أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

استقالة الحلبوسي لعب مكشوف لسرقة الاهتمام من تجديد ثورة تشرين

التصويت على استقالة محمد الحلبوسي إجراء شكلي، على خلفية المساومات السياسية وراء الكواليس.

بغداد- الرافدين
وصف مصدر سياسي عراقي الاستقالة المزعومة لرئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، باللعب السياسي المكشوف والسطحي، لسرقة الاهتمام من تداعيات الاستياء الشعبي ضد الطبقة السياسية الفاشلة.
وقال المصدر في تصريح لقناة “الرافدين” ان محاولة الحلبوسي بالاتفاق مع أحزاب وقوى الإطار التنسيقي التي لم تصوت له في المرة السابقة، على اعلان الاستقالة الشكلية، في هذا التوقيت يهدف إلى حرف انظار الرأي العام، بينما بغداد مقبلة على تجديد ثورة تشرين.
وأكد على أن الاستقالة “لن تؤخر أو تقدم” في وضع الطبقة السياسية الفاسدة التي تعاني من صراع وجودي مع ثورة العراقيين القادمة لتغيير العملية السياسية برمتها.
وتتزامن استقالة الحلبوسي مع الاستعدادات الشعبية في بغداد والمحافظات للتظاهر في الذكرى الثالثة لانطلاق ثورة تشرين، الأمر الذي يضع العملية السياسية أمام مأزق حقيقي يهدد وجودها.
ولا يتوقع غالبية المراقبين قبول أعضاء مجلس النواب استقالة الحلبوسي في الجلسة المقررة يوم الأربعاء، خصوصا من قبل نواب الإطار التنسيقي الذي يأمل بتشكيل الحكومة.
وللمضي في إنجاز مهامه رئيسا لمجلس النواب، فإن الحلبوسي بحاجة إلى إعادة ترميم علاقاته مع قوى الإطار التنسيقي التي باتت القوة المرشحة لتشكيل الحكومة الجديدة، إلى جانب أن نواب الإطار سيشكلون الكتلة النيابية الأكثر عددا في المجلس.
وبحسب مراقبين سياسيين، فإن هذا التصويت لا يتعدى كونه إجراءً شكلياً، وبمثابة إعادة منح للثقة للحلبوسي على خلفية المساومات السياسية وراء الكواليس.

الدكتور رافع الفلاحي: الحلبوسي يعرف جيدًا من أين تؤكل الكتف

وقال الكاتب والمحلل السياسي الدكتور رافع الفلاحي “الحلبوسي يعرف جيدا من أين تؤكل الكتف، لاسيما وأن مقتدى الصدر سيبقى مرحبا بوجوده رئيسا لمجلس النواب وفق التفاهمات المسبقة مع التيار الصدري، سواء بوجود نواب التيار في البرلمان أو خارجه”.
وأضاف الفلاحي في تصريح لقناة “الرافدين” “عندما تم انتخاب الحلبوسي رئيسا للمجلس كان للتيار الصدري ثقلا في ذلك، بينما نواب الإطار التنسيقي وهم يشكلون اقلية آنذاك، كانوا ضد انتخابه، وبعد انسحاب نواب التيار الصدري وجد الحلبوسي نفسه مكشوفا وانه سيواجه رفضا برلمانيا لا يستطيع الوقوف امامه، لذلك قرر الآن (والان فقط) تقديم استقالته، لأنه يعرف ان لا بديل له وفق المحاصصة، كما لا يمكن للإطار في ظل الصراع مع التيار ان يدفع بشخصية اخرى قد تثير الصدر اكثر ويصبح عندها الحلبوسي بطلا”.
ووصف الفلاحي تقديم الاستقالة بالمدروس في توقيته وظروفه، فالحلبوسي يعرف جيدا، بل ومتأكد تماما انهم سيتمسكون به، وعندها يكون الإطار هو من اختاره لهذا المنصب فلا يستطيعون وضع العصي في دولاب حركته.
وفي النهاية – وفق الدكتور الفلاحي- هي خطوة محسوبة تعود بالنفع على الحلبوسي نفسه وتحصنه في مواجهة كان يمكن ان يخسر فيها كل شيء.

كرم نعمة: الحلبوسي لا يمثل النموذج الوطني الذي تنتظره البلاد

بينما يرى الكاتب العراقي كرم نعمة أن الحلبوسي جزء من لعبة التقسيم الطائفي التي أصابها الوهن، فهو ليس خيارا سياسيا وفق تقاليد وطنية وديمقراطية، وإنما خيارا وفق طائفة الحلبوسي، بغض النظر عن وعيه وتجربته السياسية.
وكتب نعمة في مقال موسع بعنوان ” محمد الحلبوسي زعيم السنة في العراق كما تريده إيران” “إذ يندفع الحلبوسي في التحالفات التي تنفذ أجندة إيران في العراق، فهو يستمر في نفس التنازلات التي قدّمها منذ تقلده منصب محافظ الأنبار عام 2014.
وأضاف “في النهاية، الحلبوسي الذي لا يخفي البعض من العراقيين إعجابهم بأناقته كأفندي وسط رؤساء الأحزاب الطائفية، لا يمثل النموذج الوطني الذي تنتظره البلاد، سواء أراد ذلك أم عجز عن الوصول إليه، لأنه خاضع لتقسيم طائفي لا يمكن العبور عليه وفق اتفاقات المنطقة الخضراء المبرمة بين السياسيين الفاسدين”.
وقال كرم نعمة “سيبقى الحلبوسي السني وليس العراقي، في منصبه كرئيس للبرلمان المتوقع التجديد له”.
ويعقد البرلمان الأربعاء المقبل جلسته الأولى منذ احداث العنف الدامية التي هزّت البلاد في التاسع والعشرين من آب والاعتصام الذي أقامه مناصرو مقتدى الصدر لفترة وجيزة في محيط المجلس قبل شهرين.
وبلغ التوتر ذروته عندما وقعت اشتباكات بين مناصري الصدر وعناصر من الجيش والحشد الشعبي. وقتل في هذه المعارك أكثر من ثلاثين من مناصري التيار الصدري.
ووضع المجلس على رأس جدول أعمال الجلسة المقررة إجراء عملية تصويت على استقالة رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، حليف التيار الصدري.
وكان من المنتظر أن يتضمن جدول أعمال أول جلسة برلمانية مقبلة للمجلس التصويت على انتخاب رئيس جديد للجمهورية، لكن حالت دون ذلك الخلافات بين حزبي الاتحاد الوطني الكردستاني والديمقراطي الكردستاني بشأن طرح مرشح واحد مسترك لرئاسة الجمهورية أو دخول المجلس بأكثر من مرشح.
ويشهد العراق مأزقاً سياسياً شاملاً منذ الانتخابات التشريعية في تشرين الأول 2021، مع عجز التيارات السياسية عن الاتفاق على اسم رئيس الوزراء المقبل وطريقة تعيينه.
وقال المحلل السياسي سجاد جياد لوكالة الصحافة الفرنسية إن “الحلبوسي لا يخطط للاستقالة، لكن من خلال السماح بتصويت محتمل بالثقة، يتوقع من شركائه منحه دعما قويا يضع حداً لكل محاولة لإقالته مستقبلاً”,
واضاف جياد الباحث في مركز أبحاث “سنتوري إنترناشونال” أن هذه طريقة “لترسيخ مكانته كزعيم سياسي للسنة والضغط على الأحزاب الشيعية والكردية للتسريع في تشكيل الحكومة”.
ويرأس الحلبوسي حزب تقدم، وهو أحد مكونات تحالف السيادة برئاسة خميس الخنجر، وهو تحالف يشكل مع الحزب الديمقراطي الكردستاني والكتلة الصدرية تحالف “إنقاذ وطن” الذي أعلن عنه رئيس التيار الصدري مقتدى الصدر في مرحلة مفاوضات تشكيل الحكومة.
ولعبت الكتلة الصدرية والحزب الديمقراطي الكردستاني الدور الأكبر في التجديد لرئيس مجلس النواب الحلبوسي لدورة رئاسة ثانية في الجلسة الأولى للمجلس، في التاسع من كانون الثاني الماضي، بينما حاول أعضاء الإطار التنسيقي منع التجديد له.
ومن المتوقع أن تنعكس الخلافات داخل الإطار التنسيقي على التصويت على استقالة الحلبوسي، إذ سيمتنع عن التصويت التيار المعتدل داخل الإطار، بينما من المتوقع أن يصوت عليها التيار المتشدد.
وتراهن قوى سياسية عراقية على استمرار وتطور الخلافات داخل الإطار التنسيقي، الذي انقسم إلى تيارين، أولهما يضم رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، ورئيس ميليشيا العصائب قيس الخزعلي، ورئيس تيار الحكمة عمار الحكيم.
وهذا التيار متشدد يصر على المضي بتشكيل حكومة يرأسها محمد شياع السوداني، دون الأخذ بالحسبان رؤية ورغبات التيار الصدري، الذي يرفض ترشيح السوداني ويدعو إلى إجراء انتخابات مبكرة.
أما التيار الثاني داخل الإطار التنسيقي فيضم رئيس ميليشيا بدر هادي العامري، ورئيس ائتلاف النصر حيدر العبادي، ورئيس تحالف العقد الوطني فالح الفياض، ويدعو إلى الحوار مع الصدر وعدم إغضابه وتلبية معظم رغباته.
ويُعتقد أن الحلبوسي اختار توقيتا في غاية الدقة لإعلان استقالته المشروطة بموافقة أغلبية الأعضاء الحاضرين بالتزامن مع أنباء عن تفاهمات لإعلان تحالف سياسي جديد.
وسبق للحلبوسي أن تعرض لضغوط وتهديدات أثناء فترة مفاوضات الكتلة الصدرية لتشكيل الحكومة وتصاعدت مطالبات بإقالته على خلفية اتهامات بالتبعية لدول عربية وإقليمية.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى