أخبار الرافدين
تغطية خاصةتقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

القضاء يدخل لعبة العبث السياسي وتقاسم الحصص الحكومية في العراق

رئيس سابق للمعهد القضائي: صار القضاء يداهن ويخضع وينافق الأحزاب السياسية وفقًا لمصالح لا تمت بصلة لمفاهيم العدالة.

بغداد- الرافدين
قللت مصادر سياسية وقانونية من أهمية قرار تعليق مجلس القضاء أعماله، متسائلة عما إذا كان القضاء في العراق مخلصا لجوهر العدالة، أم انه مجرد هامش لعملية سياسية فاشلة منذ عام 2003.
وأعرب خبير قانوني عراقي ترأس المعهد القضائي على مدار 12 سنة في ثمانينات القرن الماضي، عن أسفه أن يكون القضاء في العراق هامشا لعبث سياسي وتنافس على الحصص بين قوى وأحزاب فاشلة.
وقال الخبير القضائي مفضلا عدم ذكر اسمه حفاظا على سلامته، في تصريح لقناة “الرافدين” “لم يحدث في تاريخ القضاء العراقي، هذا الانحدار في مستوى العدالة وعدم الإخلاص لجوهر القضاء. عندما تحول القضاء الى لاعب سياسي يتنافس بين المتصارعين على حصتهم في مغانم الدولة”.
وأضاف “للأسف الشديد أن القضاء صار يداهن ويخضع وينافق الأحزاب السياسية وفقا لمصالح أنانية لا تمت بصلة لمفاهيم العدالة الوطنية العليا”.
وشدد بقوله على أن العراقيين لا يشعرون بوجود قضاء عادل لديهم، لذلك لا يمكن أن يأخذوا قرار تعليق مجلس القضاء أعماله، على محمل الجد، وتساءل “ماذا قدم لهم القضاء منذ عام 2003 كي يتأثروا بتعليق أعماله”.
ويتهم القضاء في العراق بالازدواجية والكيل بمكيالين فهو يسارع لإصدار أشد العقوبات ضد المواطنين والمتظاهرين على الرغم من افتقار الأدلة في كثير من الأحيان بينما يغض الطرف عن الأدلة الدامغة في كثير من الجرائم المكتملة الأركان لمتنفذين وزعماء ميليشيات وسياسيين فاسدين.
وأعلن مجلس القضاء تعليق أعماله، والمحاكم والمحكمة الاتحادية على خلفية الاعتصام المفتوح لمتظاهري التيار الصدري أمام مقره في بغداد.
وكان رئيس مجلس القضاء الأعلى، فائق زيدان، أكد على أهمية اعتماد السياقات الدستورية والقانونية لحلحلة الأزمة السياسية المتصاعدة بين التيار الصدري والإطار التنسيقي.
وتعقد المحكمة الاتحادية العليا نهاية شهر آب الجاري جلسة للنظر في الدعوى التي تقدمت بها أطراف في التيار الصدري بشأن الإجراءات القانونية حول تأخر تشكيل الحكومة وفق التوقيتات الدستورية.
في غضون ذلك باشرت محكمة تحقيق الكرخ الأولى الثلاثاء، في جمع الأدلة عن جريمة تهديد المحكمة الاتحادية العليا، لاتخاذ الإجراءات القانونية بحق الفاعلين، وفق بيان لمجلس القضاء الأعلى.
وذكر البيان “عقد مجلس القضاء الأعلى والمحكمة الاتحادية العليا اجتماعا حضوريا وإلكترونياً صباح الثلاثاء على إثر الاعتصام المفتوح لمتظاهري التيار الصدري أمام المجلس للمطالبة بحل مجلس النواب عبر الضغط على المحكمة الاتحادية العليا لإصدار القرار بالأمر الولائي بحل مجلس النواب وإرسال رسائل تهديد عبر الهاتف للضغط على المحكمة”.
وقرر “المجتمعون تعليق عمل مجلس القضاء الأعلى والمحاكم التابعة له والمحكمة الاتحادية العليا احتجاجا على هذه التصرفات غير الدستورية والمخالفة للقانون وتحميل الحكومة والجهة السياسية التي تقف خلف هذا الاعتصام المسؤولية القانونية إزاء النتائج المترتبة على هذا التصرف”.
غير أن مراقبين يرون ان تعليق عمل مجلس القضاء، مجرد إكمال لصورة العبث السياسي القائم والصراع على المناصب بين التيار الصدري والإطار التنسيقي الذي تنضوي تحته الميليشيات الطائفية.
ويرى رئيس المركز الوطني للبحوث والدراسات المحامي كامل الحساني أن رئيس مجلس القضاء فائق زيدان يهيمن على السلطة القضائية في العراق ويتحكم في جميع القرارات.
وسبق وأن أشار تقرير صادر عن قسم حقوق الإنسان في هيئة علماء المسلمين في العراق، إلى أن لجان التحقيق في العراق تعد أداة من أدوات الفساد وطمس الحقيقة.
وذكر التقرير أنه منذ 2003؛ لم يُحَل إلى القضاء في العراق أحد من مرتكبي الانتهاكات أو المتورطين بملفات الفساد من العملية السياسية، وإذا شكلت لجنة للتحقيق بشأن جريمة نكراء أو قضية فساد كبرى ارتكبها هؤلاء، فإنها تكون عملية صورية لامتصاص النقمة الشعبية.
ولا تقتصر المساومات السياسية على إعطاء صك الغفران للقتلة والجناة المتورطين بسفك دماء المتظاهرين كما يقول مراقبون، بل تتعدى ذلك لتشمل تجار المخدرات الذين يمكن لهم الخروج من السجن مقابل صفقة فساد مالي.
وبدأ العشرات من أنصار مقتدى الصدر اعتصاما مفتوحا أمام مبنى مجلس القضاء الأعلى في العراق.
واحتشد أتباع الصدر أمام البوابة الخارجية لمجلس القضاء الأعلى بحي الحارثية، أحد مداخل المنطقة الخضراء الحكومية، وشرعوا بنصب السرادق والخيام وبدأوا اعتصاما مفتوحا هو الثاني من نوعه للتيار الصدري عند بوابات المنطقة الخضراء الحكومية.
ورفع المتظاهرون لافتة تحمل خمسة مطالب، هي حل البرلمان، وتحديد الكتلة الأكبر، ومحاربة الفساد والفاسدين، وفصل الادعاء العام عن القضاء العراقي، وعدم تسييس القضاء.
وانتشرت قوات حكومية في محيط السياج الخارجي لمبنى مجلس القضاء الأعلى وعند البوابة الرئيسية.
وحذر رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي من أن تعطيل عمل المؤسسة القضائية يعرض البلد إلى مخاطر حقيقية، مع ضرورة احترام مؤسسات الدولة للاستمرار بأعمالها في خدمة الشعب.
وأبدى رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي، اعتراضه على التصعيد الأخير للصدريين بالاعتصام أمام مبنى مجلس القضاء وسط العاصمة بغداد.
وقال الحلبوسي الذي يعد أحد حلفاء التيار الصدري في تغريدة له “لا ينبغي أن تكون خصومتنا مع القضاء الذي نحتكم إليه جميعا إذا اختصمنا”.
ويأتي توسيع هذا الاعتصام فيما يقيم مناصرو التيار الصدري منذ ثلاثة أسابيع اعتصاماً في محيط البرلمان العراقي، للمطالبة بحلّ البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة. لكن خصوم الصدر في الإطار التنسيقي الذي يضمّ كتلة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي وكتلة الفتح الممثلة لميليشيا الحشد الشعبي، يريدون من جهتهم بتشكيل حكومة قبل الذهاب إلى انتخابات مبكرة.
ويقيم مناصرو الإطار التنسيقي بدورهم اعتصاماً أمام المنطقة الخضراء التي تضمّ مؤسسات حكومية ومقرات دبلوماسية غربية منذ الثاني عشر من آب.
وارتفع مستوى التصعيد بين الطرفين منذ أواخر تموز، مع تبادلهما الضغط في الشارع وفي التصريحات، من دون أن تتطوّر الأمور إلى عنف.
وبعد عشرة أشهر على الانتخابات التشريعية، لا تزال القوى السياسية في العراق عاجزة عن الاتفاق على انتخاب رئيس جديد للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة.
ولم تفضِ محاولات الحوار بين الطرفين إلى نتيجة بعد. وعقد قادة الكتل السياسية العراقية في قصر الحكومة في بغداد اجتماعاً، قاطعه التيار الصدري، وكان دعا إليه رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي في محاولة لإيجاد مخرج للأزمة.
وكرّر التيار الصدري رفضه للحوار أكثر من مرّة. وقال الصدر في تغريدة إنه قدّم “مقترحاً للأمم المتحدة لجلسة حوار علنية… فلم نرَ جواباً ملموساً”.
وأضاف “لا يتوقعوا منّا حواراً سرياً جديداً بعد ذلك”، مضيفاً “لقد تنازلت كثيراً من أجل الشعب والسلم الأهلي. وننتظر ماذا في جعبتهم من إصلاح ما فسد لإنقاذ العراق”.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى