أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

عمالة الأطفال في العراق.. الظاهرة والمأساة

4 من بين كل 10 أطفال يتركون الدراسة ويلتحقون بسوق العمل في العراق بسبب الفقر وغياب قوانين حماية الطفل

بغداد – الرافدين
أعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونسيف) أن ثلث أطفال العراق يعيشون ظروفًا اقتصادية صعبة تجبرهم على العمل لإعانة عائلاتهم، وأوضحت المنظمة في تقرير لها عن واقع الطفولة في العراق صدر في شهر حزيران من سنة 2022، أن عمل الأطفال في العراق تزايد في السنوات الأخيرة نتيجة النزوح والتحديات الاقتصادية والاجتماعية، وأن نسب الفقر بين الأطفال العراقيين ارتفعت كثيرًا، حيث يوجد طفلان فقيران بين كل 5 أطفال.
ودعت المنظمة الحكومة لوضع خطة مالية لمكافحة عمالة الأطفال من خلال تقديم إعانات مالية للعائلات الفقيرة لمنع إرسال أطفالهم إلى العمل.
الحكومات المتعاقبة لم تتخذ أي إجراءات للحد من هذه الظاهرة التي سجلت أرقامًا قياسية وحرمت الأطفال من حقهم في التعليم وعيش حياة كريمة، واكتفت بطرح قوانين ولدت ميتة كما يرى خبراء قانونيون.
ويقول هؤلاء الخبراء إن قانون العمل “37” لعام 2015 الأخير، منع تشغيل الأطفال دون سن 15، وحصر السماح بتشغيل من هم بين الخامسة عشرة والثامنة عشرة وفق شروط ورقابة ومهن محددة، لكن هذه القوانين ولدت مشلولة في الأصل، ولا تُطبق. فعلى الرغم من القوانين، إلا أن آلاف الأطفال ما زالوا يعملون في ظروف قاسية التي لا تراعي أي قانون وهم يسعون إلى توفير بضعة دنانير تعيل عائلتهم من الفقر والجوع.
يقول الباحث الاجتماعي، أحمد سعدون، إن “عمالة الأطفال أصبحت تتفاقم يوميًا بسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية لأغلب العائلات العراقية، والتي لم تجد أمامها سوى الدفع بأبنائها إلى الشوارع بحثاً عن لقمة العيش”.
وأضاف “حسب إحصائيات غير رسمية، فإن 4 من بين كل 10 أطفال دفعتهم الظروف الاقتصادية إلى ترك مقاعد الدراسة ودخول سوق العمل، وأغلبهم يعملون باعة جائلين”.
وبين أن أغلب الأطفال العاملين تتراوح أعمارهم ما بين 7 إلى 13 سنة، وأن هذه الفئة العمرية الأكثر خطرًا على البلاد، وإذا لم تعمل الحكومة والجهات المعنية على احتوائهم، ومحاولة إعادتهم إلى المدارس، أو تخصيص راتب شهري يسد احتياجاتهم ومتطلبات عوائلهم، فإنه سيجري استغلالهم في تنفيذ أعمال غير مشروعة.
وباتت مشاهد الأطفال في المعامل والشوارع وفي مواقع الطمر الصحي مألوفة في العراق بسبب معاناة أغلب المواطنين في ظل أزمة اقتصادية وفشل حكومي. الطفل علي مصطفى 13 سنة الذي يبيع المناديل الورقية وقناني المياه في الشوارع يقول، “تركت المدرسة الابتدائية في الصف الثاني لأعمل في بيع المناديل وقناني المياه في الشارع، لأعيل نفسي وعائلتي. جئت مع أبي إلى بغداد للعمل، ووالدي يعمل هو الآخر في بيع الشاي والمناديل لتأمين احتياجات العائلة”.
ويضيف علي “أتعرض خلال العمل في الشارع إلى مضايقات من أصحاب السيارات، ومن مجهولين يعرضون على ممارسة أعمال خطرة، والكثير من الأطفال الذين يعملون باعة جائلين يجري استغلالهم من العصابات ومروجي الممنوعات، لكنني أرفض ذلك”.
الطفل يوسف الذي يعتاش على النبش في مواقع الطمر الصحي في ديالى يقول “منذ أكثر من 3 سنوات أعمل في النفايات مضطرًا بعد تركي المدرسة.
تقول الكاتبة والباحثة ثائرة العكيدي في لقاء سابق لقناة الرافدين، إن ” ظاهرة عمالة الأطفال ليست جديدة فمنذ عام 2003 بدأت بالانتشار في العراق بسبب سياسات الحكومات المتعاقبة حيث قلت فرص العمل وازدادت البطالة”.
وأضافت العكيدي ” على الرغم من امتلاك العراق ثروات كثيرة فإن نسبة كبيرة من الأطفال يعيشون في فقر مدقع ويعمل جزء منهم في مواقع الطمر الصحي مع وجود مخاطر كثيرة على حياتهم”.
وأوضحت أن تشريع قانون الطفل لا يعني تنفيذه على أرض الواقع، فكثير من القوانين التي تشرع لا يعمل بها بسبب الفساد.
وفي تقرير لها قالت لجنة الإنقاذ الدولية، إن ظاهرة عمالة الأطفال في العراق تشوه براءة الأطفال، وتضع عبئًا ثقيلًا عليهم، وتعرض حياتهم للأذى والخطر.
وأوضح التقرير أن غالبية الأطفال في شرقي الموصل يعملون في ظروف غير آمنة، ويفتقر 95 بالمائة منهم لوثائق، وأن أكثر من نصف الأسر لديها طفل واحد على الأقل منخرط في العمل بسبب الوضع الاقتصادي.
أورد التقرير أن الظروف المرتبطة بانتشار عمالة الأطفال في شرقي الموصل موجودة في جميع المحافظات العراقية التي شهدت عمليات عسكرية، وأبرزها الأنبار وكركوك وصلاح الدين.
ودعت مديرة مكتب اللجنة، سمر عبود، المجتمع الدولي إلى الاهتمام بقضية عمالة الأطفال في العراق، ومواجهتها بكافة السبل المتاحة.
وأكدت أن هناك تقصيرًا حكوميًا واضحًا في ملف عمالة الأطفال، وأن الواقع يختلف كثيرًا بالنسبة للعديد من الأطفال في جميع أنحاء البلاد عما هو مأمول.
وحذرت الجمعية النفسية العراقية من خطورة الأضرار الجسدية والنفسية على حياة الأطفال بعد اضطرار آلالاف منهم للانخراط في سوق العمل.
ودعت الجمعية السلطات المعنية إلى العمل على الحد من ظاهرة عمالة الأطفال عبر تطبيق العدالة الاجتماعية.
وارتفعت نسبة الأمية إلى 13 بالمائة بين العراقيين لمن هم دون سن 10 سنوات، بعد أن كانت 12 بالمائة عام 2021، ووفقًا لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة فإن نحو 90 في المائة من الأطفال العراقيين لا تتاح لهم فرصة الحصول على تعليم مبكر وأن أقل من 54 في المائة من أطفال الأسر الفقيرة يكملون المرحلة الابتدائية.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى