيًا، بقي في منصبه برعاية الدولة التي دمرها الغزو الأمريكي الذي جاء بحلفائه من الأحزاب الرثة إلى السلطة.
كنت سأرحب بمحمد شياع لو كانت رئاسته للحكومة تمت على أساس عراقيته أولا، وانتمائه لتكتل عراقي عابر للطائفة في نظام حكم عراقي صميمي ليس لإيران فيه القدح المعلى، وليس لديماغوجيا اللطم والتمييز ضد الآخرين مكانا فيه. ليس فيه من يفكر أنه أو طائفته أفضل من الآخرين، عراق ليس فيه طوائف متناحرة أو إثنيات متقاتلة، لاي منع أن يكون رئيس وزرائه من أي لون أو صفة، عراق ترأس حكوماته فيما مضى عرب وأكراد وتركمان، وليس عراق يصنف فيه مواطنوه على أساس أنهم إما من معسكر يزيد أو معسكر الحسين كما قال كبيرهم وأفسدهم.
نتمنى على القوى الأخرى التي لديها حجم انتخابي ليس قليلًا وتتمتع في البرلمان الحالي بنفس القوة أن تتكاتف فيما بينها لتمنع إعادة توصيف منصب رئيس الوزراء بأنه منصب شيعي حصرًا، فضلا عن منصبي رئيس الجمهورية والبرلمان. هذه مناصب يشغلها مواطنون عراقيون لا يحملون ولاءً إلا للعراق وليسوا من حملة الجنسيات والرعويات الثانية.
عراق لا يفخر من يتولى منصبًا سياديًا فيه برعويته الأخرى، كما أفتخر يومًا ما أحدهم أمامي في لقاء تلفزيوني بأنه يفخر بجنسيته الإيرانية. نحن لا نمانع أن يفخر هذا وذاك برعويته الإيرانية لكن عليه أن يرحل إلى إيران ويمارس سعادته برعويته هناك.
بودنا الإشارة هنا إلى أن لا أحد بإمكانه تغيير الجغرافيا فهذا البلد الذي كان اسمه على مدى التأريخ بلاد فارس وسماه رضا شاه “إيران” هو الجار غير المستقر بذاته على حدودنا الشرقية، نتمنى لشعبه أن يمن الله عليهم بحكومة مدنية لا يحكمها الملالي المعممون الذين أوغلوا بدماء الإيرانيين حتى الثمالة، لذلك لن نقبل بأن يحكمنا من ولاؤه لهؤلاء الملالي المتخلفين.
منصب رئيس وزراء العراق هو منصب عراقي خالص لا ينتمي لطائفة ولا لإثنية بعينها.
العراق بلد فيه اغلبيتان عربية تصل نسبتها إلى 80 بالمائة من الشعب العراقي، وإسلامية نسبتها إلى 95 بالمائة من هذا الشعب. مع هذا أرفض رئيس وزراء يعين وفق طائفته، بل أرى ان الوطنية تكمن في اختيار رئيس وزراء عراقي خالص صميمي طاهر من أي انتماء لعرق أو طائفة.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى