أخبار الرافدين
تغطية خاصةتقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

المالكي يعيش أسوأ أيامه السياسية وحيدًا

تسريب لأحد عناصر حماية المالكي يكشف فيه أنه بقي وحيدًا عند اقتحام أنصار الصدر المنطقة الخضراء فلم يجد غير حمل سلاحه.

بغداد- الرافدين
كشفت تسجيلات صوتية من الحلقة المحيطة برئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، أنه يعيش أسوأ أزماته الشخصية والسياسية منذ انتشار التسريبات التي يزدري فيها زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر ويصف ميليشيا الحشد بأمة الجبناء.
وتداول ناشطون اتصالات بين عناصر حماية المالكي بعد اقتحام المحتجين من التيار الصدري المنطقة الخضراء ومبنى مجلس النواب مساء الأربعاء، أن المالكي لم يجد من المحيطين به غير عناصر قليلة الأمر الذي جعله يحمل سلاحه خشية اقتحام مسكنة في المنطقة الخضراء.
وتداولت مصادر إعلامية ونشطاء على مواقع التواصل صورة للمالكي بملابس عسكرية حاملًا بندقية في مكتبه الذي عادة ما يستقبل به الضيوف بشكل رسمي.
واعترف أحد عناصر حماية المالكي في التسجيلات، بأن اقتحام المنطقة الخضراء من قبل عناصر التيار وجه لطمة لميليشيات الحشد وأبقى المالكي وحيدًا بعد أن خذله المقربون.
وكان المالكي قد قال في تسريبات صوتية نشرها المدون والناشط علي فاضل، إنه لا يبالي في قتال ما أسماهم الجبناء في التيار الصدري، لأنه قادر على أن يتحصن بقبيلته والآلاف من حمايته.
وأثارت صورة المالكي مع سلاحه وحيدًا في مكتبه التكهنات، الأمر الذي دفعه إلى نشر مجموعة صور أخرى بملابس مدنية مع عدد من عناصر حمايته.
وظهر المالكي حاملًا السلاح مع عدد من أفراد حمايته قرب منزله في الخضراء عقب اقتحام أنصار التيار الصدري للمنطقة. وجاء ذلك عقب امتناع العديد من قادة الإطار التنسيقي عن التعليق على المظاهرات أو تبني أي مواقف إزاءها.
ويقول أحد عناصر حماية المالكي أنه أشفق عليه عندما رأه وحيدًا حاملًا السلاح، وبعد هروب المقربين منه في الإطار التنسيقي.

المالكي وحيدًا مع سلاحه
ونقلت مصادر إعلامية أن المالكي تداول مع المقربين منه بعد انسحاب المحتجين من المنطقة الخضراء، طرق التعامل مع تحركات الصدر، من بينها استعمال الأسلوب نفسه؛ بتنظيم مظاهرات.
ورغم أن المالكي متحمس لأي رد فعل يوازي ثقل الصدر في الشارع، فإن المضي في مثل هذه الخيارات سيسرّع من المواجهة المباشرة بين الطرفين.
وترجح مؤشرات سياسية أن الصراع بين الصدر والمالكي مؤهل دائمًا لأن يتحول إلى إضرام شرارة مواجهة بين الميليشيات المنضوية تحت الإطار التنسيقي وميليشيا جيش المهدي.
ويرى مراقبون، ان التسريبات أدخلت العلاقات بين الطرفين في طريق اللاعودة، وأبعد من ذلك، احتمالات الدخول في اقتتال داخلي بين التيار الصدري والأجنحة العسكرية لقوى الإطار التنسيقي.
وقال الكاتب السياسي ماجد أحمد السامرائي أن الحلقة الأخطر التي أوقعت المالكي بما هو فيه الآن صراعه المتصاعد مع الصدر، ووصوله إلى مستويات رخيصة كشفتها تسريبات التسجيلات الأخيرة.
وأكد بقوله إن هذا الصراع أسقط مشروع المالكي الطائفي لأن المتصارع هو شيعي أيضًا وبذلك تسقط كل المعادلة الطائفية التي يقوم عليها مشروعه.
وأضاف “أن انهيار زعامة المالكي تحققت لدى شعب العراق منذ سنوات، لكن ما يحصل الآن هو انهيار المنظومة السياسية الشيعية جميعها لأن عمودها الفقري هو المالكي ذاته”.
وشدد على أن واقع الحال يقول إن انهيار زعامة المالكي أنهت حزب الدعوة أيضًا، موضحًا أن “تسريبات مجيء قيادة جديدة للحزب أكذوبة، كما أن الزعامات الشيعية المعمّمة وغير المعممة غير قادرة على مواصلة التحكم في قيادة العراق، ذلك أن جميع هذه القيادات غارقة اليوم في كيفية تصريف الأموال المسروقة وتخليصها من حكم الشعب المقبل. هم يعلمون بالتفصيل أن الأمريكان والبريطانيين لديهم جميع الوثائق المالية المسروقة من العراق”.
ويرى محللون، أن أي انقلاب سياسي يدبره المالكي سيستهدف التيار الصدري ورئيسه في المقام الاول، وشركاء العملية السياسية من العرب والأكراد المتحالفين ضمنًا مع التيار الصدري في المقام الثاني، والنظام السياسي برمته.
وفي تغريدة للصدر أشار أنه كان في مرات عدة وراء “حقن دماء العراقيين بمن فيهم المالكي نفسه”، في إشارة إلى صِدام سابق عام 2008 بين القوات الأمنية التي كان يقودها رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي بصفته القائد العام للقوات المسلحة، وميليشيا جيش المهدي الجناح العسكري للتيار الصدري.
وأعيد انتخاب المالكي لولاية رئاسية ثانية بين عامي 2010 و2014 تميزت بنهج الاستحواذ على كامل السلطات وإقصاء الشركاء.
ولعب الدور الأساسي في ذلك، الدعم الأمريكي والتأييد الإيراني له في عملية “صولة الفرسان” ضد عناصر التيار الصدري في البصرة.
وبعد مقاطعة مؤقتة للعملية السياسية، دخل التيار الصدري في تحالف استراتيجي مع حزب الدعوة عام 2006 بقيادة المالكي.
ولم تؤثر عملية “صولة الفرسان” على خيارات الصدر في الاشتراك بحكومة المالكي عام 2010.
كما كان نواب كتلة التيار الصدري عامل الترجيح في التجديد للمالكي لولاية ثانية عام 2010 وهو ما تمّ له بأصوات هذه الكتلة.
لكن العلاقة تراجعت مُنذ منتصف الولاية الثانية للمالكي ثم تحولت إلى حالة عداء بينهما كعنوان أبرز للعلاقات داخل الأحزاب الولائية، وهو عداء متحول محكوم بظرفه الزماني والتنافس السياسي المرحلي.
ويحاول مقتدى الصدر، وفق مراقبين، تبني منهجًا نفعيًا في التعاطي مع الواقع المعقد في العراق دون أن يمتلك رؤية واضحة تقوده إلى الإصلاح السياسي والقضاء على الفساد داخل مؤسسات الدولة، وهو جزء أصيل من هاتين السلطتين التي يحاول إصلاحها ومحاربة الفساد داخلها.
ويحمّل الصدر “خصمه” المالكي مسؤولية استشراء الفساد وأعمال العنف خلال فترتي ولايته (2006 الى 2014)، واجتياح الموصل ومدن ومحافظات عراقية أخرى من قبل تنظيم داعش في حزيران 2014 أثناء محاولته التجديد لولاية رئاسية ثالثة بعد انتخابات أيار 2014.
وفي انتخابات تشرين الأول 2021، حازت الكتلة الصدرية على 73 مقعدًا نيابيًا.
وبعد ثمانية أشهر من فشله في تشكيل حكومة “اغلبية وطنية”، دعا الصدر نوابه لتقديم استقالاتهم من البرلمان في الثاني عشر من حزيران الماضي.
واشترط الصدر سابقًا على الإطار التنسيقي ألا يكون المالكي جزءًا من الحكومة.
وفتحت استقالة نواب الكتلة الصدرية الباب أمام قوى الإطار التنسيقي لإعلان مرشحهم لرئاسة الوزراء وتشكيل الحكومة العراقية الجديدة.
ويرفض التيار الصدري صراحة القبول بتسمية الاطار أي مرشح لرئاسة الوزراء لا تنطبق عليه المعايير التي وضعها رئيس التيار بتسمية شخصية مقبولة من مرجعية النجف، وغير جدلية، ولم يسبق ان اتهمت بملفات فساد.
لكن في الحقيقة وعلى خلفية العداء “الشخصي” مع المالكي، فإن الصدر لن يقبل بالمرشح محمد شياع السوداني وبأي شخصية قريبة أو محسوبة على المالكي، أو على ائتلافه “دولة القانون”.
ومن المتوقع أن يواصل التيار الصدري اللجوء إلى خيار تحشيد الشارع لمنع تشكيل أي حكومة يقودها الإطار التنسيقي مع زيادة حدة التصعيد الإعلامي بين الطرفين المتنافسين.
وبدد اقتحام أنصار التيار الصدري مبنى البرلمان، الأربعاء، طموحات وآمال الإطار التنسيقي بتشكيل حكومة وصفوها بأنها حكومة “خدمة وطنية” بعد أن فتحت استقالة نواب الكتلة الصدرية الأبواب أمامهم.
ولا تبدو ثمة فرصة أمام مرشح الإطار التنسيقي محمد شياع السوداني للمضي قُدمًا باتجاه تشكيل الحكومة رغم تصريحاته بتمسكه بالترشيح وتشكيل الحكومة الجديدة.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى