أخبار الرافدين
تغطية خاصةتقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

صراع التيار والإطار لإعادة إنتاج مشهد جديد دون تغيير العملية السياسية الفاسدة

مقرب من السيستاني: التصعيد الحالي تحت السيطرة، لأنه جانب من أدوات الضغط التي يمارسها الطرفان على بعضهما البعض.

بغداد- الرافدين
استبعد مراقبون سياسيون أن تفضي المواجهات المسلحة بين أنصار التيار الصدري وميليشيات الحشد الشعبي، إلى الوصول إلى المعادلة الصفرية التي يتوق لها العراقيون بتحطيم العملية السياسية الفاشلة على رؤوس مشيدها.
وأجمع المراقبون في قراءات سياسية لما يحصل من تصعيد في المنطقة الخضراء، على أن المواجهات مجرد إعادة ترتيب للعملية نفسها وبالوجوه ذاتها من أجل تقسيم جديد لحصص الدولة المخطوفة منذ الاحتلال الأمريكي عام 2003.
وأكدوا على أن الصراع بين التيار والإطار لا يمثل جوهر ثورة تشرين التي طالبت بوطن جامع للعراقيين برمتهم وإنهاء العملية السياسية الفاشلة واقتلاع الأحزاب الفاسدة، لأن المتصارعين اليوم في حدود المنطقة الخضراء هم أركان العملية السياسية الهشة نفسها. لذلك بقي المشهد محصورًا عليهم، فكل التوقعات تشير إلى اتفاقهم لاحقًا على تقسيم ما بقي من “غنيمة الدولة”.
في غضون ذلك قلل مقربون من مرجعية النجف من احتمالات وقوع مخاطر الاقتتال الشيعي-الشيعي، ونقل موقع “ميدل ايست آي” الذي يصدر باللغة الإنجليزية في العاصمة البريطانية لندن عن مصدر مقرب من علي السيستاني قوله إن “جميع المعلومات والإشارات المتاحة تشير إلى أن التصعيد الحالي ما زال تحت السيطرة، وإنه جانب من أدوات الضغط التي يمارسها الطرفان على بعضهما البعض”، مضيفًا إن “تقييمنا للوضع هو أن الاشتباك سيحدث لكنه سيكون محدودًا، وهو سيكون نتيجة الخطاب المتوتر”.

الدكتور مثنى الضاري: الأزمة ستنتهي إلى لا شيء

واستبعد مسؤول القسم السياسي في هيئة علماء المسلمين في العراق الدكتور مثنى حارث الضاري حدوث فوضى كبيرة جراء ما تشهد العاصمة بغداد، متوقعًا إعادة إنتاج مشهد جديد دون تغيير.
وقال الدكتور الضاري في حوار مع وكالة الأناضول؛ إن ما يجري في بغداد ليس مُفاجئًا، وسبق أن تحدثت هيئة علماء المسلمين في العراق بأن الأزمة ستنتهي إلى لا شيء، مضيفًا بالقول “اعتدنا في العراق على هذه التوترات والاضطرابات، والتي تنتهي إلى تسويات قائمة على أساس التوافق في النظام السياسي المرعي دوليًا وإقليميًا”.
واتفق الكاتب والمحلل السياسي الدكتور رافع الفلاحي مع ما ذهب إليه الدكتور الضاري بالقول “من يعتقد بأن ما يجري من مواجهات مسلحة في بغداد وعدد من المدن، هي مفاجأة فإنه إما أن يكون جاهلًا في حقيقة القوى اللاعبة على الساحة العراقية منذ احتلال العراق عام 2003 وحتى الآن، أو يريد التضليل وجعل الأمور تذهب إلى فلسفة غير منطقية معتمدًا بذلك على توجيهات خارجية وداخلية تتحدث عن ما يسمى بالبيت الشيعي المتماسك بفضل عقيدة راسخة، وتلك من القصص الوهمية التي يراد للعقل العراقي أن يقتنع بها ويضعها موضع المسلمات التي لا يجوز مناقشتها أو حتى الدنو منها”.

الدكتور رافع الفلاحي: ما يجري اليوم حصاد ما زرع من قبل المحتل الامريكي

فيما عدّ الدكتور مثنى حارث الضاري تحركات الصدر؛ بأنها متوقعة إلى حدّ كبير أن ينسحب من المشهد السياسي بطريقة أو بأخرى، وأن لا يمضي بعيدًا في تنفيذ مطالبه، وهذا ما حصل اليوم، وتكرر في الأعوام الماضية، مُرجحًا أن يأخذ أتباع التيار الصدري وقتهم في القصر الحكومي ومجلس النواب والمؤسسات الأخرى التي اقتحموها، ثم تعود الأمور إلى طبيعتها، وتمضي العملية السياسية بكل سلبياتها ومآسيها.
وأضاف مسؤول القسم السياسي في هيئة علماء المسلمين “إن الأمور ستحسم لصالح تحالف الإطار التنسيقي ومن معه، بعد تدخل إيران في ذلك، مرجحًا عدم حدوث فوضى كبيرة؛ لأن الأمور مُسيطر عليها، وأن ما سيظهر خلال الأيام القادمة هو إعادة إنتاج مشهد جديد دون تغيير”.
وسبق أن ناقش عناصر في الإطار التنسيقي الذي تنضوي تحته الميليشيات الولائية مصير المصالح النشطة التي تسيطر عليها، فيما لو نجح الصدر في قلب المعادلة الطائفية لصالحه.
وكان جناح ضد التصعيد داخل الإطار، يمثله زعيم ميليشيا بدر هادي العامري، يعارض اندفاع رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي ورئيس ميليشيا العصائب قيس الخزعلي لتشكيل حكومة إطارية، تستحوذ على المفاصل المالية والعسكرية، بغياب الصدر.
ونقلت مصادر صحفية عن مقربين من العامري قوله، إنه “يجد في هذا الطريق نهاية سريعة لمشروع الإطار وفق التوجهات الإيرانية التي تدافع عن حكم الطائفة، وأن الاستحواذ على كل شيء سينتهي بخسارة ما كان بيده قبل انسحاب الصدريين”.
وتحت مظلة المالكي وحلفائه وبتنسيق من حزب الله اللبناني، تتحرك مصالح اقتصادية واسعة ضمن شبكات متداخلة من رجال الأعمال والمسؤولين الحكوميين. ويشعر هؤلاء بالقلق من مستقبل مجهول في ظل طموحات الصدر السياسية. الأمر الذي يكشف ان الصراع مجرد خلاف على المصالح والحصص ولا يمت بأي صلة للمشروع الوطني، وسينتهي بمجرد الاتفاق على توزيع الحصص الحكومية.
وقال أحد رجال الاعمال الذي يدير مشاريع بين النجف ولبنان “كل شيء الآن في مرمى الصدر، الجميع مستنفر لحماية هذه المصالح بأي طريقة”.
وقال توبي دودغ الأستاذ في كلية لندن للاقتصاد “الصدر ليس ثوريًا. هو يريد استمرار النظام لكن على أن يكون في وضع يتيح له هيمنة أكبر”.
ووصف دودغ الأزمة بأنها “شجار داخل نخبة شعبيتها آخذة في التضاؤل، في بلد تسبب فيه سوء الحكم والإدارة والفساد في انقطاعات متكررة في الكهرباء والمياه وتفشي الفقر والبطالة رغم أن بالبلاد ثروات نفطية ضخمة”.

توبي دوغ: الأزمة عبارة عن شجار داخل نخبة شعبيتها آخذة في التضاؤل 

وأضاف دودغ أحد المحللين القلائل الذين يقرؤون المزاج السياسي والتاريخي العراقي من خارج عدسات السائح والصحفي البريطاني “ربما كانت هناك حسابات خاطئة وغلطات. لكن يبدو لي أنه يوجد في كل مرحلة من تلك العملية طرف أو آخر يتخذ خطوات لتجنب العنف”.
بينما وصف الدكتور الفلاحي ما يجري اليوم بأنه بعض حصاد ما زرع عام 2003 من قبل المحتل الأمريكي الذي تبنى فكرة الأكثرية والأقلية والمكونات والذي شكل العملية السياسية القائمة وفقا لمبدأ المحاصصة الطائفية والعرقية، فوزع مساحات النفوذ وفقا لذلك بين أطراف العملية السياسية، الذين وجدوا العملية مفيدة جدًا لهم بما تعوده عليهم من مكاسب مادية وسلطوية وفي ظل دستور ملغوم وكسيح يشجع على ذلك ويمنحه الشرعية.
وأضاف الدكتور الفلاحي في تصريح لقناة “الرافدين “كان واضحًا ومنطقيًا أن يبدأ كل طرف بالبحث عن عوامل القوة لكي يمتلكها وبما يؤهله للتمدد على حساب الأخرين، وأن كان الأمر يبدو في البداية وكأنه موجهًا إلى طرف بعينه (السنة) إلا أن ذلك كان مجرد خطوة باتجاه خطوات لاحقة نرى بعضها اليوم في الصراع المسلح”.
وأوضح “غالبية قوى العملية السياسية وجدت في امتلاك المال والسلاح الأدوات الأساسية في تحصين نفسها وقدرتها على فرض وجودها وإمكانية تمددها، وهي فكرة لم ولن تغادر عقول كل قوى العملية السياسية لأن فيها وجودهم واستمرار مكاسبهم وهو أمر يجعل منهم رقمًا صعبًا بنظر رعاة العملية السياسية (إيران وأمريكا)، وقد وجدوا في تطبيقه استجابات كبيرة من قبل الرعاة في إزاحة وتهميش من يقولون عنهم شركاء، سواء بالقتل أو التهميش أو الإجبار على الإذعان، وخاصة السنة، وأن نهاية كل ذلك كانت ستقود الى استعمال نفس الأسلوب ضد بعضهم البعض مما يطلق علية تسمية البيت الشيعي”.
واستخلص الفلاحي في نهاية كلامه بأن ما يحصل اليوم متوقع جدًا وطبيعي جدًا في ظل ما تأسس عليه الوضع وما أنجز من خطوات، لكن يبقى أن من يدفع الثمن هو العراق وشعبه وقد ادخلوه عنوة في فقاعة الفوضى التي لن تنتهي إلا بسقوط العملية السياسية وكل قواها.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى